د. عبد المنعم سعيد هذه تهنئة أرجو ألا تكون متأخرة للأساتذة عبدالمحسن سلامة رئيس مجلس إدارة الأهرام، وعلاء ثابت رئيس تحرير الأهرام، وماجد منير رئيس تحرير الأهرام المسائى وموقع الأهرام الإلكترونى أو «بوابة الأهرام». والتهنئة يصدق عليها القول أن تأتى متأخرًا - بسبب موعد نشر المقال - خير من ألا تأتى على الإطلاق، كما تصدق على ما حدث للبوابة التى كان موعدها الأول فى 6 أكتوبر 2010 أى قبل خروجى من رئاسة مجلس إدارة الأهرام بستة أشهر كانت عامرة بالأحداث التى تخص الأهرام بقدر ما كانت ترتبط بمصر كلها. موعد البوابة الثانى كان فى الأسبوع الماضى بعد عشر سنوات تقريبا من الموعد الأول الذى كان تتويجا لجهد عام جرى فيه اليقين بتراجع الصحافة الورقية، بقدر ما جرى التأكد أنه لا يمكن تحول مؤسسة هائلة الإمكانات والقدرات والمواهب مثل الأهرام إلى الحالة الرقمية دونما مراجعة كاملة لمكونات المؤسسة التى هى أكبر من الصحيفة التى حملت شعلتها إلى مصر والعالم العربى والعالم أيضا. وفى الحقيقة فإن الأهرام لم تكن هى التى سبقت إلى البوابة بشكلها المعروف حاليا، وإنما سبقتها فى ذلك صحيفة اليوم السابع، رغم أن المؤسسة كانت أول من أنشأ فى مصر موقعا إلكترونيا للأهرام فى نهاية تسعينيات القرن الماضى، كما عرفت الكمبيوتر منذ عام 1968، والذى استخدمته فى إنتاج فواتير الكهرباء فى مصر. للأسف فإنه لم يتم البناء على هذا السبق، وعندما ظهر الكمبيوتر الشخصى كانت هناك الكثير من المقاومة لاستعماله فى إدارات المؤسسة المختلفة، وفى عام 2009 كانت نسبة الاستخدام فى المؤسسة كلها لا تتعدى 10% من الاستخدامات رغم توافر الأجهزة فى كثير من الأحيان، ورغم وجود إدارة آماك التى عرفت تكنولوجيات المرحلة قبل الكثير من المؤسسات المصرية الأخري. تغيير ذلك كله كان فرض عين أخذا فى الاعتبار ما بات يقينا مؤكدا عن عصر الصحافة القادم والذى قام على قاعدة أن الصحف قد تتراجع وتذوي، ولكن الصحافة جزء من الوظائف الأساسية التى لا تضيع للمجتمعات والأمم والدول. كانت نقطة البداية هى التدريب وعلى نطاق واسع للعاملين فى المؤسسة فى أقسامها وإداراتها المختلفة، وهذه تكفل بها الزميل والصديق د.حسن أبوطالب، ومن بعده كان تكليف المهندس مصطفى الخولى رئيس آماك برقمنة إدارات المؤسسة، وقبل مغادرتى الإدارة فى 30 مارس 2011 كانت إدارة التوزيع بقيادة أ. محمد العزبي، والشئون المالية بقيادة المرحوم محمد إسماعيل، وشئون العاملين بقيادة أ.سعيد ماهر قد انتهت عملية رقمنتها. المهندس عمر سامى كانت فى جعبته المهمة الصعبة الخاصة بتحويل مطبوعات الأهرام كلها إلى الإنتاج الرقمى بمواقع خاصة بها، وكانت البداية بمجلة الشباب برئاسة المرحوم لبيب السباعي، وكانت المفاجأة ساعتها أن توزيع المجلة قد زاد بعد انطلاق موقعها. المهندس حاتم هزاع حصل على مهمة لا تقل أهمية، وهى تحويل كل الإنتاج السابق للمؤسسة إلى وعاء رقمى بما فيه أرشيف أهم مؤسسة صحفية فى الشرق الأوسط على مدى ما يقل قليلا عن 150 عاما، ومعه