رصدت المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، ما أسمته ب"العوار القانوني" الذى يظهر بالمواد الخاصة بجريمة التعذيب، وذلك خلال اختتام أعمال ورشة العمل الأولى، اليوم الإثنين، والتى عقدتها لمناقشة المواد الخاصة بجريمة التعذيب فى قانونى العقوبات والإجراءات الجنائية. وأظهرت ورشة العمل الأولى، التى ناقشت المواد المتعلقة بالتعذيب فى قانوني "العقوبات" و"الإجراءات الجنائية"، أن تلك المواد لا تتوافق مع التزامات مصر الدولية، خصوصًا اتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية والميثاق الإفريقى لحقوق الإنسان والشعوب والتى صادقت عليها مصر والتزمت بتعديل قوانينها طبقاً لتلك الاتفاقيات. أشار محمد زارع، رئيس المنظمة، إلى أن ذلك يأتى فى إطار حملتها لمناهضة جريمة التعذيب والتى بدأت فى أغسطس 2012 وتستمر لمدة عام، بهدف وضع مواد بديلة للقوانين المصرية للمواد المتعلقة بجريمة التعذيب والتى تشمل قوانين "العقوبات" و"الإجراءات الجنائية" و"السجون" و"الأحكام العسكرية"، و"الشرطة"، وتعليمات النيابة العامة والطب الشرعي وقانون الطوارئ، ثم إرسلها لرئيس الجمهورية كمقترحات لنصوص بديلة. وأضافت أن المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، رأت فى بيان لها، أن إصلاح البنية التشريعية الخاصة بمناهضة جريمة التعذيب هو بداية للقضاء على جريمة التعذيب وانتشارها داخل المجتمع المصري. وأشارت إلى أن التشريعات القائمة والإجراءات المتخذة بشأن حماية الأشخاص من التعذيب تتسم بالقصور وتعجز عن توفير الحماية لضحايا التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة ولأن جريمة التعذيب من الجرائم الأشد خطورة التى ترتكب بحق الإنسان.. رأت المنظمة أن عددًا من مواد التعذيب الموجودة بقانون العقوبات تحتاج إلى صياغة جديدة نظرًا لما يعتريها من قصور وعدم توافقها مع المواثيق الدولية الموقعة عليها مصر، كما أن بعض هذه المواد قد تصل إلى حد الإفلات من العقاب مما يظهر بشكل واضح فى المواد 126، 129، 280، 282 من قانون العقوبات، وأيضاً المواد 63، 77، 124، 139، 232 و475 الخاصة بقانون الإجراءات الجنائية. وأعادت المنظمة النظر إلى بعض المواد منها، المادة 129 التي تعاقب كل مستخدم عمومي وكل شخص مكلف بخدمة عمومية إذا استعمل القسوة اعتمادًا علي وظيفته، بحيث إنه أخل بشرفهم أو أحدث آلامًا بأبدانهم بالحبس مدة لا تزيد علي سنة أو بغرامة لا تزيد علي مائتي جنيه مصري، انصب الانتقاد علي العقوبات الهزيلة بتلك المادة، كما اقتصرت بالحماية علي الإيذاء البدني دون الإيذاء المعنوي. ورأت فى المادة 282 رغم اعتبارها جناية، إلا إنها قد انتقدت أيضًا بدورها لأنها لم تفرق بين وقوع الأفعال الواردة بها من فرد علي فرد أو من سلطة علي فرد، وكان من واجبها تشديد العقوبة بهذه الحالة الأخيرة، باعتبار أن التعذيب بهذه الصورة يأتي اعتمادًا علي السلطة الممنوحة للموظفين العموميين متمثلين في ضباط الشرطة. وأكدت المنظمة أن المادة 126 من قانون العقوبات أكثر المواد إثارة للانتقاد والجدل فهي التي تجرم تعذيب المتهم لحمله علي الاعتراف، حيث اشترطت ثلاثة أركان لوقوع الجريمة،هي: وقوع تعذيب علي متهم، وقوعه من موظف أو مستخدم عام، وأن يكون القصد من التعذيب هو حمل المتهم علي الاعتراف. أوضحت المنظمة أن المسافة الواسعة بين الاتفاقية وقانون العقوبات قد حاول القضاء ملأها، وحاولت المحاكم المصرية أحيانًا مد نطاق التأثيم ليشمل التعذيب المعنوي. وأضافت المنظمة أنه من عيوب المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية إذا رأت النيابة العامة بمواد المخلفات والجنح أن الدعوى صالحة لرفعها بناء على الاستدلالات التى جمعت تكلف المتهم بالحضور مباشرة أمام المحكمة المختصة، أنها قصرت حق الادعاء على النيابة العامة فقط فمن حقها تحريك الدعوى او إيقافها أو حفظها وتجاهلت المجني عليه. ورأت المنظمة فى المادة 77 قصورًا شديدًا لأن المادة لم تنص على حضور المحامى أما جميع مراحل الدعوى وعلى الأخص بمراحلها الأولى أثناء عمل محاضر الاستدلالات فى الأقسام ومراكز الشرطة. أعلنت المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، أنها تعكف حاليًا على إعداد نصوص بديلة لتلك المواد وستقوم بإرسالها إلى رئيس الجمهورية، لاستخدام صلاحياته فى التشريع لإصدار مراسيم بقوانين لتعديل تلك المواد كما ستقوم بإرسال نسخة إلى المستشار وزير العدل.