قرر الملك عبدالله الثاني ملك الأردن، إقالة الدكتور نذير مفلح محمد عبيدات وزير الصحة، من منصبه، وتكليف مازن عبدالله هلال الفراية وزير الداخلية، بإدارة وزارة الصحة، وذلك على خلفية حادث مستشفى السلط، وفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء الأردنية "بترا". كان قد توفي سبعة مصابين بفيروس كورونا في مستشفى السلط الحكومي شمال غرب عمان بعد انقطاع الأكسجين، ما أثار موجة غضب في المملكة التي تسجل أعداد إصابات قياسية بالوباء وأدى إلى إقالة وزير الصحة نذير عبيدات. وقال عبيدات في تصريحات للصحفيين في مستشفى السلط (30 كلم شمال غرب عمان) صباح السبت إنه "بين الساعة السادسة والسابعة من صباح اليوم حصل نقص أكسجين في هذا المستشفى ولمدة ساعة تقريبا وهذا ربما أدى إلى وفاة ستة أشخاص". وفي وقت لاحق، أعلن مدير المركز الوطني للطب الشرعي في وزارة الصحة الطبيب عدنان عباس إن عدد الوفيات ارتفع إلى سبع. وقال في تصريحات لقناة "المملكة" الرسمية إنه "جرى تشريح أربعة جثامين لرجال وثلاثة جثامين لإناث جميعهم كانوا نزلاء داخل المستشفى ومثبت إصابتهم بكورونا وكانوا على الأكسجين". وأضاف أنه "بعد التشريح وأخذ عينات من الرئتين تبين وجود علامات واضحة لنقص الأكسجين"، لافتًا إلى أن أعمار جميع المتوفين تتجاوز الأربعين. وفي مؤتمر صحفي لاحق، أعلن رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة إقالة وزير الصحة وإنهاء خدمات مدير مستشفى السلط الحكومي وإيقاف مدير صحة محافظة البلقاء (حيث يقع مستشفى السلط) عن العمل، مشيرا إلى أن "الحكومة تتحمل وحدها كامل المسؤولية عما حدث". ووصف رئيس الوزراء ما حدث بأنه "خطأ جسيم فادح غير مبرر وغير مقبول"، معتذرا على هذا "التقصير"، ومضيفًا أن "هذا يوم حزين للوطن، ويوم نحن مثكولون فيه جميعا من شمال الوطن الى جنوبه والى شرقه وغربه ونعزّي أنفسنا، ونعزي اهلنا ذوي من قضوا وارتقوا جراء فاجعة مستشفى السلط الحكومي". وأكد رئيس الوزراء وفقًا ل"بترا" عقب جلسة مجلس الوزراء اليوم أن الحكومة وحدها تتحمل كامل المسؤولية جرّاء هذه الحادثة الأليمة. ولفت الخصاونة إلى أن هذه الحكومة ومنذ تشكلت وكما تعهدت في بيان الثقة أمام مجلس النواب ستتصدى للمسؤولية ولن تتوارى عن تحملها "ولن نجنح إلى التبرير أو التقليل من شأن ما حدث، فهذا أمرٌ جلل، ولا يمكن تبريره أو التواري عن تحمّل المسؤولية الكاملة حياله". وشدد رئيس الوزراء على أن وفاة أردني واحد بسبب التقصير أمر لا يمكن قبوله على الإطلاق، لأنّ الخطأ الذي يمسّ حياة الأردنيين بسبب التقصير لا يمكن أن يوجد ما يبرره ولا تستطيع الحكومة أن تقبل لنفسها أن تبرره. وقال: "ما يؤلمنا أن ثقة الأردنيين التي نعمل وعملنا على استعادتها بكفاءة الادارة العامة ، قد تم مسها بفعل مأساة اليوم وهذا تطلب القيام بإجراءات جادّة وفوريّة من أجل تحمّل المسؤولية السياسيّة والأدبيّة في هذا المقام". وأكد رئيس الوزراء أن جلالة الملك عبدالله الثاني قد غضب لهذا التقصير الذي افقدنا أهلا وأعزاء "وهذا الغضب قد أصابنا جميعا وقد امتزج هذا الغضب فيما يتعلق بالحكومة بالخجل بسبب هذا التقصير". وقال: "لقد تمّت إقالة وزير الصحّة وقبل قليل اجتمع مجلس الوزراء وقرر انهاء خدمات مدير مستشفى السلط الحكومي، وإيقاف مدير صحّة البلقاء عن العمل لحين استكمال إجراءات التحقيق القضائي، لافتا إلى أنه كان قد طلب من رئيس المجلس القضائي السير بتحقيق قضائي مستقل عبر النيابات العامة ليقدم مطالعاته