القاهرة – صباح السبت 11 ديسمبر 1993، يقف مصطفى الكخيا – شقيق منصور المعارض الليبي لنظام العقيد معمر القذافي، ووزير خارجية ليبيا الأسبق والقادم من بنغازي للقاء شقيقه – أمام موظف الاستقبال بفندق سفير بالدقي يسأل عن شقيقه الذي لم يرد على اتصاله به عبر الهاتف في غرفته، وأبلغه الموظف بأن السيد منصور موجود بالفندق ولم يغادر، حيث لم يترك أي رسالة تفيد بمغادرته الفندق أو لإبلاغ زواره بها في حالة مغادرته. في تلك الأثناء كنت في الطريق من مسكني بمدينة نصر إلى مكتبي بمقر جريدة "الحياة" اللندنية بجاردن سيتي، وعلى الأجندة المتابعات الصحفية اليومية المعتادة، وبعد ساعات معدودة بدأت الاتصالات تنهمر من أصدقاء في المعارضة الليبية بالقاهرة.. منصور اختفى.. اللجان الثورية الليبية خطفت منصور وربما قامت بتصفيته. بهاتين الفقرتين استهل الكاتب الصحفي محمد عبد الهادي علام الفصل الثاني في كتابه "قصة اغتيال بويصير والكخيا في مصر.. من ميونيخ إلى سيناء.. ومن القاهرة إلى المجهول"، والذي خصصه للحديث عن "اغتيال منصور الكيخيا" أحد أبرز وأشهر المعارضين الليبيين لحكم القذافي، وهو الفصل الذي نتناوله في الحلقة الثانية والأخيرة في استعراضنا للكتاب الصادر أخيرا -الحلقة الأولى على الرابط أسفل الموضوع- يقول علام واصفا الساعات الأخيرة قبيل اختفاء الكيخيا: "كان منصور قد وصل القاهرة في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف مساء يوم 29 نوفمبر على متن طائرة "إير فرانس" 1993 لحضور اجتماعات الجمعية العمومية للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، والتقى خلال زيارته مصر عددا من المعارضين الليبيين المقيمين بالقاهرة والإسكندرية لا سيما في "التحالف الوطني الليبي" الذي كان قد شارك مع الرائد عبد المنعم الهوني في تأسيسه وأصبح – بعد أن تركه الهوني – أمنيًا عاما له، كما التقى يوم الجمعة العاشر من ديسمبر – حسب إفادات أصدقاء له بعد اختفائه – وسطاء لإقناعه بلقاء موفدين من النظام الليبي في اليوم التالي (السبت)، وذكر أحد أقاربه - الذي أوصله إلى الفندق بعد لقائه الوسطاء مساء الجمعة - أنه سيلتقي مع الموفدين ولم يذكر له أسماءهم، وقال شهود عيان إنهم شاهدوه بالفعل صباح السبت أمام الفندق، حيث حضرت للمكان سيارة تحمل لوحات دبلوماسية استقلها وذهب".