كانت محطات استراحة الحيوانات بمدن الصعيد مثل أسوان، وإسنا وفرشوط، والتي أسسها الوالي محمد علي باشا آنذاك، لها أهميتها في استقبال الحيوانات القادمة من إفريقيا، ويقول المؤرخ أحمد أحمد الحتة فى كتابه "تاريخ الزراعة في عهد محمد على باشا" إن الوالى الكبير شجع على استيراد الحيوانات من السودان، مؤكدا أن الأبقار وأجناس الحيوانات الأخرى كانت تموت فى طريقها لمصر، بالأخص فى المسافة بين وادي حلفا وإسنا، قبل اتجاهها لمحطة فرشوط بقنا ومنها للقاهرة. وأكد أن موت الحيوانات، جعل محمد على باشا يقرر عدم سير الحيوانات لأكثر من 6 ساعات في كل 24 ساعة، وإعداد مأكولات فى المحطات، وذلك حسب نصيحة الأطباء البيطريين الفرنسيين له، مع مراقبة الحيوانات فى الحجر الصحى، مع اتخاذ تدابير أخرى للسلامة . فى ذلك الوقت قام محمد على باشا ببناء وتأسيس إسطبلات جديدة فى عدد من المديريات، منها إسطبل شبرا بالقرب من قصره، وألحق بالإسطبل حقولا فسيحة، وكان الإسطبل يسع آلاف الحيوانات، وهو المكان الذي تم وضع زرافتين فيه تم إهدائهما لفرنسا وإنجلترا ، وكذلك أبقار بعد مجيئهما من محطات الصعيد المخصصة للحيوانات،حيث تم نقل الزرافة الأنثي لفرنسا ومعها أبقار مصرية لإرضاع الزرافة، فى رحلة من الإسكندرية حتى فرنسا. لا تتحدث المراجع التاريخية عن خط سير الزراف الذي أهداه أحد التجار الأعيان لمحمد على باشا ، كما لا تتحدث عن وضع الزراف، و محطات الصعيد قبل أن يقرر إهداء الزراف، ومعها أبقار تم وضعها فى محطات الصعيد لفرنسا وإنجلترا فى رحلة دونتها الكتب التاريخية ،والروايات الأدبية أيضا، وكذلك المتحف الطبيعى بفرنسا الذي يضم جسد الزرافة. ويوضح المؤرخ والأثري فرنسيس أمين فى تصريحات ل"بوابة الأهرام " إن الزرافتين وضعتا فى قصر شبرا الذي بناه محمد على باشا، وأنه أهدى الزرافة الأنثى لفرنسا، مضيفا أن القنصل الفرنسي آنذاك قرر إرسال ظبيتين وثلاث بقرات معها، وكلف عامل إسطبل بالمرافقة، كما أهدى زرافة آخري لبريطانيا، مؤكدا أن زرافة محمد على باشا المهداة لفرنسا وضعت لها الكثير من المؤلفات التى دونتها. ويضيف الحتة فى كتابه أن البقر المصري فى مصر عهد محمد على باشا كان مرتفع القامة قوي البنية، وكانت أفضل الأبقار المصرية فى مديريات الغربية والبحيرة والقليوبية، فيما كانت الأبقار ضعيفة فى الشرقية، أما بقر الصعيد فقد كان يتلقى المدح لجودته، إلا أن الأبقار كانت غير كافية لحاجة القطر المصري، مما جعل استيرادها مهما، أما الجاموس فى مصر، فقد كان شائعا لأنه كان ميالا للسباحة في المستنقعات، وكان بمصر آنذاك الجاموس الوحشى الذي كان يربيه البدو. ويؤكد فرنسيس أمين أن الزرافة والأبقار والظبى تم ارتحالها من الإسكندريةلفرنسا فى شهر سبمتبر عام 1826م ، وبعد الوصول لميناء مارسليا كانت ظبية نفقت، وأصيبت بقرة بدوار البحر، وهى البقرة المخصصة لإرضاع الزرافة حيث تم ارتحال حلاب للبقر مخصصا لإرضاع الزرافة، وكذلك حملت ماعز فى السفينة التى تقل الزرافة التى تم استقبالها فى فرنسا استقبال حافل، حيث انتشرت الاستعراضات الموسيقية والاحتفالات بها. ويوضح أمين أن الزرافة التى تم إهدائها إلى بريطانيا كانت قليلة الحظ حيث نفقت، أما الزرافة التى أهداها محمد على باشا فقد عاشت فى فرنسا فى حديقة النباتات، ووضعت غرفة للمصري الذي كان مكلفا أن ينام قرب رأسها، وعاشت أكثر من عشرين عاما ،ليتم تحنيطها، كما عاشت فى بطون الكتب والمراجع . بعد رحيل الزرافة بمدة عامين يقرر محمد على باشا تأسيس أول مدرسة للطب البيطري فى مصر فى رشيد،على خلفية فتك الأمراض للأبقار المستعملة فى الأرض حيث قرر تكليف كلا من هامون وبرتو فى إنشاء المدرسة التى كانت تضم 10 تلاميذ ومترجما وشيخ أزهري، لكن المعاكسات التى حدثت من الطلبة والشيخ الأزهري جعل فوائد المدرسة التى تأسست فى رشيد عام 1828م قليلة، ومنعدمة الفائدة . ويوضح المؤرخ أحمد أحمد الحتة ، أن محمد على باشا أرسل البعثات لفرنسا لتعليم الطب الطب البيطري حيث أرسل كلا من :مصطفى نور الدين ،ومحمد عبدالفتاح، وإبراهيم السبكى مؤكدا أن محمد على باشا قرر نقل المدرسة البيطرية إلى القاهرة عام 1831م، واحتلت مكانا بالقرب من مستشفى الطب البيطري بأبى زعبل وضمت 120 تلميذا، إلا إنه تم نقلها مرة ثانية إلى شبرا التى كانت تتواجد فيها الزرافة قبل رحيلها لفرنسا ، واستمرت المدرسة قائمة فى شبرا حتى قام عباس باشا الأول بنقلها إلى منوف، قبل أن يقوم بإلغائها لكرهه للمدارس. الجدير أن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ممثلة في الهيئة العامة للخدمات البيطرية، أكدت فى بيان لها مساء أمس الخميس ،نها تحقق في نفوق إحدى الزرافات الواردة حديثا من جنوب أفريقيا ،مؤكدة أنه تم تشكيل لجنة تضم مختصين من معهد صحة الحيوان وكليه الطب البيطري جامعة القاهرة بالإضافة إلى أطباء الهيئة العامة للخدمات البيطرية للتشريح والفحص وأخذ عينات للتحليل لمعرفة سبب النفوق، لإحدى الزرافات عن طريق المبادلة بحيوانات أخرى من حديقة الحيوان. قصة زرافات محمد على باشا قصة زرافات محمد على باشا