تجهيز إدارة النقل فى المؤسسة بخاصية GPS الذى يمكن من متابعتها على مدار الساعة ويؤهلها للاستخدام الاقتصادى فى مجالات أخرى غير توزيع الصحف. كانت هناك جهود سابقة لتحويل هذا الإنتاج إلى صور بالتصوير المباشر والميكروفيش والسى دي، ولكن هذه المرة كان هناك ملايين من الصور، مع كل الصحافة المصرية، لكى تكون جاهزة لتقديم قدر هائل من المحتوى لمشروع كبير ورائع. كانت الأحلام قد كبرت مع كل خطوة معرفة بالواقع التكنولوجى الجديد فى عالم الصحافة. وبمعاونة المكتب الفنى الذى كان فيه د.محمد عبدالسلام، ود.صبحى عسيلة، وآخرون من الشباب، وصلنا إلى مشروع تحويل الأهرام من مؤسسة صحفية إلى شركة إعلام أو Media Company يتم فيها دمج الأنشطة الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية فى إطار واحد كان مشهورًا باسم غرفة الأخبار المدمجة، ولكنها فى الواقع كانت أكبر من الأخبار وتتناول الكثير من فنون الاتصال مع الناس. ومما زاد من ثقتنا فى المشروع أن الفرصة أتيحت لنا لعرضه على تجمع الصحف العالمية الكبرى فى مدينة هامبورج الألمانية والتى حضرها رؤساء مجالس إدارات صحف النيويورك تايمز والواشنطن بوست من الولاياتالمتحدة، والتايم من بريطانيا، واللوموند من فرنسا، وغيرها. ولكن الأقرب لنا فى التجربة كان صحيفة آساهى اليابانية، والتى حرصت على زيارتها فيما بعد بتسهيل من السفير وليد عبدالناصر فى طوكيو لإجراء مقابلة مع رئيس الوزراء هوماتويا والذى قيل عنه وقتها إنه أوباما اليابان. كل ذلك أخذنا بعد عام إلى 2010 والاستعداد للإنتاج الصحفى المتعدد الطرائق، وكان طبيعيا أن تكون بوابة الأهرام العربية والإنجليزية هى الفاتحة؛ والأولى كان قائدها أ.عبدالله عبدالسلام كاتب العمود الصحفى المتميز الآن؛ والثانية كانت تحت قيادة الصديق النبيل هانى شكرالله رحمه الله الذى أتيت به من تغريبة فى صحيفة الشروق الغراء. فى ذلك كانت قوة الدفع من جميع الاتجاهات قد جعلت البوابة يقتطف منها فى كبريات الصحف العالمية حتى إنه باتت فى الألف الأولى من المواقع الإلكترونية، وبالتحديد فى المرتبة 820 من بين أكثر من خمسة ملايين موقع وقتها. أصبحت بوابة الأهرام هى القاطرة التى تقود مشروع الأهرام الرقمى إلى العالم الخارجى حتى إنه تم الاستعداد لنقل الأرشيف إلى مكان متميز فى مطابع قليوب، وتوفير الأرشيف الإلكترونى فى صالة صغيرة فى الدور الخامس الذى سوف يتصل بالدور الرابع، وكلاهما سوف تكون له استديوهات للإذاعة والتليفزيون والمواقع الإلكترونية التى تعكس اهتمامات الأهرام. وبالمناسبة كانت هناك بالفعل تسجيلات تليفزيونية، أذكر منها تسجيلا مهما مع السيد شمس بدران ربما آن أوان إذاعته. هذا المقال هو للتهنئة ببداية جديدة للبوابة، وتقدير لكل من أسهم فى وضع أساسها قبل عشر سنوات، وربما كانت التجربة مفيدة لما يحدث الآن، وأكثر من ذلك كانت درسا للتعامل مع واقع الصحافة المصرية، وتوفيرا للمعلومات للمتسائلين عما يفعله رؤساء مجالس الإدارة فى الماضى والحاضر، وفى الفم ماء كثير!.