حصل فريق من المعماريين المصريين الشباب على المركز الأول في مسابقة "رفعة الجادرجي" العالمية لفن العمارة، والتي تعتبر جزءًا من مجموعة جوائز مسابقة مؤسسة "تميُّز للعمارة".. هذه الجائزة تحمل اسم المعماري العراقي الدكتور رفعة الجادرجي، وكان موضوع المسابقة لهذا العام إنشاء جسر (كوبري) مشاة فوق نهر النيل"، يربط ميدان التحرير (الضفة الشرقية) بمنطقة الزمالك (الضفة الغربية) بالقاهرة، وتقدم للمسابقة 177 فريقا يمثلون 42 دولة حول العالم.. ومن بين المتقدمين نجح الفريق المصري في الفوز بالجائزة الأولى عن مشروع يحمل اسم "ملاذ التنفس".. الفريق يضم 5 أعضاء، هم، علي خالد عليوة، مصطفى أحمد زكريا، شريف خالد عبدالخالق، ابتسام محمد أحمد الجيزاوي، وهدى عصام عبدالمولى.. وفي السطور التالية التقيناهم لنتعرف على طبيعة هذا المشروع وكيف يتشابه مع مشروع ممشى أهل مصر الذي يجري تنفيذه حاليا، فكان هذا التحقيق: في البداية يقول علي خالد عليوة، أحد أعضاء الفريق: التقينا كفريق من خلال العمل الجماعي حيث إننا شاركنا في الكثير من ورش العمل، وهذه ليست أول مسابقة نشارك بها سويا، بل اشتركنا في أكثر من مسابقة سابقا. ومؤسسة "تميز" تعقد هذه المسابقة سنويا، وتقوم بتوزيع سبع جوائز من ضمنهم جائزة رفعة الجادرجي للعمارة، وكان موضوع المسابقة هو إنشاء جسر مشاة أعلى النيل. ومن هنا بدأنا نفكر ونرتب أفكارنا وتقسيم المهام علينا، والنتيجة التي توصلنا إليها في النهاية كانت نتاج أفكار متطورة ومتراكمة، فقد قمنا بتنظيم زيارات للموقع، ثم قمنا بجمع المعلومات التي اتفقنا عليها، وتلخيص كل المعلومات الهامة وعلى أساسها بدأنا عملية التصميم. ويضيف عليوة: مشروعنا يُعد نواة لتحقيق مبادئ التنمية المستدامة، ويتماشى مع إستراتيجية الدولة 2030 ونظرة الدولة تجاه المسطحات الخضراء، ويعظم المشروع من أهمية حركة المشاة، ويوفر مسطحات خضراء مطلة على النيل، وهو ما يجعل المواطنين يستفيدون بشكل مباشر من متعة النيل، بجانب تحقيق العائد المادي والاقتصادي مما يغطي تكاليف الجسر ويجعل منه مصدرا مهما للسياحة والدخل القومي في الدولة. ومن جانبه يقول مصطفى أحمد زكريا- عضو بالفريق-: إن المشروع يتكون من مسارين رئيسيين: الأول هو مسار خطي رئيسي مباشر يصل ما بين المتحف المصري وبرج القاهرة على ضفتي النيل، عن طريق ربط النسيج العمراني للقاهرة، وذلك اعتمادا على هبوط شارع "وسيم حسن" والذي يكون موقعه أمام المتحف المصري على الضفة الشرقية وربطه بشارع البرج الذي يصل ببرج القاهرة على الضفة الغربية، فضلا عن توفير مسطحات آمنة للمشاة لينالوا رحلة نيلية حضارية. أما المسار الثاني فهو يحتضن ضفتي النيل، ويشمل أرض الحزب الوطني بالضفة الشرقية، ويحتضن حديقة المسلة بالضفة الغربية، وتم تصميم هذا المسار بحيث يكون محببا للمارة حيث إنه ملىء بعناصر الجذب الثقافي والاجتماعي والاقتصادي. وطبعا المساران يكونان الشكل النهائي للجسر، والذي يتكون من حديقة حضارية كبرى تمتد أعلى النيل وتربط بين جانبيه، مع مراعاة عدم تمثيلها كعائق بصري لمعالم القاهرة، وتم الالتفات إلى أهمية توفير مساحات الظل فتم استخدام أشجار "الأكاسيا والبونسيانا"، فضلا عن أن الأرضيات الخارجية تسمح بنمو العشب، وتضم