د. إسلام عوض أستيقظ كل صباح على زقزقة العصافير وتغريد الطيور، وشعاع الشمس الذهبية الذي يأخذني إلى حيث البساتين والحقول الزاهرة، لأحضر أجمل صحبة ورد لحبيبتي، فحبيبتي تهوى الزهور وتعشق الحياة. أفعل هذا كل صباح من أجل أن أرى ابتسامة على ثغر حبيبتي؛ فحبيبتي عندما تبتسم تشرق شمسي وتتبدد غيومي وتضحك لي الحياة، وتدب الحيوية والقوة والأمل في عروقي، وأشعر وكأني ملك يملك ملكًا لا تغرب عنه الشمس. حبيبتي هي ملكة جمال الكون؛ فعلى أرضها ولدت، ومن خيرها ترعرعت، ومن نيلها ارتويت، ومن حكمتها وحضارتها تعلمت، وفي شمسها توضأت، وفي محرابها صليت، حبيبتي عمرها تجاوز السبعة آلاف عام، ولكنها مازالت صبية حسناء تنبض بالحياة والحب والأمل، حبيبتي هي مصر؛ الميم مقبرة الغزاة، والصاد صانعة الحياة، والراء راكعة ساجدة للإله الواحد الأحد. كم أغرى جمالك وسحرك يا مصر من ممالك وإمبراطوريات غزاة، ابتداء من الهكسوس وانتهاء بدكتاتوريين عثمانيين على فرنسيين على بريطانيين أغرتهم الحياة، اطمئني يا أميرتي فأنا رمسيس، وأنا أحمس، وأنا مينا، أنا خير أجناد الأرض. حبيبتي يا مصر أنت عبقرية المكان والزمان، وأنت سماحة الأديان، وأنت رمانة الميزان، وواحة الراحة والأمان، أنت هدية الرحمن، أنت المحروسة بعين الإله الواحد الأحد، القاهرة لكل الغزاة، الساحرة لقلوب الشعراء والعاشقين، الساهرة على راحة أولادك الطيبين. ليلك يا مصر سحر وسكون وتأمل وتسابيح، ونهارك جِدٌ وعملٌ وعرقٌ على الجبين، هنيئًا لك يا مصر بأولادك؛ فهم خير أجناد الأرض، وهم في رباط إلى يوم القيامة، من ذا الذي يجرؤ يا مصر على إغضابك أو يمس نقطة مياهٍ من مياهك؛ فنيلك مقدس وترابك مسك وزعفران. ما زلت واثق يا مصر أنني سأرى قريبًا في شبابك عفة وعلم يوسف، وفي فتياتك طهارة مريم، صبرك يا مصر هو صبر أيوب، وحكمتك حكمة لقمان، وقوتك يا مصر هي قوة عصا موسى التي تنتصر وتدحر البهتان والأباطيل، وسماحتك يا مصر هي سماحة عيسى، ورحمتك هي رحمة محمد عليهم جميعًا أفضل الصلاة والسلام. أقسمنا يا مصر أن نحفظ ترابك ونصون نيلك بأرواحنا ودمائنا، وأن نستعيد مجدك، وآمنا يا مصر بأن الاستثمار في البشر أولى وأشرف ومقدمٌ آلاف المرات على الاستثمار في الحجر. وها نحن نرى يا مصر بأعيننا فارسك النبيل يعيد مكانتك وريادتك وقوتك العسكرية الغاشمة، والثقافية الناعمة، ويصون عرضك، ونيلك ويجمع المصريين على قلب رجل واحد. فآن لك يا مصر أن تهنئي..