د. شيرين العدوي لقد أثار مقالى السابق زواج عرفى شجون النساء والرجال معا. وصلنى عدد كبير من التعليقات عبر السوشيال ميديا وعبر الهاتف ما بين مؤيد ومعارض مما يؤكد لى أن الزواج العرفى أصبح ظاهرة تهدد البنية المجتمعية. المفاجأة عندما جاءنى من الصعيد على لسان أحد الأساتذة الأفاضل الذين أقدرهم جدا تعليقا مفاده: أن النساء غاضبات، وأنهن فى مناقشاتهن الجانبية معه يعلن ذلك بقولهن: هل نصبت شيرين العدوى نفسها قيمة على النساء؟! لم أرد وقتها على التعليقات، ولكن رصدت كل التعليقات بتؤدة أحاول من خلالها تحليل الظاهرة وتقيميها. وسأضع بين يدى القارئ بعضا من أخطر التعليقات التى وردت إلى وسأخفى بعض الأسماء حتى لا أجرح أحدا: التعليق الأول:شرح فيه صاحبه أنه تقدم لإحدى زميلاته - وقد أراد أن يخفى الحقيقة-حيث أشار إلى أن زميلته فى العمل هى من أرادت الارتباط به فوضعت شروطا بحضور رئيسهما ليكون شاهدا، وفى تصوره أن الزواج العرفى والعياذ بالله دعارة مقنعة, لأنها اشترطت عليه على قدرالمهرالذى يعطيه لها ساعة معينة للالتقاء كأزواج وأنه لو أراد وقتا أكثر فعليه أن يدفع أكثر، وأن رئيسهما كان ظهيرا لها وداعما. وقد رفض هو هذا لأصوله الريفية مما دفع رئيسه للتضييق عليه فى العمل وظلمه. وكان ردى السريع: لو كانت هى من أرادت الارتباط به لما وضعت شروطا. بالتأكيد حضرتك من ذهبت إليها وأنت تعلم هدفها إن كان كلامك صحيحا. التعليق الثانى كان لطبيبة أقدرها جدا د. منى الساهى رأت من خلاله أن الموضوع فى غاية الأهمية وأن النقاش الذى دار حول المقال جزء من منظومة قوانين مجتمع ذكورى قائم على الظلم والتحيز للرجل دون المرأة. وأن الموضوع يحتاج لأكثر من قانون لحماية المرأة فى صور الزواج المختلفة وتطالب عند وضع تلك القوانين أن يساوى بين المرأة والرجل، وأشارت إلى أن قانون الخلع رغم التباهى به مجحف للمرأة جدا وليس إنسانيا؛ حيث تتنازل المرأة فيه عن كل شيء كانت شريكة فى بنائه، لتصبح فى الشارع بلا أى حقوق وربما فى سن كبيرة، فضلا عن نظرة المجتمع لها بأنها مطلقة. التعليق الثالث كان من شخصية كبيرة أقدرها جدا: وكان الحوار عبر الهاتف رأى أنى تحاملت على الرجل عندما طالبته بالمساواة بين الزوجة الثانية والزوجة الأولى شريكة الحياة، وأن التى تقبل على هذا الزواج تذهب لهذا الأمر بمحض إرادتها لكى تحصل على قرشين وينتهى الأمر. التعليق الرابع كان من د. عادل الهنداوى الذى ناشد المجتمع أن تكون العلاقة الزوجية كما فى الغرب يتناصف فيها الشريكان فى كل شيء. وأردف قائلا: هل على الرجال أن يموتوا وتبقى النساء على هذا الكوكب. فلما ناشدته بأن يأتى لزوجته بخادمة ويتشارك معها فى مصروفها عاد إلى الفقه بأن موضوع الخادمة على حسب المقدرة. الحقيقة أن تلك الردود الشديدة اللهجة كشفت لى أن هناك ظلما ما يقع على الطرفين المرأة والرجل وأن صفة العدل لن تتحقق بسهولة لكلا الطرفين. وأن قانون الأسرة يحتاج إلى النظر فيه مرة أخري. الأمر الأشد غرابة أنى وجدت من خلال آلاف الردود المؤيدة والرافضة. أن الآية القرآنية المحذرة للرجل بأنه لن يعدل ولو حرص متحققة فيها. ومازلت عند رأيى أن المؤسسة الأسرية الأولى أقوى من المؤسسة الثانية وأن الرجال مساكين لأنهم لن يستطيعوا العدل بين المؤسستين مما أنتج لنا اعوجاجا مجتمعيا ما. وسأكمل إن شاء الله فى المقالات القادمة.