غرفة عمليات محافظة البحر الأحمر: اليوم الاول من انتخابات النواب مر دون معوقات أو شكاوى    بكام طن الشعير؟.. أسعار الأرز والسلع الغذائية ب أسواق الشرقية اليوم الثلاثاء 11-11-2025    أسعار الطماطم والبطاطس والفاكهة في أسواق الشرقية اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    سوريا تنضم إلى تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش    بينها حالات اغتصاب.. نزوح جماعي وانتهاكات بحق النساء في الفاشر (تفاصيل)    العراقيون يتوجهون إلى صناديق الاقتراع لاختيار برلمان جديد    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي    وزير العمل يتابع حادث انهيار سقف خرساني بالمحلة الكبرى.. ويوجه بإعداد تقرير عاجل    بسمة بوسيل تقف إلى جانب آن الرفاعي بعد طلاقها من كريم محمود عبد العزيز    أسرة الراحل إسماعيل الليثى تنتظر الجثمان أمام كافيه ضاضا وتؤجل العزاء إلى غد.. وعمه يطالب جمهوره بالدعاء له بالرحمة.. وجيران الليثى: كان بيساعد الناس.. أطفال: كان بيشترى لينا هو وضاضا كل حاجة حلوة.. فيديو    بتوقيع عزيز الشافعي...بهاء سلطان يشعل التحضيرات لألبومه الجديد بتعاون فني من الطراز الرفيع    طبقًا لإرشادات الطب الصيني.. إليكِ بعض النصائح لنوم هادئ لطفلك    موعد مباراة السعودية ضد مالي والقنوات الناقلة في كأس العالم للناشئين    «متحف تل بسطا» يحتضن الهوية الوطنية و«الحضارة المصرية القديمة»    أبرزها "الست" لمنى زكي، 82 فيلما يتنافسون في مهرجان مراكش السينمائي    ترامب: ناقشت مع الشرع جميع جوانب السلام في الشرق الأوسط    سلطنة عمان تشارك في منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي 2025 وخطوات استخراجها مستعجل من المنزل    بكين ل الاتحاد الأوروبي: لا يوجد سوى صين واحدة وما يسمى ب «استقلال تايوان» محاولات فاشلة    أسامة الباز.. ثعلب الدبلوماسية المصرية    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    إصدار تصريح دفن إسماعيل الليثى وبدء إجراءات تغسيل الجثمان    يمهد الطريق لتغيير نمط العلاج، اكتشاف مذهل ل فيتامين شائع يحد من خطر النوبات القلبية المتكررة    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    أمطار على هذه المناطق.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    وزارة الداخلية تكشف ملابسات واقعة السير عكس الاتجاه بالجيزة    انهيار جزئي لعقار قديم قرب ميدان بالاس بالمنيا دون إصابات    الحوت، السرطان، والعذراء.. 3 أبراج تتميز بحساسية ومشاعر عميقة    ريم سامي: الحمد لله ابني سيف بخير وشكرا على دعواتكم    التعليم تعلن خطوات تسجيل الاستمارة الإلكترونية لدخول امتحانات الشهادة الإعدادية    أسعار العملات العربية والأجنبية أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    مع دخول فصل الشتاء.. 6 نصائح لتجهيز الأطفال لارتداء الملابس الثقيلة    أهمهما المشي وشرب الماء.. 5 عادات بسيطة تحسن صحتك النفسية يوميًا    النائب العام يستقبل وزير العدل بمناسبة بدء العام القضائي الجديد| صور    نيسان قاشقاي.. تحتل قمة سيارات الكروس أوفر لعام 2025    بسبب خلافات الجيرة.. حبس عاطل لإطلاقه أعيرة نارية وترويع المواطنين بشبرا الخيمة    استغاثة أم مسنّة بكفر الشيخ تُحرّك الداخلية والمحافظة: «رعاية وحماية حتى آخر العمر»    بعد لقاء ترامب والشرع.. واشنطن تعلق «قانون قيصر» ضد سوريا    إصابة الشهري في معسكر منتخب السعودية    مشهد إنساني.. الداخلية تُخصص مأمورية لمساعدة مُسن على الإدلاء بصوته في الانتخابات| صور    المغرب والسنغال يبحثان تعزيز العلاقات الثنائية والتحضير لاجتماع اللجنة العليا المشتركة بينهما    زينب شبل: تنظيم دقيق وتسهيلات في انتخابات مجلس النواب 2025    صلاة جماعية في البرازيل مع انطلاق قمة المناخ "COP30".. صور    مروان عطية: جميع اللاعبين يستحقون معي جائزة «الأفضل»    تجنب المشتريات الإلكترونية.. حظ برج القوس اليوم 11 نوفمبر    بي بي سي: أخبار مطمئنة عن إصابة سيسكو    اللعنة مستمرة.. إصابة لافيا ومدة غيابه عن تشيلسي    لماذا تكثر الإصابات مع تغيير المدرب؟    تقارير: ليفاندوفسكي ينوي الاعتزال في برشلونة    خطوة أساسية لسلامة الطعام وصحتك.. خطوات تنظيف الجمبري بطريقة صحيحة    أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    رجال الشرطة يجسدون المواقف الإنسانية فى انتخابات مجلس النواب 2025 بالإسكندرية    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشهد اقتحام الكونجرس.. دلالاته ومآلاته


د. سليمان عبدالمنعم
سيظل مشهد اقتحام الكونجرس الأمريكى فى 6 يناير 2021 محفورا فى ذاكرة التاريخ الأمريكي. وسيثرى مشهد الاقتحام المروّع حركة الدراسات السياسية والفكرية عن النظام الأمريكي. وستصبح مصطلحات مثل الإرهاب المحلي، والتطرف العرقي، والتحريض على التمرد، مجالا خصبا لحركة البحث العلمى والنقاش السياسى لزمن طويل مقبل. فى الموضوع سؤالان للنقاش أولهما يُمهّد للثاني. الأول عن دلالات ما جرى والثانى يتعلق بمآلاته المحتملة.
