تعرف السينما بأنها مصنع الأحلام، وعندما نقول الأحلام فنحن نقصد الخيال والبعد عن الواقع، لذا كانت السينما تلجأ دائما للخدع من أجل إظهار ما لا يمكن إظهاره إلا عبر عدسة الكاميرا، لكى يظهر للعين البشرية، ويتيح لها التحليق فى سموات الخيال من خلال تصوير الأساطير، أو شطحات الخيال البشرى بكل أشكالها من خيال أو خيال علمي، أو حتى معارك وكوارث لم يقم أحد بتصويرها. ومع دخول عصر الكومبيوتر وبرامج الصورة أمكن تحقيق ذلك بتقنيات أعلى وبتكلفة أقل. وها هى مجلة لغة العصر تبدأ فى هذا الموضوع رصد تاريخ الخدع فى السينما منذ البداية من خلال بعض الأفلام التى استخدمت فيها بعض التقنيات البسيطة. وسنواصل فى الأعداد المقبلة مواصلة الرصد حتى دخول عصر الكمبيوتر، والتغييرات الجذرية التى قدمها للسينما. فيلم: اعدام مارى ملكة إسكتلندا من إخراج الفريدكلارك (عام 1895) فى شهر أغسطس من عام 1895 خرج إلى النور أول فيلم تستخدم فيه الخدع السينمائية بعنوان: (مارى ملكة إسكتلندا) من إخراج الأمريكى الفريد كلارك. حيث كان الفيلم يعرض على جهاز كينتوسكوب الذى تم اختراعه فى الولاياتالمتحدةالأمريكية من قبل توماس إيدسون، وذلك قبل اختراع السينما بشكلها الحالى من قبل الفرنسيان (الأخوينلوميير). وكان الفيلم عبارة عن عرض شخصى داخل صندوق به منظار، يضع الشخص عينه على المنظار ليشاهد الفيلم. وكانت الخدعة فى مشهد إعدام الملكة مارى عبر قطع الرقبة، حيث يتم وقف الكاميرا من بعد رفع منفذ الإعدام للبلطة، وتستبدل الممثلة التى تقوم بدور الملكة بدمية ليتم تشغيل الكاميرا مرة اخرى، ورؤية رأس الدمية تتدحرج. لكن هذا لميكن كافيا، فقد كان يجب معالجة شريط الفيلم فى لحظة توقف الكاميرا، وإعادة تشغيلها خوفا من أن تكون هناك بعض الصور التى تم التقاطها فى اللحظة التى تم فيها توقيف الكاميرا وإعادة تشغيلها. مارى ملكة إسكتلندا من إخراج الفريدكلارك رابط فيديو المشهد: https://www.youtube.com/watch?v=BIOLsH93U1Q (2) فيلم: الرجل ذو الأربعة رؤوس، (من إخراج الفرنسي: جورج ميليه) (عام 1898) قام الساحرالسابق (جورج ميليه) بتقديم أول الخدع السينمائية على سينما الفرنسيين الأخوين لوميير، وهى السينما بشكلها الحالى كما نعرفها، والمتمثلة فى عرض شريط الفيلم داخل آلة عرض سينمائى، وإسقاط الفيلم على شاشة عرض. استخدم ميليه تكنيك توقيف الكاميرا الذى كان معروفا من قبل، ولكنه ابتكر طريقة جديدة متمثلة فى إخفاء الضوء عن عين الكاميرا، بواسطة غطاء كان يوضع على فتحة الكاميرا، ثم إرجاع الفيلم للوراء بنفس المقدار الذى مر فيه الفيلم دون دخول ضوء لداخل الكاميرا والتصوير عليه من جديد. وقد كان شريط الفيلم فى ذلك الوقت ليس بالحساسية العالية التى نشاهدها اليوم، حيث كان مصنوعا من نترات الفضة، لذا طالما لم يدخل الضوء لداخل الكاميرا فهو يظل كالجديد بحيث يمكن التصوير عليه مجددا كالتصوير لأول مرة. وفى فيلم (الرجل ذو الأربعة رؤوس) قام ملييه بتصوير نفسه أربع مرات على نفس المساحة من شريط الفيلم، مستخدما