الحديقة بأسفلها طابقين أعلى النيل أيضا، ويحتوي الطابقان السفليان على أنشطة ثقافية وترفيهية واجتماعية، ومحلات تجارية ومطاعم مطلة مباشرة على النيل، مما يخلق تجربة مختلفة، مع الأخذ في الاعتبار أن الارتفاع يبلغ 13 مترا بحيث لا يعوق الملاحة النهرية. وقد ركزنا على أن نتيح للمشروع القدر الكافي من الإضاءة والتهوية الطبيعية، فالمشروع يتفاعل مع البيئة، ويخدم الإنسان، والمجتمع، والثقافة، والسياحة، وكل أغراض التنمية المستدامة التي وضعتها الدولة. وتذكر ابتسام محمد الجيزاوي- عضو بالفريق- أن المشروع يعتمد على المسطحات الزجاجية في التصميم، قائلة: مشروعنا يهدف لإبراز معالم القاهرة مثل المتحف المصري وبرج القاهرة فضلا عن رؤية النيل بدون أي عوائق بصرية بهدف أن نتيح للزائرين رؤية بانورامية شاملة لمشاهدة كافة معالم القاهرة بالتفصيل، خلال رحلة ثقافية ممتعة، وكأنها محاكاة للهوية المصرية سواء من خلال المطاعم أو البازارات أو الأنشطة الاقتصادية الربحية وغيرها، فضلا عن توفير مكان آمن يستطيع من خلاله الزائرون التفاعل بشكل مباشر مع كافة الأنشطة النيلية، ومن أجل أن يصبح النيل مكانا مجهزا لكافة الأنشطة المائية والنهرية مثل الحفلات الموسيقية العائمة، والاحتفالات الكبرى الخاصة بالدولة. وتضيف ابتسام أنه بعد زيارات عديدة لموقع المشروع ودراسة الأرض تم تحديد العديد من التحديات والمشكلات بموقع المشروع، والتي من أبرزها أن المساحات المخصصة للمشاة للاستمتاع بالنيل ضئيلة، وأن كورنيش النيل مخصص للمركبات على الضفتين مع أن هذه المنطقة تعتبر من أكثر مناطق القاهرة ازدحاما بالمارة بسبب المعالم المهمة بالمنطقة. كما أننا رأينا محاولة المصريين للاستمتاع والاحتفال بالنيل عن طريق القيام ببعض الأنشطة كالتصوير والصيد والأكل والجلوس والجري وغير ذلك على الأرصفة الضيقة المتاحة من كوبري قصر النيل وكوبري 6 أكتوبر وهي الكباري المخصصة في الأصل للسيارات وليس المشاة، ومن هنا يشعر المشاة بالاختناق نظرا للضوضاء الكثيفة وتلوث الهواء الناتج عن عوادم السيارات. أما هدى عصام- عضو بالفريق- فتقول: إن مشروعنا "ملاذ التنفس" يتكامل مع مشروع "ممشي أهل مصر" الذي يجري تنفيذه على الضفة الشرقية والذي يشجع المصريين والأجانب للاستمتاع بالنيل والسير بالقرب منه، مع الأخذ في الاعتبار توجه الدولة المصرية للعمل علي مشروعات قومية مشابهة مثل "تحضر للأخضر" لزيادة نصيب الفرد من المسطحات الخضراء، وكل هذه المشروعات تتوافق مع خطة الدولة للتنمية الشاملة 2030 ومحاورها الرئيسية البيئية والاجتماعية والاقتصادية. ومن جانبه يرى شريف خالد عبدالخالق، عضو بالفريق، أن فكرة المشروع تقوم على الرد على الكثير من التحديات المتعلقة بربط الضفتين الشرقيةوالغربية بحديقة كبرى على النيل، فالمشروع ليس مجرد جسر عبور للمشاة، بل متنفس يستطيع المصريون من خلاله قضاء يوم كامل به والقيام بأنشطة عديدة، ويصلح الجسر لتنظيم حفلات مصر الكبري حيث إنه مكون من مستويات عديدة على النيل، وبعد نقل الوزارات والهيئات الحكومية للعاصمة الإدارية الجديدة وتفريغ قلب القاهرة من التكدس فإن الجسر سيعمل كنواة وبذرة لحياة جديدة بالقاهرة تهتم بالمشاة وبصحة المواطنين وزيادة المسطحات الخضراء.