في فيلم «هذا جناه أبي»، كان الديكور في البلاتوه يمثل محكمة يترافع فيها «زكي رستم» بعبقريته الفنية، ضد البطلة «صباح» التي لا يعلم أنها ابنته. وبينما هو مندمج في مشهد المرافعة، مشيرا إليها في القفص، ويتهمها بأفظع الاتهامات، لمح المطربة الشابة تأتي بحركات عابثة، بحكم أن الكاميرا ليست مسلطة عليها، وكذب الرجل بصره واستمر في أدائه. وعندما عاود النظر وجدها على موقفها، فاسترد وعيه وفاق من غيبوبته التمثيلية، وهجم عليها يريد الفتك بها لأنها أخرجته من اندماجه، وبسرعة أوقف المخرج التصوير وأنقذ صباح من الضرب، ودموعها تنزل بغزارة وهنا قال لها زكي رستم: «لابد أن يكون هذا حالك وأنت في قفص الاتهام، وانسحب حانقا»!. لم يعرف زكي ابن «محرم بك رستم» العضو البارز بالحزب الوطني، وصديق الزعيمين مصطفي كامل ومحمد فريد، الحلول الوسطي. وعندما طلب منه والده الالتحاق بكلية «الحقوق» رفض وتمرد عليه، وعلي الأسرة التي طردته من القصر الفخم في حي الحلمية، واتجه للتمثيل بشغف وإصرار من خلال صديقه عبدالوارث عسر الذي قدمه للوسط الفني. وتنقل «زكي» الذي نحيي هذه الأيام ذكري رحيله بين العديد من الفرق المختلفة، وعندما بدأت السينما قدم فيلمه الأول «زينب» الصامت أمام «بهيجة حافظ»، التي عاود العمل معها في فيلمه «الضحايا». وتوالت أفلامه التي تنوعت ما بين أدوار الشر والطيبة، فأنت تصدقه وتخشاه حين يكون شريراً كما شاهدنا في أفلام «أنا الماضي، الفتوة، النمر، عائشة، بائعة الخبز، رصيف نمرة 5» . وتصدقه بالقوة نفسها وهو رجل طيب، كما حدث في «معلهش يا زهر، ياسمين، إجازة صيف». وفي كل ما قدمه كان حضوره يخرج من حالة التقمص إلي حالة التوحد التام مع الشخصية. تكمن سر عبقرية رستم في قدرته المذهلة علي الأداء الطبيعي، فتجده يؤدي بنظرات عينيه العميقة الناطقة أكثر مما يؤدي بجمل الحوار وكلماته، فضلا عن تمكنه الشديد من استخدام أداته الصوتية بشكل متلون مفعم بالتعبير وبالمشاعر التي تنبع من عقل مثقف. رحم الله غول التمثيل. .. و«ليلى بنت الفقراء» .. و«ليلى بنت الفقراء» .. و «الضحايا» .. و «الضحايا» مع فيروز فى فيلم «ياسمين» مع فيروز فى فيلم «ياسمين»