شريط الفيلم، بالطريقة السابق شرحها. حيث قام بتصوير نفسه فى خلفية سوداء وأربع مرات، ورأسه موضوع على طاولة وجسده مختفي. ومع تكرار العملية فى المشهد يبدو ملييه وكأنه ينتزع رأسه عدة مرات. الرجل ذو الأربعة رؤوس فيديو المشهد: https://www.youtube.com/watch?v=IKQRV4XKZt4&t=22 فيلم: رحلة إلى القمر (جورج ميليه)– (عام 1902) قام جورج ميليه فى عام 1902 بإخراج الفيلم الرائع (رحلة إلى القمر) والذى يعتبره البعض نقلة كبرى فى عالم الخدع السينمائية، والذى كانت مدته 12 دقيقة. وقد استخدم ميليه العديد من الخدع التى ابتكرها فى هذا الفيلم، منها توقيف كاميرا التصوير، من أجل التصوير على نفس الفيلم الذى صور عليه مرة أخرى (وقد استخدم هذا التكنيك فى مشهد اختفاء سكان القمر). استخدام أسلوب طبع صورة فوق لقطة مصورة (يتم ذلك فى المعمل)، وقد تم ذلك فى مشهد ظهور الكواكب فى السماء التى ينام تحتها مكتشفى القمر. كما قام برسم صورة القمر على وجه ممثل، ثم قام بتكبيرها عند حركة الكاميرا ليعطينا الإحساس بأننا نقترب من القمر، لم يكن من الممكن تحريك الكاميرا لذا فقد تم وضع الممثل فوق كرسى بعجل ودفعه نحو الكاميرا مع تثبيت حجم اللقطة على وجه الممثل فقط. نجح الفيلم فى جميع أنحاء العالم، وأدخل عالم الخدع فى عصر جديد، من خلاله استعمل الكثير من الأفلام الخدع السينمائية، وحلق بالخيال بعيدا. رحلة إلى القمر (جورج ميليه) فيديو الفيلم: https://www.youtube.com/watch?v=ZNAHcMMOHE8 فيلم سرقة القطار الكبرى من إخراج ( إيدون بورتر) (عام 1903) فى فيلم (سرقة القطار الكبرى) الصامت، يقوم المخرج الأمريكى إيدون بورتر باستخدام تكنيك كان معروفا من قبل، ولكنه لم يطبق فى فيلم تجاري. هذا التكنيك معروف باسم التصوير عبر حائل، وتتكون تلك الطريقة من وضع زجاج أمام عدسة الكاميرا يظهر عليها أحيانا رسومات أو صورة فوتوغرافية، تظهر فى الفيلم كديكور، أو خلفية لموقع لم يتم التصوير فيه مع الممثلين لارتفاع تكلفة تنفيذ ذلك. لكن بورتر لم يفعل ذلك بل قام تصوير مشهد تظهر فى خلفيته نافذة للقطار، وقام بوضع حائل زجاجى أمام عدسة الكاميرا، وقام بإخفاء النافذة بقطعة من النسيج لتبدو كستار فوق النافذة، وصور المشهد مع الممثلين، حاسبا طول وزمن المشهد المصور، ثم أعاد الفيلم داخل الكاميرا بنفس زمن تصوير المشهد. ويقوم بتصوير قطار يدخل المحطة ويتوقف، فوق نفس الفيلم الخام الذى صور عليه المشهد، عبر الحائل الزجاجي، ولكن هذه المرة قام بدهان الحائل الزجاجى بالأسود بحيث لا يبقى مكشوفا لعدسة الكاميرا سوى مساحة النافذة التى قام بتغطيتها بستار فى مرة التصوير الأولى، لتظهر صور القطار الآخر يدخل ويتوقف من خلال النافذة. وكان طبع الصورتين فوق بعضهما قد أعطانا الإحساس بأن قطار السرقة توقف فى المحطة فعلا بينما تدور الأحداث. وتم اللجوء لهذا التكنيك لتوفير التكاليف. هذا بجانب قيامه بتلوين بعض الصور داخل الفيلم يدويا، ليكون من أوائل الأفلام التى يظهر فيها لقطات بالألوان. سرقة القطار الكبرى