مع اقتراب نهاية شهر رمضان وحلول عيد الفطر المبارك خلال الأيام القادمة، يقبل المواطنون على شراء لوازم الكعك لصناعته في المنزل، بعد سنوات عديدة من تخلي أغلب الأسر المصرية عن هذه العادة والاعتماد على شرائه جاهزًا من المحلات والأفران، ونظرًا لتفشي وباء كورونا والخوف من انتقال العدوى وعدم اتباع عمال المحلات الإجراءات الاحترازية الكافية وتعقيم الأدوات المستخدمة في التصنيع، مما أدي إلى إحياء عادة خبيز الكعك في البيوت المصرية مرة أخرى. كما تفضل بعض العائلات إعداد الكعك في المنزل نظرًا لانخفاض تكلفته وارتفاع جودته مقارنة بالجاهز، بالإضافة إلى أنه مصدر للبهجة ولم شمل الأسرة من خلال تعاونهم معًا في تحضيره، حيث تمتلئ أرجاء البيوت المصرية بروائح العجين والسمن البلدي والملبن وغيرها من المكونات التي تستخدم في صناعة الكعك، خلال العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم. وحسب أسعار الكعك والبسكويت في منافذ وزارة التموين لعام 2021, فإن سعر كيلو الكعك السادة 65 جنيهًا بينما الكعك بالمكسرات 100 جنيه للكيلو، ويتراوح البيتي فور بين 70 و 100 جنيه، والغريبة تصل إلى 100 جنيه، والبسكويت 60 جنيهًا، وتعد هذه الأسعار الأقل على مستوى محلات الحلوى. أما الأسعار في محلات الحلويات الشهيرة، فيتراوح سعر كيلو الكعك السادة من 95 إلى 140 جنيهًا، بينما كحك بالمكسرات يصل إلى 240 جنيهًا، والبيتى فور تتراوح أسعاره من 110 و 170 جنيهًا، أما البسكويت سعره يتراوح ما بين 95 إلى 230 جنيهًا حسب الإضافات، والغُريبة تصل إلى 160 جنيهًا، وبرصد أسعار العلب الجاهزة فتبدأ أسعارها من 230 إلى ما يزيد على 1000 جنيه حسب الكمية والأصناف الموجودة بها. "لمة العيلة لتحضير الكعك هي اللي بتحسننا بالعيد ربنا ما يقطعلنا عادة"، هكذا بدأت الأم منى عبدالله صاحبة ال 55 عاما، حديثها، وتوضح أنها اعتادت على إعداد الكعك والبسكويت بجميع أنواعه كل عام، غير مهتمة بارتفاع درجات الحرارة ومشقة الصوم، لأن عجن الكعك عادة محببة لها ولأولادها ولا يمكن الاستغناء عنها، وهو ما نشأت عليه وتعلمته من قبل والدتها، مؤكدة أن الكعك المنزلي يرتبط بذكريات وعادات الطفولة لديها، ولذلك تتمسك بتربية أطفالها على نفس العادات حتى يقوموا باتباعها مع أبنائهم في المستقبل. وفي سياق متصل قالت هالة محمود 30 عامًا: "كنت أقوم بشراء كحك العيد من أحد المحلات الشهيرة كل عام، ولكن منذ العام الماضي ومع تزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا، اتفقت مع زوجي وأطفالي على تحضيره في المنزل، لضمان نظافته ولتجنب انتقال العدوى". وأضافت هالة: "لا أنكر أن إعداد الكعك في البيت يحتاج إلى وقت طويل، بالإضافة إلى أنه عمل مرهق، ولكنه آمن على صحة أسرتي، فلا أضمن التزام المحلات بإجراءات التعقيم والتطهير". تحكي زينب حسين 72 عامًا أن معالم الاحتفال بقدوم عيد الفطر اختلفت كثيرًا مع مرور السنوات حيث فقدت زهوتها وعلى حد قولها: "مكناش نتخيل أن يمر علينا العيد من غير لمة العيلة والجيران لتحضير الكعك، وعلى قد التعب في العجن والتخمير والرص في الصاجات وتسويتها في الفرن لأننا كنا بنعمل كميات كبيرة، وكانت الستات بيتنافسوا مين صاحبة أحلى كحك، مكنش في أصناف كتير على أيامنا زي دلوقتي، كنا بنعمل كحك وقراقيش وبعد كدة عرفنا البسكويت". كما تقول فرح أحمد 24 عامًا من القاهرة: "منذ بداية شهر رمضان أحاول تعلم كيفية صناعة الكعك خلال متابعة الشيفات على قنوات الطبخ بالإضافة إلى جروبات الطهى المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي, وأقوم بتدوين طرق تجهيزه المختلفة، لأنني أسعى الوصول لأفضل طريقة، حتى يشبه الكعك الجاهز، وقمت بشراء جميع الأدوات والمكونات المطلوبه لخبزه في البيت هذا العام، وذلك بسبب غلاء الأسعار الكعك بالمحلات". قال الدكتور محمد هاني استشاري الصحة النفسية، إن جميع المناسبات في مصر ترتبط بأكلات معينة حيث يشترط عند المواطنين وجود الكعك في عيد الفطر حتى لو بكميات بسيطة، وأنها من العادات والتقاليد التي تربى عليها الكثير، مؤكدًا أن تناول الأطعمة في مناسبتها يسهم بشكل كبير في تحسين الحالة النفسية والمزاجية للأفراد. وأضاف محمد هاني أن إعداد أطعمة العيد من الكعك والبسكويت في المنزل من الأمور التي تزيد من قوة الترابط الأسري، حيث مشاركة الأطفال والأزواج للأمهات تزيد من هرمون السعادة للأفراد، كما أنها وتؤدي إلى انتشار الطاقة الإيجابية لدى الأسرة، مشيرًا إلى أن تنشئة الطفل على هذه العادة هى أمر إيجابي لأنه سيقوم بتنفيذها في المستقبل مع أبنائه، كما نحتفل بالعيد كل عام على خطى ما تعلمناه من أهلنا.