عبدالله عبدالسلام أليس هذا هو التناقض بعينه؟ رئيس الكنيست يتهم القضاء الإسرائيلى قبل أيام بأنه يدوس قاعدة الابتعاد عن التدخل بالانتخابات بقدم همجية لأنه يحاكم نيتانياهو بتهم الفساد والرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة قائلا: الادعاءات ضد نيتانياهو تكشف أمراض القضاء والنيابة. فى نفس التوقيت، تتباهى إسرائيل بقضائها زاعمة أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة بالمنطقة الملتزمة بحكم القانون ورافضة حكم المحكمة الجنائية الدولية بأن من حقها فتح تحقيق فى جرائم حرب ارتكبتها بحق الفلسطينيين. الرعب الذى أصاب المسئولين الإسرائيليين من الحكم جعلهم يبتلعون كلماتهم المدببة ضد قضائهم الذى اتهموه بالعمل لإسقاط نيتانياهو والإتيان بحكومة يسارية. ولأنهم ليس لديهم حجج مقنعة ضد المحكمة الدولية، ركزوا على دوافع شكلية قائلين:إسرائيل ليست عضوا بالمحكمة والسلطة الفلسطينية ليست دولة. أكثر الدفوع سذاجة، إدخال التاريخ ومعاداة السامية ونوستالجيا اضطهاد اليهود فى المسألة. إذ تحدث مجلس الوزراء المصغر عن أن المحكمة تلاحق الشعب اليهودى مع أنها تشكلت لمنع وقوع فظائع كالتى ارتكبها النازى ضد اليهود. عندما حاكمت الجنائية الدولية قادة يوجوسلافيا سابقا ورواندا وغيرهما، لم يتهمها أحد بملاحقة الشعوب لكن إسرائيل تعتقد دائما أن على رأسها ريشة. المجلس نفسه زعم أن احتمال تحقيق المحكمة فى سياسة الاستيطان والممارسات بالقدس الشرقية، ادعاء سخيف لأن اليهود يعيشون بوطنهم وعاصمتهم، وبالتالى من حقهم أن يفعلوا ما يشاءون!. لا أحد يتوقع استدعاء متهمين إسرائيليين والتحقيق معهم، فالضغوط لن تتوقف، وستدخل أمريكا على الخط رغم أنها ليست عضوا لكن مجرد منح الضوء الأخضر للتحقيق أفزع آلة الحرب والسياسة بإسرئيل لأن المحكمة قد تتحول لساحة تكشف جرائم الحرب العلنية والسرية، وهى هائلة ومروعة. ومع ذلك، من المهم البناء على هذا التطور الإيجابى فلسطينيا وعربيا بممارسة ضغوط مضادة من منظمات رسمية وشعبية عربية تساند المحكمة خاصة المدعية العامة فاتو بنسودا التى تواجه عاصفة إسرائيلية وغربية لإبعادها عن القضية، وربما المحكمة كلها. حتى لو لم تتم المحاكمة، يكفى العمل على تثبيت صورة مغايرة للدعاية الإسرائيلية، تؤكد أن الجرائم ضد العرب والفلسطينيين لن تسقط بالتقادم.