رغم برودة الطقس، وزيادة معدلات إنتاج الألبان والبيض، خلال فصل الشتاء، لكن نار الأسعار، "فوّرت" الألبان، وسلقت حركة بيع "البيض"، ودائما تبقى حجة أصحاب مصانع الألبان أن المربين يرفعون الأسعار عليهم، فيما يتبرأ أصحاب مزارع الماشية من تهمة رفع الأسعار، ليضعوها على عاتق مصانع الأعلاف، التى يتحجج أصحابها بعبارة " أسعار الأعلاف العالمية نار.. وملناش ذنب" وكأننا فى حلقة مفرغة، لانعرف من الجانى الحقيقى فيها، لتكون النتيجة واحدة "لانشرب اللبن .. ولا نأكل البيض". نعم إنتاج مصر السنوى من الألبان يصل إلى 5 ملايين طن، ويصل نصيب المواطن المصرى إلى 65 كيلو جراما سنويًا من الألبان ومنتجاتها. لكن خبراء أكدوا أن نصيب الفرد من الألبان منخفض، مقارنة مع نصيب المواطن فى الدول الأخرى، ورغم ذلك بات المستهلك المصرى غير قادر على شراء المنتج بسبب زيادة أسعاره بلا مبررات. وببعض من التفسير حول سبب زيادة أسعار الألبان فى مصر، يشير الدكتور ممدوح ياسين، خبير صناعة منتجات الألبان :إن السبب يعود إلى انخفاض إنتاج الألبان وارتفاع سعر اللبن المجفف عالميًا، الذى تعتمد عليه غالبية المصانع فى سد الفجوة بين كميات إنتاج الألبان الخام الطازجة، وبين الزيادة السنوية فى الطلب على الألبان، وهذا ما جعل أصحاب مزارع الأبقار يشعرون بأن المصانع تعتمد بصورة أكبر على اللبن المجفف، فاتجهوا إلى رفع أسعار اللبن الطازج. هناك اتهامات عديدة، تم توجيهها إلى بعض مصانع إنتاج الألبان، تشير إلى احتكارها لصناعة الألبان فى مصر، لكن حاتم صالح رئيس شعبة الألبان بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، نفى ذلك ، وبرر نفيه ، بوجود نحو 12 شركة فى مصر تعمل فى مجال تصنيع الألبان. وألمح إلى ضرورة دعم الدولة للألبان، حتى يتم الحد من مطالب المربين والمزارع المنتجة للألبان، بزيادة أسعار التوريد، خصوصًا أن قطاع الألبان يصدر سنويًا ما قيمته 5.1 مليار جنيه سنويًا من إجمالى الصادرات الغذائية التى تقدر بنحو 10 مليارات جنيه. وقال: إذا كان المربون، أو المزارع المنتجة يتعللون بارتفاع أسعار المدخلات، والخامات، فنحن من جانبنا كمصانع لا نري أي مبررات لزيادة أسعار توريد اللبن الخام، لاسيما أن الأسعار العالمية انخفضت أخيرًا، كما أننا نرفض رفع سعر البيع للمستهلك. إلى ذلك ، لم يتضح مما سبق، السبب الحقيقى فى ارتفاع أسعار الألبان، لكن ذلك يدفعنا إلى البحث فى الشائعات التى انتشرت أخيرًا حول "اللبن السايب" فى ظل وجود حملة إعلامية لتوعية المستهلكين بأضراره، مما دفع بائعوه، لرفع سعره، حتى يحققوا أكبر قدر ممكن من المكاسب، لتعويض عزوف كثير من المواطنين عن شرائه. حملة التوعية قامت بها وزارة الصحة على مدى الثلاثة أشهر الماضية بعدما رأت أن أكثر من 80 % من اللبن يتم تناولها سائبة دون معالجة، وتباع بغير تعبئة ، بعدما كشفت كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية عن أنها قامت بأخذ 100 عينة من اللبن السائب والجبن من محال اللبن فى القاهرةوالإسكندرية، وعند تحليل هذه العينات فى معامل الكلية، ظهر أن أكثر من 70 % من العينات تحتوى على أكثر من 60 مليون وحدة بكتريا، رغم أن أقصى مستوى مسموح به عالميًا من عدد الوحدات البكتيرية فى اللبن المبستر هو 300 ألف. صابر محمد النقيب، صاحب إحدى مزارع تربية الأبقار المنتجة للألبان بمحافظة البحيرة، قال :إن سعر الكيلو يخرج من المزرعة بجنيهين ونصف الجنيه، واعترف بأن هذا السعر مرتفع إلى حد ما، لكنه ربط سعر كيلو اللبن بأسعار الأعلاف، التى تستوردها مصر من الخارج، إضافة إلى منافسة أصحاب المصانع لبعضها البعض. وقال: كنت أبيع كيلو اللبن قبل شهرين بجنيهين فقط، وجاءنى مندوب لأحد المصانع يطلب شراء الكيلو بجنيهين و25 قرشا، وفعلا وافقت على البيع له لمدة شهر ونصف الشهر، ثم فوجئت بمن كان يشترى منى بجنيهين فقط، يرجع إلى مرة أخرى، ويطلب شراء الكيلو بجنيهين ونصف الجنيه. أضاف: أى صاحب مزرعة يريد المكسب أولا، وعندما وجدت منافسة بين مندوبى المصانع بهذه الدرجة، لم أتردد فى زيادة مكسبي ، فلا أحد يلوم أصحاب المزارع فى ذلك، ولن يجد أى شخص طريقًا للمكسب ولا يسلكه، واللوم فى ذلك على أصحاب المصانع وحدهم، لأنهم من ابتدعوا المنافسة، ورفعوا الأسعار، ليتحملها المستهلك وحده. كلمات "النقيب" كشفت عن السبب الحقيقى الذى لم ولن يعترف به مصنعو الألبان فى مصر، وبات المستهلك وحده هو الضحية، ومن المؤكد أننا إذا واجهنا أى صاحب مصنع، بما قاله صاحب المزرعة ، ستكون إجابته معروفة: "غير صحيح". ومن "فوران" أسعار الألبان ، إلى "سلقان" البيض، حيث قفزت أسعاره بمعدل 15 % بسبب نقص المعروض من المزارع ، واتجاه غالبية المربين إلى تحويل مزارعهم من إنتاج البيض لإنتاج اللحوم، بعد ارتفاع أسعارها نتيجة ارتفاع اللحوم الحمراء، وبات الآن يباع طبق البيض بسعر 17 جنيها فى محلات السوبر ماركت. فسعر البيضة وصل إلى 75 قرشا، وهذا ما برره الاتحاد العام لمنتجى الدواجن بجشع التجار ونقص الغاز وزيادة أسعار الخامات، لكن الدكتور سعد نصار، مستشار وزير الزراعة جاء تفسيره بأن ارتفاع نسبة النفوق بين الدواجن تتراوح بين 10% و15%، كما أن الأسعار ترتفع بمجرد ارتفاع أسعار الكتاكيت الأعلاف أيضًا، وعلي أساس ذلك فإن الكتكوت وصل سعره إلى 260 قرشًا، مما كان له أثر على أسعار الدواجن والبيض ورفعها.