عبدالله عبدالسلام على مدى شهور، نجح الإعلام الغربى فى تثبيت صورة ذهنية لدى كثيرين فى العالم بأن لقاحات كورونا الروسية والصينية غير موثوق بها ولا تتوافر فيها الاشتراطات العلمية الدقيقة مقارنة بنظيراتها الغربية. لقاحات فيها من السياسة أكثر من العلم. الزعماء الروس والصينيون يريدون تأكيد تفوق بلديهما علميا على حساب صحة البشر، حسب الفولكلور الصحفى الغربى. وصل الأمر إلى أن ترامب علق ساخرا نهاية العام الماضى على أنباء اللقاح الروسى، بالقول: لا أرضى تجريبه على القرود فما بالكم بالبشر!. وزاد من الشكوك أن بوتين، وليس العلماء، هو من تصدر حملة الإعلان عن اللقاح. لكن إعادة الاعتبار جاءت من الغرب نفسه. فقد نشرت مجلة لانسيت العلمية البريطانية ذات المصداقية، ورقة بحثية أكدت أن فعالية اللقاح بلغت 91.6%، وأنه يقف على قدم المساواة مع اللقاحات الغربية، بل يتفوق عليها برخص سعره وسهولة تخزينه. التطور الأهم الذى جعل الغرب يبتلع كبرياءه، هو أزمة توريد اللقاحات بالاتحاد الأوروبى، فقد خدعته الشركات الكبرى بشأن قدراتها على إنتاج ما يكفى لتلبية احتياجات شعوب أوروبا من الجرعات. اعترف مسئولو الاتحاد بأن 2% فقط من الأوروبيين جرى تطعيمهم بينما بلغت النسبة 20% ببريطانيا التى خرجت للتو من الاتحاد وأمريكا 12%. عندها، امتدح الزعماء الأوروبيون اللقاح الروسى مطالبين وكالة الدواء الأوروبية باعتماده. الصين من جانبها، غزت بلقاحها دولا كثيرة فى البلقان وأوروبا الشرقية ومناطق العالم الأخرى. أعرف كثيرين يتشككون فى اللقاح الصينى خوفا من تأثيراته الجانبية وينتظرون لقاحا أوروبيا أو أمريكيا، بعد التشكيك الغربى به وبنظيره الروسى، وكأن العلم والطب والدواء منتجات حصرية غربية. للأسف، هذه الدعاية رسخت فى أذهاننا، بالرغم من أن روسياوالصين قطعتا شوطا كبيرا فى التقدم العلمى من خلال استثمار هائل بالتعليم والبحث العلمى وساهمت شراكة المؤسسات العلمية المدنية والعسكرية لديهما فى إحداث طفرات كبيرة. فى عالم اليوم، لم تعد المختبرات العلمية تقرر وحدها صلاحية أى ابتكار أو دواء بل أصبحت السياسة بانحيازاتها وأحكامها المسبقة ومؤامراتها هى صاحبة القول الفصل.