محمد عودة: العقد الثلاثى يقطع الطريق على التجار فى استغلال الفلاحين د. أشرف كمال: القانون يخدم إستراتيجية التنمية الزراعية المستدامة مجدى عيسى: مشاركة التعاونيات فى تسويق المحاصيل حق أصيل محمد طلعت: تحمى صغار المزارعين من استغلال وجشع التجار عبدالرحمن حسن: عشوائية البيع والشراء تضر بالمنظومة الخضراء على الرغم من المعاناة السنوية التى يواجهها المزارعون فى تسويق حاصلاتهم الزراعية، وسط غياب منظومة موحدة للتسويق تضمن حقوقهم وتوفير هامش ربح مناسب، لم يتم حتى الآن تفعيل قانون الزراعات التعاقدية على الرغم من صدور القانون فى مارس 2015. وهناك اتجاه حاليًا ومطالبات مستمرة من المزارعين والتعاونيين لتفعيل منظومة الزراعات التعاقدية، بحيث يكون هناك دور فاعل للقطاع التعاونى الزراعي، لضمان تسويق المحاصيل الزراعية بأسعار عادلة وحماية المزارعين من جشع واحتكار التجار. «الأهرام التعاوني» ترصد مجددًا أهمية تطبيق قانون الزراعات التعاقدية وحل المشكلات المزمنة فى تسويق المحاصيل الزراعية، وضمان حقوق المزارعين فى أسعار عادلة وتحقيق هامش ربح مناسب، فضلاً عن التوسع فى الرقعة الزراعية أفقيًا ورأسيًا. أكد محمد عودة، أمين صندوق الاتحاد التعاونى الزراعى المركزي، أن تطبيق منظومة الزراعات التعاقدية، يعتبر الحل الأفضل لحل مشكلات تسويق المحاصيل الزراعية، ولابد أن يكون ذلك التسويق من خلال الجمعيات التعاونية الزراعية المنتشرة بالمحافظات، بحيث يتم صياغة عقود ثلاثية بين المزارع والجمعية التعاونية الزراعية والجهة التى ترغب فى شراء المحصول، مضيفا أن هذه المنظومة كانت مطبقة بالفعل منذ سنوات فى الإصلاح الزراعي، فى تسويق محاصيل القطن والأرز، حيث كانت الجمعية تشترى المحصول من المزارعين وتقوم ببيعه للشركات لصالح الفلاح، وأى زيادة لاحقة فى سعر المحصول تكون للفلاحين. وشددعودة، على ضرورة وضع سعر ضمان لاستلام المحاصيل الزراعية قبل الزراعة، بحيث يعرف المزارع سعر التسويق المحتمل وبالتالى يأخذ قرار الزراعة والتعاقد، ويتم التعامل مع السعر وفقًا لمعطيات السوق، مشيرا إلى أن تطبيق الزراعة التعاقدية، فضلاً عن أهميته فى حل المشكلات التسويقية للمحاصيل والتى يعانى منها المزارعون، فهو أيضًا يشجع شريحة كبيرة من المزارعين على زراعة المحاصيل التى عزفوا عن التوسع فيها من قبل، ومنها محصول الذرة الشامية، والذى يتم استيراد كميات كبيرة منه سنويًا تقدر بالمليارات، وكذلك منتجات الأعلاف ومنها فول الصويا مثلاً. وأوضح أن تطبيق منظومة الزراعات التعاقدية، وإشراك الجمعيات التعاونية فى التسويق من خلال العقد الثلاثي، يقطع الطريق على التجار فى استغلال المزارعين عند بداية كل موسم حصاد، حيث يقوم التجار فى بعض المحافظات بشراء المحصول من الفلاحين خاصة من أصحاب الحيازات الصغيرة بأسعار تقل عن الأسعار الفعلية، ويتم تخزين المحصول تمهيدًا لبيعه بأسعار أعلى بعد استقرار السوق وزيادة الطلب على المحصول، وهو ما يجعل التاجر هو المستفيد الأول من الزراعة وليس الفلاح. وفى السياق نفسه، أكد الدكتور أشرف كمال، أستاذ الاقتصاد الزراعى بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي، أن هناك اتجاها حاليًا لتطبيق منظومة الزراعة التعاقدية فى مختلف المحاصيل الزراعية وخاصة الذرة