منذ بداية ولاية رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل مليس زيناوي بدأت إثيوبيا أكبر حملة لإقناع العالم بأن النيل الأزرق ينبع من إثيوبيا، ومع ذلك تستفيد به مصر والسودان بنسبة 90% مقابل 10% فقط لإثيوبيا، فضلًا عن أكاذيبها حول ملف سد النهضة، الذي تلاعبت من خلاله بمصر والسودان. يأتي ذلك، بينما قال علماء مصريون إن إثيوبيا تستفيد بأكثر من 95% من الأمطار النظيفة التي لم يصل إليها التلوث، وتنتج منها العديد من الزراعات العضوية التي وضعتها بقائمة أكبر عشرة مصدرين في القارة الإفريقية للحاصلات العضوية في حين لا يصل منها إلى النهر ومنه إلى السودان ومصر إلا 5% فقط من موارد الأمطار. وعبر الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بكلية الزراعة جامعة القاهرة والخبير في الموارد المائية السطحية والأنهار، عن مخاوف الكثير من الخبراء حول بناء سد الألفية، موضحًاأن تقريرا آخر صادر من برنامج الأممالمتحدة للتنمية UNDP في أوائل تسعينات القرن الماضي، أثبت أن الموارد المائية السنوية المتجددة لإثيوبيا تتجاوز 123.2 مليار متر مكعب مقابل 55.5 مليار فقط في مصر، وأن الادعاءات الإثيوبية بأن ربع مساحة إثيوبيا تتعرض دوريا للجفاف، يقابلها أن 95% من مساحة مصر في حالة جفاف وقحط كاملين وتحرم المصريين من الاستفادة والعيش في معظم مساحة وطنهم ويتكدسون حول النهر في مساحة لا تزيد على 5% فقط من وطنهم#ويشير إلى أنه على الرغم من وجود نحو 12 نهرًا في إثيوبيا تشكل 8 أحواض نهرية (شكل 1) في إثيوبيا، إلا أن أنظارهم تتجه دائما نحو النيل الأزرق في تعمد واضح للإضرار بمصالح مصر والسودان. وأقامت إثيوبيا مؤخرًا سد تاكيزي على نهر عطبرة أحد أكبر روافد نهر النيل والذي يصب شمال العاصمة الخرطوم بنحو 320 كم في طريق النهر إلى مصر الذي تم إفتتاحة في ديسمبر 2010 لإختزان 9 مليارات متر مكعب من المياه العذبة لغرض الري وتوليد الكهرباء ومع ذلك لم تعترض مصر وفضلت الخير لإثيوبيا عن هذا الكم الذي حرمنا منه ومعنا السودان أيضا. ثم بدأت مشاغبات إثيوبيا مع جميع جاراتها فأقامت ثلاثة سدودا متتالية على نهر أوموا المتجه إلى كينيا وهو نهرا مشتركا بينهما فقط وهي سدود جيب 1 ، 2 ، 3 ، غير عابئة بتدمير بحيرة "توركانا" الكينية التي تُعد واحدة من أكبر عشر بحيرات سياحية في العالم، رغم استغاثة كينيا بالأممالمتحدة والمنظمات الحامية للبيئة والسياحة إلا أن إثيوبيا لا تفكر إلا في صالحها فقط دون صالح أقرب جيرانها وبالتالي فكينيا في طريقها الآن للتحكيم الدولي لإثبات ضرر سدود إثيوبيا عليها.