أولى دلالات ما جرى هى أن مصطلح الإرهاب المحلى قد دخل القاموس السياسى والقانونى الأمريكى وسيكون التعامل معه من الآن فصاعدا بوصفه ظاهرة جديدة تتطلب حلولا تشريعية يخلو منها القانون الأمريكى حتى الآن. فالقانون الأمريكى يجرّم أفعال العنف مثل أى قانون آخر. لكن الإرهاب يظل سلوكا ينطوى على العنف والترهيب وتدمير الممتلكات وعرقلة عمل المؤسسات والإضرار بأمن الدولة نفسها، وبالتالى ولأنه يجمع بين طياته اعتداء على أكثر من مصلحة قانونية جوهرية جديرة بالحماية فإنه يتطلب تجريما خاصا يعكس هذه الاعتبارات.
والمفارقة أن مصطلح الإرهاب كان ينصرف مدلوله حصرا إلى إرهاب جماعات التطرف الدينى فى الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، أما اليوم فقد ثبت أن الإرهاب الذى يتغذى على التطرف والتعصب والكراهية لم يعد حكرا على دول أو شعوب أو ثقافات بعينها بل صار إفرازا عالميا يكشف عن أزمة العالم المعاصر.
اليوم تشهد أمريكا وربما العالم كله فترة قاتمة من إرهاب سياسى محلى لأسباب وأهداف لا علاقة لها بالدين من قريب أو بعيد. كأننا نعيد مشاهدة إرهاب جماعات الألوية الحمراء فى إيطاليا والعمل المباشر فى فرنسا وبادر مينهوف فى ألمانيا فى حقبة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. دلالة الإرهاب المحلى الجديد فى أمريكا لا تنفصل عن ظواهر مثل ظاهرة حيازة السلاح التى يتبنى فيها الحزب الجمهورى وترامب بوجه خاص موقفاً ليبرالياً منفلتاً رافضاً حظرها أو تقييدها فى ظل أرقام متداولة عن وجود 800 مليون قطعة سلاح بأيدى الأفراد فى أمريكا.
أهم دلالة فى مشهد اقتحام مبنى الكونجرس أنه لا يكشف فقط عن أول سابقة لرئيس أمريكى يتمرد على نتائج انتخابات أفضت إلى هزيمته لأسباب تم رفضها جميعاً من المحاكم الأمريكية. والواقع أن ترامب قد أعلن رفضه نتائج أى انتخابات تؤدى لهزيمته حتى قبل أن تٌجرى هذه الانتخابات بشهور طويلة. الدلالة تكمن فى سؤال يرتد إلى خمس أو ست سنوات مضت هو كيف وصل رئيس أمريكى بمثل هذه الشخصية والأفكار والغرائب والنوازع المعروفة للجميع إلى سُدة الحكم فى أكبر ديمقراطيات العالم؟ فى البداية كان الظن أنه إفراز طفيلى وسلبى وعابر للديمقراطية الأمريكية سرعان ما سيتم إهماله ونسيانه فإذا بالرجل يحظى فى الانتخابات التى هُزم فيها بتأييد 74 مليون ناخب أمريكي.