الشامية، إلى جانب المحاصيل التى يتم تطبيق المنظومة عليها بالفعل كالقمح وقصب السكر وبنجر السكر، وفقًا لأهداف إستراتيجية التنمية الزراعية 2030، والتى تهدف إلى زيادة الرقعة المزروعة بالمحاصيل الإستراتيجية وحل مشكلات تسويق المحاصيل الزراعية والتى يعانى منها فئة كبيرة من المزارعين سنويًا، منوها بأهمية البدء الفورى فى تطبيق منظومة الزراعات التعاقدية لتسويق المحاصيل الزراعية محليًا، فعلى الرغم من إنتاج كميات كبيرة من محصول الذرة الشامية مثلاً إلا أنه يتم استيراده من الخارج بآلاف الأطنان سنويًا، لعدم وجود تنسيق بين المنتجين والمستهلكين، كمال أنه فى حالة تطبيق منظومة الزراعات التعاقدية، سوف يتجه المزارعون إلى التوسع فى زراعة المحاصيل المطلوبة فى السوق المحلى وتوفيرها كبديل عن الاستيراد. وأشار كمال، إلى أن تطبيق منظومة الزراعة التعاقدية، سيكون سببًا جوهريًا فى حل المشكلات التى يتعرض لها المزارعون بشكل موسمي، والتى تتمثل فى الزيادة الكبيرة فى إنتاج بعض السلع والتى تزيد عن حاجة السوق المحلى مما يترتب عليه الانخفاض الحاد فى الأسعار وتعرضهم للخسائر، كما أنه فى حالة النقص الشديد فى إنتاج بعض المحاصيل يتسبب ذلك فقى الارتفاع الكبير فى أسعارها مما يحمل المواطنين المستهلكين أكثر من طاقتهم، مشددا على ضرورة أن يتم إنشاء صندوق تعويضات للمحاصيل الزراعية بالتزامن مع تطبيق الزراعة التعاقدية بحيث يتم تعويض المزارعين عن الخسائر فى حالة الأمطار الشديدة أو السيول أو الكوارث الطبيعية، حيث تتضمن عقود الزراعة التعاقدية شروط جزائية تطبق على الطرف غير الملتزم ببنود العقد سواء المزارع أو الجهة التى ترغب فى شراء المحصول. أما محمد طلعت، رئيس جمعية تسويق المحاصيل الحقلية بسوهاج، فأكد أن تطبيق منظومة الزراعة التعاقدية، يعد حلما ينتظره المزارعون، فى ظل مشكلات التسويق التى يعانون منها سنويًا، والتى تتسبب لهم فى خسائر كبيرة، نظرًا لاحتكار المحاصيل من قبل التجار. وأضاف رئيس جمعية تسويق المحاصيل الحقلية بسوهاج، أن هناك وعودا سابقة بزراعة مليون فدان من محصول الذرة الشامية الصفراء، لكن لم يتم التطبيق حتى الآن، وخلال الموسم الماضى باع الفلاح محصوله من الذرة الصفراء بسعر لم يتجاوز 505 جنيهات للإردب، فى حين السعر حاليًا لدى التجار تجاوز 850 جنيهًا للإردب، وهو ما يجعل ثمرة الزراعة من نصيب التاجر وليس الفلاح. وطالب طلعت، بضرورة تبنى سياسة جديدة فى وزارة الزراعة للتعامل مع المحاصيل الزراعية، وتسويقها بأسعار عادلة تتناسب مع حجم التكاليف التى يتحملها المزارع، بدءًا من تجهيز الأرض للزراعة ومرورًا بالمعاملات الزراعية من رى وتسميد وحصاد، انتهاءً بجمع المحصول وبيعه. وأوضح محمد طلعت، أن القطاع الزراعى فى مصر، يعتبر من أهم القطاعات الاقتصادية التى كان لها دور مهم فى تجاوز مصر لأزمة جائحة كورونا، حيث تمكن القطاع الزراعى من توفير الاحتياجات الغذائية المحلية للمواطنين، ليس ذلك فقط ولكن تمكنت مصر من تصدير ما يزيد عن 5 ملايين طن من المحاصيل الزراعية لمختلف دول العالم، وهو ما يبرهن على قوة القطاع الزراعى المصري، موضحا أن تطبيق منظومة الزراعة التعاقدية، يكتسب أهمية قصوى فى تلك المرحلة، فى ظل التوسع الأفقى والرأسى فى الرقعة الزراعية والإنتاج