أثار حكم المحكمة العامة بجدة بسجن المحامي المصري أحمد الجيزاوي خمس سنوات و300 جلدة صدمة بالغة في الأوساط المصرية، حيث لم يتوقع كثيرون أن يكون الحكم بهذه الدرجة بعد الحملة الإعلامية التي جرت خلال الفترة الماضية، وبالتالي فقد آثرنا أن نلقي بعضا من الضوء على الخيوط الأولى التي نسجت تلك الأزمة. البداية كانت مع المواطن المصري أحمد محمد ثروت محمد السيد وشهرته "أحمد الجيزاوي" الذي انتوى الذهاب مع زوجته إلى المملكة العربية السعودية أداء فريضة العمرة وذلك في 23 أبريل من عام 2012. ولكن السلطات السعودية ألقت القبض عليه في اليوم ذاته بتهمة حيازة كميات من مادة الزنيكس المحظورة تداولها في الأراضي المقدسة، وتم توجيه اتهام رسمي للجيزاوي بهذا الشأن في يوم 25 إبريل، قبل أن يتهمه المدعي العام السعودي فيما بعد باستغلال الدين لتهريب العقاقير مطالبا بإعدامه. الرواية المصرية كانت مختلفة عن نظيرتها السعودية، حيث أكدت وسائل الإعلام المصرية نقلا عن قيادات بنقابة المحامين وجمعيات حقوق الإنسان أن الجيزاوي هو ناشط حقوقي سبق أن تقدم بشكوى ضد المملكة العربية السعودية، بسبب ما وصفه بإساءتها معاملة السجناء المصريين، وأن السلطات السعودية كانت تعلم بقدومه مسبقا ولفّقت له القضية. كان هذا اليوم وهذا الاتهام إيذانا ببدأ صراع دبلوماسي وإعلامي مصري سعودي بسبب الجيزاوي، حيث فتحت وسائل الإعلام المصرية أبوابها لمختلف الضيوف الذين انتقدوا المملكة وشرطتها وسفيرها بشراسة قوبلت بشراسة مماثلة من وسائل الإعلام السعودية. أدانت أغلب الأحزاب والقوى والتيارات السياسية والقيادات البارزة ونقيب المحامين القبض على الجيزاوي وذلك قبل أن ينتقل لهيب تلك المشادات إلى الشارع، حيث دعا عدد من النشطاء إلى التظاهر والاعتصام أمام مقر السفارة السعودية بالقاهرة وقد تسبب ذلك في وقوع اشتباكات بين قوات الأمن وأكثر من ألف متظاهر حاولوا اقتحام السفارة ونجحوا في ذلك ولو بشكل جزئي. عقب هذا التصعيد المصري على المستويين الإعلامي والشعبي، قررت السلطات السعودية استدعاء سفيرها أحمد القطان من أجل التشاور مع إغلاق سفاراتها وقنصلياتها في مصر، فيما استدعى وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل سفير مصر بالمملكة للتحقيق بشأن تصريحات له تخص الجيزاوي لأحد وسائل الإعلام السعودية. وفيما اعتبره البعض تحركا بعكس اتجاه الشارع ذهب وفد مصري رفيع من رئيس مجلسي الشعب والشورى وممثلي الكنيسة وأساتذة الجامعات وعدد من الكتاب والصحفيين لمحاولة رأب الصدع الذي حدث بين البلدين، وانتهى الأمر بإعادة السفير السعودي واستئناف العمل بالسفارة. على مدار شهور عانت قضية الجيزاوي من ركود إعلامي واضح، تخلله بعض الوقفات لزوجته أمام السفارة السعودية واعتصامات في بعض الأحيان، ولكن دون فائدة ومع قرب موعد النطق بالحكم عليه تقدمت هي وأسرتها التماسا للعفو الملكي عن زوجها سلمه السفير علي العشيري مساعد وزير الخارجية للشئون القنصلية. اليوم يواجه الجيزاوي مصيرا مجهولا في السجون السعودية لخمس سنوات قادمة و300 جلدة سيكون على جسده أن يتحملها كي يدفع فاتورة نضاله الحقوقي لصالح السجناء المصريين بالسعودية (حسب الرواية المصرية) أو تهريبه المخدرات للأراضي المقدسة (حسب الرواية السعودية).