# ويضيف الدكتور نادر نور الدين، أن تجاهل العالم لاستغاثات كينيا في سدود نهر "أوموا" جعل إثيوبيا تظن بتكرار نجاحها في إقامة سدا أكبر على النيل الأزرق يتبعة أربع سدود أخرى، متصورة بعدم مبالاة العالم باستغاثثات مصر أسوة بما حدث مع كينيا، وبالتالي تكون إثيوبيا قد وضعت مصر تحت رحمتها وما تقرره من حصة يومية تضخها لمصر من فائض احتياجتها. وفي الوقت الذي تطالب فيه إثيوبيا بالحقوق المتساوية في مياه النهر طالبة حذف حصتها من الأمطار والمياه الجوفية التي تشحنها هذه الأمطار الغزيرة بكميات تصل إلى 1200 مم كل سنة، فإن مصر والسودان تتطالبان بالتقسيم العادل في الموارد المائية الكلية المتجددة لحوض النهر شأنها شأن جميع دول العالم التي تقدر فيها الموارد المائية بمجموع مياه الأمطار والمياه الجوفية والأنهر والبحيرات العذبة. وتساءل نور الدين، كيف تطالب إثيوبيا باستبعاد حصتها من الأمطار التي تسقط في حوض النيل الأزرق من التقسيم مع جيرانها خاصة وأن 93% من زراعاتها هي زراعات مطرية عضوية خالية من التلوث وأن 100% من ثروتها الحيوانية، والتي تتجاوز 100 مليون رأس هي نتاج لهذه الأمطار وما تنبته من مراع طبيعية ومروج تمتد لمساحات شاسعة ولا تكلفها زراعات للأعلاف مثل مصر. ويشير إلى أن الأكاذيب الإثيوبية بدأت حين تم الإعلان في نهاية عام 2009 عن مشروع سد أسموه أولا بالحدودي على بعد 40 كم من حدودها مع السودان بسعة 9 مليارات متر مكعب فقط، ثم تم تغير الأسم إلى سد الألفية معلنين زيادة سعته إلى 17 مليار متر مكعب لتحفيذ الشعب للمشرع وشحنا لمشاعرهم بتغير مسمى السد للمرة الثالثة إلى سد النهضة، موهمين شعبهم بأنه سيكون سببًا لنهضة إثيوبيا. وقد واكب الإعلان عن السد، الوصول بسعة السد إلى 40 مليارًا ثم 60 مليارًا إلى أن أستقرت مؤخرًا عند 72 مليارًا بما يبرهن على عدم شفافية المسئولين في إثيوبيا ومراوغتهم، واستمراهم في ضخ الضلال والأكاذيب على جيرانهم وتقديم الحقائق بعد جس النبض ومعرفة ردود الأفعال رويدًا رويدًا. صاحب هذه الأمور رفض إثيوبيا الصارم تقديم أي بيانات لمصر والسودان عن السد واشتراطها توقيعهما أولا على معاهدة ضياع حقوقهما المشروعة في النهر والمعروفة باسم اتفاقية "عنتيبي" الانشقاقية التي وقعت في 14 مايو 2010. ويقول إن سدا بهذه المواصفات في حال بنائه على أراضي إثيوبيا الرخوة وبمثل هذا الارتفاع الكبير الذي يحجز خلفه كل هذه المليارات لن يستمر طويلًا في حال بنائه ولا بد له من الانهيار مسببًا سيولاً عارمة تجتاح جارتها السودان، وتطيح كاملة بالعاصمة الخرطوم وشعبها وجميع المدن التي تقابلها حتى تصل إلى أسوان فتروضها مياه بحيرة ناصر نظرًا لطولها الذي يصل إلى 500 كم. وكما راوغت وتلاعبت إثيوبيا بمصر والسودان في تسيليم خرائط سد النهضة المقترح بل وخالفت أيضا وشرعت في البناء فعلا قبل أن تبدأ لجنة التحكيم الدولية التي وافقت عليها على مضض، فقد رفضت إثيوبيا أيضا التعاون مع اللجنة ومدها برسومات السد وعوامل الأمان فيه وسعته الحقيقية وضمانات عدم انهياره ثم تأكيد مدى عدم تضرر مصر والسودان من هذا السد. وطالب نور الدين بضرورة تعيين وزير لشئون دول حوض النيل (أو لشئون إفريقيا) يتفرغ للرد على الأكاذيب والمراوغات ويطوف دول العالم ليوضح لهم حقائق الموقف المصري، وحقوقنا في مياه النهر.