معجزة الأدب العربي، وأحد أقطابه في القرن العشرين، ينتهي نسبه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وفد جده الشيخ عبدالقادر من الشام إلى مصر في منتصف القرن الثالث عشر الهجري، وعلى يده تخرج كبار علماء مصر، وعمل الكثير من عائلة الرافعي الوافدين في القضاء حتى اجتمع منهم أربعون قاضيا في مختلف المحاكم المصرية في وقت واحد. ولد مصطفى صادق عبدالرزاق سعيد أحمد عبدالقادر الرافعي في 1 يناير 1880م فى مدينة بهتيم بمحافظة القليوبية فى بيت جده لأمه، وكان والده رئيسا لمحكمة شرعية، أما والدته فهي ابنة الشيخ الطوخي من أصول حلبية، استقي معارفه وثقافته من مكتبة والده، والمجالس الثقافية التي استضافها والده وضمت أعلام الأدب والعلم. حفظ القرآن الكريم وهو فى سن العاشرة من عمره، التحق بمدرسة دمنهور الابتدائية، وحصل على الشهادة الابتدائية من مدرسة المنصورة الأميرية وهو فى السابعة عشر ولم يكمل دراسته بعدها؛ بسبب مرضه الذي أفقده حاسه السمع، حيث أصيب بمرض التيفويد مما جعله ملازما للفراش عدة أشهر وتطور المرض معه حتى أصيب بفقدان كامل للسمع فى سن الثلاثين، وبالرغم من هذه الظروف كان لديه طموح كبير وإرادة قوية فعلم نفسه بنفسه واجتهد وساعده على ذلك مكتبة والده الزاخرة بنفائس الكتب الأدبية والشعر. عمل ككاتب فى محكمة طلخا فى عام 1899م، ثم انتقل إلى محكمة طنطا الشرعية ثم إلى المحكمة الأهلية التي بقي فيها إلى أن توفي. أصدر ديوانه الأول قبل أن يبلغ العشرين فى عام 1903م، وكان له صدى بين كبار شعراء مصر وأثنوا عليه، إلا أنه ترك الشعر واتجه إلى النثر الفنى الأدبى الذى برع فيه، وقدم العديد من المؤلفات الأدبية والدينية مثل: حديث القمر، أوراق الورد، تحت راية القرآن، إعجاز القرآن والبلاغة النبوية. ألف النشيد الوطني المصري الذي اعتمد بين عامى1923-1936م، وكذلك النشيد الرسمي التونسي "حُماة الحمى" الذي لا يزال معمولا به إلى يومنا هذا. وكان معروفا عنه أنه ضد قيود الشعر العربى التقليدى فى الوزن والقافية، وصُنف على أنه ناقد أدبي عنيف، حاد اللسان والطبع ولا يصطنع الأدب فى نضال خصومه، وكان يهاجم خصومه على طريقة عنترة، واهتم في كتابته بالتراكيب اللغوية بشكل أكبر من الألفاظ مع الحفاظ على تناسبها واتزانها، كما كتب بأسلوب "التناص القرآني"، وهو يعنى أن يتم كتابة النص الأدبي بتضمين أو اقتباس من القرآن. بدأ يكتب كل أسبوع مقالة أو قصة فى مجلة "رسالة" فى عام 1934م، جمع أكثرها في كتاب "وحي القلم"، ومما كتب فيه: "إذاَ استقبلتَ العالَمَ بالنفسِ الواسعةِ، رأيتَ حقائقَ السرورِ تزيدُ وتتسِعُ، وحقائقَ الهمومِ تصغُرُ وتَضيقُ، وأدركتَ أنَّ دنياكَ إن ضاقتْ فأنتَ الضيِّقُ لا هي". وكتب أيضا: "أشد سجون الحياة فكرة خائبة يسجن الحي فيها، لا هو مستطيع أن يدعها، ولا هو قادر أن يحققها؛ فهذا يمتد شقاؤه ما يمتد ولا يزال كأنه على أوله لا يتقدم إلى نهاية؛ ويتألم ما يتألم ولا تزال تشعره الحياة أن كل ما فات من العذاب إنما هو بَدْء العذاب". تزوج من شقيقة صديقه عبدالرحمن البرقوقى من مدينة المنصورة عام 1904م، وتوفي في 10 مايو 1937 بعد صلاة الفجر ودُفن بجانب أبويه في مقبرة طنطا.