وبعيدا عن جمهور الناخبين فقد كان محيّرا وعصيّا على الفهم كيف أن الحزب الجمهورى بعراقته السياسية قد خلا من شخصيات تليق بترشيح الحزب ليسمح لشخص لم يمارس منصبا حكوميا طوال عمره وبأفكار وسلوكيات وتصريحات مستهجنة أن يحظى بترشيح الحزب، وهل هناك قوى خفية بخلاف اللوبى الصهيونى كانت وراء ذلك؟ وكيف «اتسع» تيار اليمين المتطرف فى أمريكا و«ضاق» الحزب الجمهورى بإرثه وقياداته إلى هذا الحد؟
الدلالة الثالثة ترتبط بمجمل الفكرة الديمقراطية فى أمريكا وتنصب تحديدا على النظام الانتخابى الذى يبدو أنه أصبح يثير بعض التساؤلات والإشكاليات. فالتصويت بالبريد، وتباين القوانين المحلية من ولاية لأخري، وحدود سلطات المجمع الانتخابي، وما إذا كان له رفض نتيجة تصويت الناخبين، بل وحدود سلطة الكونجرس نفسه فى اعتماد نتائج الانتخابات أو مناقشة ما قد يشوبها من مخالفات أو تجاوزات. كل هذه مظاهر إشكالية لم تكن تثار فيما مضى اعتمادا على قوة تقاليد النظام واحترامها المستقر لدى المتنافسين لكنها اليوم أصبحت محل نزاع وجدل. ولهذا قيل إن الكونجرس الذى استغرق 34 دقيقة فقط لاعتماد فوز ترامب على هيلارى كلينتون فى عام 2016 قد احتاج إلى 14 ساعة كاملة لاعتماد فوز بايدن ضد ترامب، الفارق بين الزمنين يعكس أزمة الديمقراطية الأمريكية.
أما عن المآلات المحتملة للدلالات والإشكاليات السابقة فأولها يتعلق بسيناريوهات مساءلة ترامب. ثمة ثلاثة مسارات ممكنة أولها إعمال التعديل 25 للدستور بإعلان نائب الرئيس والحكومة أن الرئيس غير قادر على ممارسة مهامه، وقد تم تجاوز هذا المسار برفض مايكل بنس نائب الرئيس له.
المسار الثانى هو محاكمته البرلمانية والتى ووفق عليها إجرائياً لحظة كتابة هذه السطور أمام مجلس النواب بأغلبية 232 صوتا من بينهم عشرة جمهوريين مقابل 197 رافضاَ. ولكن ما زال الأمر يتطلب تصويت مجلس الشيوخ بأغلبية الثلثين، وبافتراض توافر هذه الأغلبية الخاصة فمن الصعب انعقاد مجلس الشيوخ قبل 19 يناير الحالى.
المسار الثالث هو محاكمة ترامب سياسياً بل وجنائياً عن تهم عديدة تتعلق بالتهرب الضريبى والتحرش الجنسى والتهديد، وهذا مسار يمكن اللجوء إليه منذ اليوم التالى لمغادرة المنصب. سيناريو آخر يثير خلافاً بين الفقهاء الدستوريين والقانونيين الأمريكيين أنفسهم يتمثل فيما إذا كان ترامب يملك فى اللحظات الأخيرة إصدار قرار بالعفو عن نفسه. البعض يرى إمكان ذلك اعتماداً على عمومية نص العفو وانتفاء أى سابقة قانونية تحظره، والبعض الآخر يرى بحق عدم جواز ذلك استناداً لمذكرة قديمة لوزارة العدل الأمريكية فى عام 1974 فى عهد الرئيس نيكسون أساسها المبدأ القانونى العام بأنه لا يجوز لقاض الفصل فى قضية هو طرف فيها.
أحد السيناريوهات الأخرى المفتوحة على مآلات مختلفة يتعلق بمستقبل الحزب الجمهوري. لا نعرف يقيناً كم يمثل تيار التطرف العرقى من ال 74 مليون صوت انتخابى التى حصل عليها ترامب؟ لا إجابة محددة لدى الأمريكيين أنفسهم لأن الكتلة الانتخابية للحزب الجمهورى بالغة التنوع من جمهوريين تقليديين ومحافظين وليبراليين وقوميين شعبويين وغيرهم، لكن وبافتراض أن تيار التطرف العرقى يمثل خمس إجمالى الأصوات التى حصل عليها ترامب فهذا يعنى أن فى أمريكا 15 مليون متطرف عرقى يؤمنون بسيادة العرق الأبيض وبالتالى يرفضون التنوع العرقى والثقافى الذى قامت عليه الولايات المتحدة الأمريكية وفيه يكمن سر حيويتها وتفوقها، وهذا مؤشر بالغ الخطورة حذّر منه مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكي.
المؤكد أن الحزب الجمهورى يضم تيارات وأجنحة شديدة التباين فى أيديولوجيتها وسياساتها، الأمر نفسه كذلك بدرجة بأقل داخل الحزب الديمقراطى الذى تتباعد فيه أكثريته الوسطية الاجتماعية عن تيار يسارى يمثله بيرنى ساندرز. هل يعنى ذلك أن الثنائية الحزبية فى أمريكا بين حزبين كبيرين رئيسيين هما الحزب الجمهورى والحزب الديمقراطى لم تعد تعكس بدقة حقيقة التنوع الأيديولوجى والسياسى فى المجتمع الأمريكي. فهل سنشهد يوما انقساما للحزب الجمهورى لحزبين أو أكثر، وانقساماً موازياً للحزب الديمقراطى لتعيش أمريكا مثل معظم بلدان أوروبا ظاهرة التعدد الحزبى لا الثنائية الحزبية؟ هذا تساؤل يصعب الإجابة عنه حاليا لكن المؤكد أنه وجه آخر لأزمة أمريكا المعاصرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.