عبدالله عبدالسلام تبدو الآثار التى نهبها المستعمرون الأوروبيون كقضية السلام بالشرق الأوسط، الحق فيها واضح لكن الفعل غائب. مثقفون غربيون كثيرون يطالبون بعودة القطع الأثرية لأصحابها لكن مناشداتهم تذهب أدراج الرياح وسط حالة من الصلف والعنجهية يستمتع بها مسئولو المتاحف الأوروبية زاعمين أن ما يمتلكونه شرعى مائة بالمائة، بينما الحقيقة أنهم حصلوا عليها وأيادى جنودهم ومغامريهم ملطخة بدماء الضحايا. مناسبة هذا الكلام، استعداد ألمانيا لافتتاح متحف منتدى هومبولت ببرلين ليكون ثالث أكبر متحف أوروبى «تكلفته 790 مليون دولار» بعد المتحف البريطانى واللوفر. يضم المتحف عشرات آلاف القطع الأثرية الإفريقية، وبينها منحوتات برونزية نهبها الجنود البريطانيون عام 1897 من نيجيريا وباعوها للمتاحف وهواة التحف بأوروبا وأمريكا الشمالية. المتحف الملكى البلجيكى يضم 180 ألف قطعة جرى السطو عليها أثناء أسوأ استعمار عانته القارة السمراء على الإطلاق. أما المتحف البريطانى، فلديه 69 ألف قطعة من إفريقيا جنوب الصحراء فى وقت يرفض إعادة أو إقراض القطع لأصحابها الحقيقيين. المتاحف الأوروبية تتباهى فيما بينها بامتلاك أكبر عدد من القطع المنهوبة. البريطانيون يفتخرون بحجر رشيد الذى كشف طلاسم الحضارة الفرعونية، ومتحف برلين يعتبر رأس نفرتيتى درة التاج. لا أحد يفكر بإعادة الحق لأصحابه، وكأن هذه القطع جرى نقلها بالهليوكوبتر فى رحلة عادية متغافلين أن لها تاريخا يجب أن يعرفه العالم، كما تقول بينديكتى سافوى أستاذة تاريخ الفن الألمانية، التى استقالت لأن مسئولى متحف هومبولت لم يكلفوا أنفسهم عناء كشف التاريخ الاستعمارى لهذه المقتنيات. هل من حق هذه المتاحف امتلاك وعرض والتربح من التراث المنهوب بينما عشرات ملايين الأفارقة يتضورون جوعا دون أن تفكر أوروبا بتعويضهم؟. كيف تبرر ألمانيا لنفسها امتلاك قطع أثرية خلال استعمارها تنزانيا الذى قتلت خلاله 200 ألف تنزانى؟. يريد الأوروبيون القول إنهم موطن الثقافة والفن ورعاته، لكنهم يفعلون ذلك بكنوز غيرهم الذين يعاملونهم بجلافة وعنصرية، لدرجة أنهم منعوا فنانين أفارقة من دخول أوروبا لعرض أعمالهم. هل هذا هو الرقى والتحضر والرسالة الإنسانية التى تدعى أوروبا أنها علمتها ونشرتها فى العالم؟