تفاصيل جولة الرئيس السيسي بالأكاديمية العسكرية في العاصمة الإدارية| صور    وزير الصحة يهنئ إيهاب هيكل ومجلس «أطباء الأسنان» للفوز في انتخابات النقابة    بعد حملة «خليها تعفن».. أسعار السمك اليوم السبت في سوق العبور للجملة    المركزي المصري يوجه 6 مليارات دولار من صفقة «رأس الحكمة» لدعم القطاع المصرفي    وزير التعليم العالي: الجامعة المصرية اليابانية تقدم تجربة تعليمية وبحثية مُتميزة    مطالب برلمانية بوقف تخفيف أحمال الكهرباء في أثناء فترة الامتحانات    الرئيس السيسي: مصر تدعم تعزيز العمل البرلماني المشترك على جميع المستويات    "بالشوكولاتة".. مارسيل كولر يحتفل بتأهل الأهلي لنهائي أفريقيا    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    بيريرا يكشف حقيقة رفع قضية ضد حكم دولي في المحكمة الرياضية    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    طبيب نفسي يوضح الأسباب وراء قضية مقتل طفل شبرا    الإعدام والمؤبد للمتهمين باللجان النوعية في المنوفية    وزيرة التضامن من الإسكندرية للفيلم القصير: فخورة بتقديم برنامج سينما المكفوفين    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    الليلة.. أصالة تلتقى جمهورها فى حفل بأبو ظبي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    حان وقت الصفقة.. تحرك جديد لعائلات الرهائن الإسرائيليين في تل أبيب    وسط اعتقال أكثر من 550.. الاحتجاجات الطلابية المناهضة لإسرائيل بالجامعات الأمريكية ترفض التراجع    كوريا الشمالية: الولايات المتحدة تقوم ب«تشهير خبيث» عبر نشر تقارير مغلوطة عن حقوق الإنسان    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    رئيس البرلمان العربي يكرم نائب رئيس الوزراء البحريني    التنمية المحلية: تدريب 2034 قيادة علي منظومة التصالح في مخالفات البناء بالمحافظات    السيسي يتفقد الصالات الرياضية المجهزة بالأكاديمية العسكرية في العاصمة الإدارية.. فيديو    تعليم الإسكندرية تستقبل وفد المنظمة الأوروبية للتدريب    كرة اليد، موعد مباراة الزمالك والترجي في نهائي بطولة أفريقيا    مديرية الشباب بالشرقية تنفذ دورات لطرق التعامل مع المصابين    خالد بيبو: لست ناظر مدرسة «غرفة ملابس الأهلي محكومة لوحدها»    «شريف ضد رونالدو».. موعد مباراة الخليج والنصر في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    محافظة القاهرة تكثف حملات إزالة الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    بعد فتح التصدير.. «بصل سوهاج» يغزو الأسواق العربية والأوروبية    9 إجراءات للشهادة الإعدادية.. تفاصيل مناقشات "تعليم القاهرة" بشأن الامتحانات    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    تحرير 134 محضرا وضبط دقيق بلدي قبل بيعه بالسوق السوداء في المنوفية    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    رئيس مياه سوهاج يتسلم شهادات 6 محطات حاصلة على اعتماد خطط السلامة    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    رئيس جهاز العاصمة الإدارية يتابع معدلات تنفيذ حي جاردن سيتي الجديدة    بسبب البث المباشر.. ميار الببلاوي تتصدر التريند    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    الليلة.. أحمد سعد يحيي حفلا غنائيا في كندا    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية الجديدة - فيديو    بيان عاجل لهيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة ويأثم فاعله    «بيت الزكاة» يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة ضمن حملة إغاثة غزة    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    هيئة شئون الأسرى الفلسطينيين: الوضع في سجون الاحتلال كارثي ومأساوي    هل يوجد تعارض بين تناول التطعيم وارتفاع حرارة الجسم للأطفال؟ هيئة الدواء تجيب    الكشف على 165 مواطنًا خلال قافلة طبية بالزعفرانة وعرب عايش برأس غارب    طلب إحاطة يحذر من تزايد معدلات الولادة القيصرية    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    «الأسد يشعر بضيق تنفس».. 4 أبراج تكره فصل الصيف (تعرف عليها)    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصابيح التنوير

يُشكل المبدعون والمثقفون والمبتكرون والمشاكسون والمجادلون والمعارضون، القلب النابض للمجتمع، وضميره الحي اليقظ، الذي يرشده ويهديه لطريق المستقبل المزدهر، ويُخلصه مما علق به من أدران وأمراض وعلل تضعف مناعته وتعوق حركته وقفزاته للأمام، شريطه تحليهم بالوعي والرؤية الثاقبة والإخلاص الشديد لأفكارهم ولتوجهاتهم، وابتغاء المصلحة العامة وليس الخاصة.
لو استعرضنا تاريخنا القديم والحديث، سنجد أننا ندين بالفضل والعرفان لشخصيات جريئة تصدت بشجاعة وبسالة في التوقيتات الملائمة لمواضع العوار والخلل بمجتمعنا، وحققنا إنجازات رائعة بفضل جهدهم ومثابرتهم وتحملهم الأذى والعنت من محيطهم الاجتماعي والمهني، الذي وصل في بعض الأحيان إلى حد مقاطعتهم وفرض عزلة قاسية عليهم، وإخراجهم من عباءة الدين، ونعتهم بالعصاة المارقين، لأنهم تمردوا على السائد والمستقر وانتقدوه.