في إطار تحقيق قضائي مستقل وشفاف ونزيه الى الشعب الأردني". وكان وزير الصحة أكد أن "هناك تحقيق جار للتأكد من أن نقص الأكسجين هو السبب" الذي أدى إلى حالات الوفاة. وتابع "كل مقصر يجب أن يحاسب، وأنا كوزير صحة أتحمل المسؤولية الأخلاقية كاملة بهذا الخصوص وقدمت استقالتي لرئيس الوزراء". وأكد عبيدات أنه "تم اليوم تأمين المستشفى بالأكسجين وبالطريقة الصحيحة". وتولى عبيدات منصبه على رأس وزارة الصحة اكتوبر الماضي وكان قبلها يشغل منصب رئيس لجنة الأوبئة المكلفة متابعة تطورات فيروس كورونا. وزار العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى المستشفى، بحسب مشاهد بثتها قناة "المملكة" الرسمية. وبحسب مقاطع فيديو بثتها مواقع التواصل الاجتماعي قال الملك لمدير المستشفى بغضب بينما طلب منه الاستقالة "كيف يحصل شيء من هذا القبيل في المستشفى؟ هذا الأمر ليس مقبولا". واحتشد مئات الأشخاص الغاضبين أمام المستشفى الذى شهد تواجدا أمنيا كثيفا. دعوات للمحاسبة وقال أبو عبدالله الذي فقد أحد أقاربه في الحادث لوكالة فرانس برس "نحن نتمنى أن يرحم الله الضحايا كلهم وأن تتم محاسبة المسؤولين عن ما جرى بشدة، يجب أن تتم محاسبة كل إنسان أخطأ" في هذا الحادث. من جهته، أكد سليمان خريسات وهو ممرض متقاعد فقد اثنين من أقاربه إن "المستشفى كان يعاني في السابق من نقص في الكوادر الطبية والتمريضية، ولكن نقص الأكسجين هذه المرة كان الأكبر والأصعب والأمر على... المرضى الذين لم يأخذو حقوقهم الطبية الكاملة". ويعقد مجلس الوزراء اجتماعا طارئا السبت لبحث مستجدات الحادث، فيما يعقد مجلسا النواب والأعيان جلسة طارئة الأحد لبحث تداعياته. وقال رئيس مجلس النواب عبد المنعم صالح في بيان "إنه يُفترض في مثل هذه الأوقات الصعبة أن تتعامل جميع المؤسسات بشكل لا يحتمل التقصير والخطأ، بخاصة عندما يتعلق الأمر بالعناصر العلاجية الأساسية كالأكسجين". وأكد ضرورة "عدم التهاون في محاسبة كل من يثبت تقصيره في هذه الحادثة وغيرها، وتحميل المسؤولية المباشرة والأخلاقية في كل مراتب المسؤولية عن هذه الحادثة الأليمة". وقال رئيس النيابات العامة القاضي يوسف ذيابات لقناة "المملكة" الرسمية، إن "ثلاثة مدعين عامين باشروا إجراءات التحقيق لمعرفة جميع ملابسات الحادث". وبحسب مصدر طبي فإن المستشفى يعالج حوالى 150 مريضا من المصابين بكورونا. ويشهد الأردن منذ اسابيع ارتفاعا في عدد الإصابات اليومية بفيروس كورونا، وبلغت الأعداد الجمعة 55 وفاة و7705 إصابة جديدة لتصل الحصيلة الإجمالية إلى 464,856 إصابة و5224 وفاة. وقررت الحكومة الأربعاء زيادة ساعات حظر التجول الليلي ومنع إقامة صلاة الجمعة وقداس الأحد وإغلاق الحدائق العامة والنوادي الليلية والمراكز الرياضية. وأعلنت الثلاثاء تعليق الحضور الشخصي للطلبة في كافة مراحل التعليم في المدارس والجامعات. وأعادت السلطات الاسبوع الماضي فرض حظر التجول أيام الجمعة. وعلى صعيد اللقاحات، تسلم الأردن مساء الجمعة أول شحنة كبيرة من لقاح أسترازينيكا المضاد لكورونا، في خطوة يفترض أن تتيح للحكومة المضي قدما في حملة التطعيم الوطنية التي بدأت منتصف يناير. وبدأ الأردن في 13 يناير حملة تطعيم ضد فيروس كورونا مستخدما لقاحي فايزر/بيونتيك وسينوفارم الصيني مستهدفا في مرحلته الأولى الكوادر الصحية وكبار السن. وكان الأردن أجاز الإستخدام الطارئ لخمسة لقاحات هي فايزر/بيونتيك وسينوفارم الصيني واسترازينيكا وجونسون آند جونسون وسبوتنيك-في الروسي.