الزراعي، ففى الوقت الراهن يستفيد من هذه المميزات كبار المزارعين وأصحاب الحيازات الواسعة، بينما يعانى صغار المزارعين وأصحاب الحيازات المفتتة من ارتفاع تكاليف الإنتاج مقارنة بحجم وسعر الإنتاج. وأكد مجدى عيسى، عضو مجلس إدارة الاتحاد التعاونى الزراعى المركزي، أن تطبيق منظومة الزراعة التعاقدية، أحد أهم مطالب المزارعين، لحل مشكلات التسويق التى يعانون منها سنويًا، مضيفًا أن الزراعات التعاقدية سوف تحل تلك المشكلات من خلال تحديد سعر مناسب لتسويق المحاصيل لضمان توفير هامش ربح مناسب للفلاحين وحمايتهم من استغلال التجار عند كل موسم حصاد، مطالبا بضرورة أن تكون الجمعيات التعاونية الممثلة للاتحاد التعاونى الزراعى المركزي، طرف فى عقود الزراعات التعاقدية لضمان حق الفلاحين من ناحية، وتفعيل دورها التسويقى الأصيل من ناحية أخرى. وأضاف عيسى، أن المشكلات التى يعانى منه قطاع التعاون الزراعي، تأتى بسبب التهميش لدورها وعدم إشراكها فى عمليات التسويق، رغم أنها أنشئت لهذا الغرض، كما أن الجمعيات التعاونية الزراعية على استعداد تام وتملك جميع الإمكانيات التى تؤهلها للمشاركة فى أى نهضة حقيقية، تخدم المزارعين، لكن لابد من وجود دعم من الدولة بصفة عامة ومن وزارة الزراعة بصفة خاصة، حتى تتمكن من القيام بهذا الدور المهم والرئيسى فى خدمة الفلاحين، محذرا من ترك الفلاح يزرع ما يشاء ويسوّق محصوله منفردًا؛ حيث يعد ذلك سياسة خاطئة تؤدى إلى عشوائية فى تسويق المحاصيل وتترك المجال للتجار لاستغلال صغار الفلاحين وشراء محصولهم بأسعار أقل من المعلنة أو المستحقة. وشدد على ضرورة عودة الدورة الزراعية وتوجيه المزارع بالمحصول الأنسب لزراعته، من خلال إجراء دراسات واقعية للسوق، للتعرف على متطلبات السوق المحلى والخارجي، حيث يؤدى ذلك إلى ضمان تسويق المحاصيل وعدم إغراق السوق بمحاصيل معينة، يترتب عليها انخفاض حاد فى الأسعار مما يعرض المزارعين للخسارة، مؤكدا أهمية تفعيل قانون الزراعات التعاقدية بالشكل المطلوب، من خلال التنسيق بين الجمعيات التعاونية العامة ومركز الزراعات التعاقدية بوزارة الزراعة والجهات المتعاقد معها لاستلام المحاصيل بأسعار عادلة، فعلى الرغم من وجود القانون ومركز للزراعات التعاقدية بوزارة الزراعة، إلا أنه لم يتم حتى الآن تفعيل الزراعات التعاقدية، علمًا بأن هناك الكثير من المحاصيل التى تنتج محليًا ويتم استيرادها من خلال المصانع والشركات من الخارج لعدم وجود بيانات عن زراعة تلك المحاصيل أو جهات تتعاقد على زراعتها وتحصيلها من المزارعين، مضيفًا أن هناك حلقة مفقودة ولابد لوزارة الزراعة من إعادة النظر فى علاقتها بالمزارعين حتى لا يتم إهدار ثروتنا الزراعية. وعلى صعيد متصل، أكد عبد الرحمن حسن، عضو مجلس إدارة الاتحاد التعاونى الزراعى المركزي، أن الاتجاه نحو تفعيل قانون الزراعات التعاقدية الذى صدر عام 2015، خطوة غاية فى الأهمية ولا يجب تأخيرها مجددًا فى ظل معاناة المزارعين من عدم القدرة على تسويق محاصيلهم بأسعار مناسبة. وأضاف عبد الرحمن حسن، أن ترك ساحة تسويق المحاصيل للعشوائية والتجار، تسبب فى خسائر فادحة للفلاحين خاصة أصحاب الحيازات الصغيرة والمفتتة، نظرًا لجمع المحصول من قبل كبار التجار وتخزينه تمهيدًا لتعطيش السوق وبيعه بأسعار أعلى.