ورغم معاناتهم البالغة لم تفتر عزيمتهم وقاتلوا باستماتة دفاعًا عن فكرهم ورؤاهم حتى الرمق الأخير، وحصد كثيرون منهم التقدير والإشادة المتأخرة بعد مماتهم بسنوات، والتجارب كانت شاهدة على أن المبدع الخلاق غير مرحب به، ويظل هدفًا ثابتًا للتنشين والصفعات من قبل أفراد وجماعات ترى أن ما يدعو إليه المَبدع يُفسد عليهم بضاعتهم التي يتاجرون بها بين الناس، ويحصلون منِ ورائها على منافع ومكاسب جمة، وبقاء الوضع على حاله يضمن لهم استمرار نفوذهم وتأثيرهم ومصالحهم التجارية المربحة.
وراجعوا ما تعرض له الإمام محمد عبده مفتي الديار المصرية، وقاسم أمين، ونجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وتوفيق الحكيم، وعباس العقاد، ولويس عوض، وأحمد عبد المعطي حجازي، وإحسان عبد القدوس، وغيرهم كثر، سواء في محياهم، أو مماتهم.
ويغيب عمن يقف للمبدعين، أو من نسميهم بالنخبة، بالمرصاد ويستهدفهم بالسهام السامة، أنه عند هؤلاء يبدأ وينتهي صلاح وفساد المجتمع، فإن صلحت تلك النخبة فقد صلح المجتمع، والعكس صحيح ويكون وبالًا وخرابًا عليه، وأن الباحثين المخلصين عن مصلحة المجتمع عليهم حماية هذه النخبة المصطفة، وإلا تضيق الصدور بآرائهم، بل وبشطحاتهم أحيانًا، لأن انطفاء جذوة ولهيب الحماس لديهم سيعني حلول الظلام في أحد جنبات المجتمع.
حلول الظلام هنا أو هناك سوف يفسح المجال الواسع لعربدة وخزعبلات فئات ضالة مضلة كارهة للنور ولإعمال العقل والنقد، ودرء المفاسد، وعدم تسليط الأضواء وتوجيه أصابع الاتهام صوب العابثين والمتلاعبين بالوعي والمتاجرين بالدين الذين يوظفونه ليتناسب مع فكرهم السقيم وتأويلاتهم الجامدة المتعصبة، مثل جماعة الإخوان الإرهابية، وداعش، وجماعات سلفية متطرفة ومتشددة.
وعوضًا عن رؤية الحزن والأسى على انطفاء مصباح إبداع بوفاة صاحبه، فإن بعضنا يُحوله لمهرجان حاشد للشماتة والابتهاج بموته، ظنًا بأن وفاته ستتكفل بطمس ميراثه الفكري والثقافي والإنساني، وسيلقيه داخل جب عميق للأبد نوال السعداوي آخر النماذج الدالة - ولم يتورع هؤلاء من اقامة محاكم كانوا خلالها هم القضاةُ والجلادين، وأصدروا أحكامهم القاطعة الباتة بمَن سيدخل الجنة ويتمتع بنعيمها المقيم، ومَن سيكون مآله جهنم وبئس المصير وسيخلد فيها مهانًا ذليلا!
ليتهم صمتوا، أو جعلوا فرحتهم وشماتتهم في الموت بالخفاء، لكنهم جاهروا وافتخروا بها بمنصات وغرف التواصل الاجتماعي، وكأنها فتح عظيم ومبين، ولم ينظروا إلى أنهم خالفوا الفطرة السوية والإنسانية التي خلقنا الله عز وجل عليها، وأطلقوا العنان لأنفسهم للمشاركة في هاشتاج قبيح وبغيض اسمه "الشيطان الرجيم"، شبهوا فيه الدكتورة نوال السعداوي بالشيطان الرجيم، وبأنها عجوز شمطاء ارتاح القوم منها ومن كلماتها الموجعة ومناكفاتها ومشاكساتها الصعبة.
الأكثر فظاعة أن الشامتين، ومنهم مَن يلقبون أنفسهم بالشيخ فلان العلامة الفقيه الذي لا يُشق له غبار، يحدثونك في المساء عن الأخلاق الحسنة وفضائلها، والسجايا القويمة، والصفح الجميل، والتماس 70 عذرًا لأخيك ولأختك المؤمنة، والتراحم والوئام، أي تضارب وازدواجية وتنمر هذا، فالتنمر لم يكتف بالأحياء وامتد ليشمل الأموات، وهو ما لا يقره ويقبله لا شرع ولا دين.
ألا يستحي هؤلاء ويتوارون خجلا من سقوطهم المريع في استباحة سمعة وسيرة ميت بدون ضابط ولا رابط، وتفريطهم في إنسانيتهم، وأنهم يستحقون العقاب المغلظ على أفعالهم تجاه من رحلوا وانتقلوا لجوار ربهم، الذي سيتولى حسابهم وتوقيع الجزاء الحق عليهم، إما جنة أو نارًا، فرب العزة سبحانه وتعالي هو المطلع والعليم بعباده وسرائرهم.
ياسادة، لا تفرحوا وتهللوا لانطفاء شعلة تنوير وتبصير بالمجتمع، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا الآخرين، وقللوا من مساحات الجمود والنمطية، وتعلموا أن الفكر يرد عليه بفكر، طالما أنه لا يخالف ثوابت الدين، وترفقوا بمَن سبقونا إلى دار البقاء، ففي غيابهم يَقاسي المجتمع الأمرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.