أكد خبراء الاقتصاد، أن استمرار المشروعات العامة، ومشروعات البنية التحتية، من أهم العوامل التي ساعدت مصر في التعامل مع أزمة كورونا بنجاح، إذ قامت الحكومة بدور المحرك للاقتصاد بدلاً من القطاع الخاص، كما أن القرارات التي اتخذتها مصر كانت خط الدفاع الأول وخففت تلقي الصدمة، وهذه ميزة الإصلاح المالي والنقدي الذي أنقذ البلاد من مخاطر عدة مثل عدم حدوث نقص في الأغذية أو الأدوية وعدم حدوث عجز كبير في الاحتياطي الدولاري. وقال الخبير الاقتصادي خالد الشافعي، رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إن مصر تعاملت بكل حرفية مع أزمة فيروس كورونا، وهو ما تشهد به المؤسسات الدولية حيث تعتبر مصر واحدة من أهم وأقوى الاقتصاديات خلال تعاملاتها مع أزمة كورونا، ورغم الأزمة تم اختيار مصر كأحد أفضل الأسواق الناشئة في احتواء التضخم، وهذا أمر متوقع نتيجة الجهود المبذولة لتحقيق التوازن بين أسعار الفائدة ومعدلات التضخم، ودعم الإنتاج والصناعة واتخاذ إجراءات لدعم الشركات الناشئة وتأجيل سداد المديونيات وغيرها من الإجراءات. أضاف أن مصر لم تتصدر الأسواق الناشئة وحسب في احتواء التضخم لكن حقق الاقتصاد المصري إنجازات عدة رغم جائحة كورونا، حيث حققت معدلات نمو موجبة كواحدة من عدد قليل من الاقتصاديات العالمية التي تحقق نموا في ظل انكماش عالمي بسبب كورونا وصل إلى 3.6% نمو موجب، وقبل الأزمة بلغت معدلات النمو 5.6% وهو الأعلى منذ 10 سنوات، إذ حققت مصر المرتبة الثالثة من حيث معدلات النمو عالميا وفق مجلة الإيكونوميست مطلع هذا العام، نتيجة زيادة كبيرة في تحرك القطاعات الأكثر استدامة، وهو ما انعكس على الاستثمار للقطاع الخاص والاستثمار الأجنبي، العام المالي الماضي. أوضح أن هناك إشادة عدة مؤسسات دولية كبيرة منها البنك الدولى، وصندوق النقد الدولى، ومؤسسات التصنيف الدولية شهدت بتحسن الاقتصاد المصرى، وما ترتب على خطوات الإصلاح الاقتصادى من تحسن تصنيف مصر الائتمانى وتقدم مصر فى عدة مؤشرات، وكذلك احتواء التضخم بشكل يسمح للبنك المركزي المصري التحرك بمرونة أكبر فيما يتعلق احتواء التضخم رغم الجائحة. أكد أنه من من عوامل نجاح مصر في تعاملها مع الأزمة هو استمرار العمل على المشروعات والتي يتم الانتهاء منها تباعًا وهذا انعكس على زيادة معدلات النمو القطاعى، وتحسين مؤشرات التنمية فى كافة المجالات، و تسهم هذه الاستثمارات والمشروعات الضخمة فى تهيئة البنية التحتية اللازمة لتشجيع استثمارات القطاع الخاص المحلى والأجنبى، والاستمرار في هذه الإجراءات يساعد على زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ويتوازي معها سعر فائدة جاذب للاستثمار فكلها خطوات إيجابية نحو مزيد من الاستقرار الاقتصادي. لفت إلى أن معدلات النمو الاقتصادى الحالية المحققة رغم جائحة فيروس كورونا تؤكد على النظرة الإيجابية للاقتصاد، وفى وقت قريب أعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني عن نظرة مستقبلية مستقرة لقدرات مصر على تحقيق معدلات نمو مرتفعة، وكذلك قدرتها على سداد الالتزامات الخارجية. نوه "الشافعي" بأن "الحراك الاقتصادى لمصر قبيل أزمة فيروس كورونا مكنها من عبور الأزمة والتعامل معها بشكل جيد جدا بل وتحسن كافة المؤشرات الدولية مثل التنافسية والتصنيف الائتماني مع استمرار برنامج مصر الإصلاحى، الذى نجحت مصر فيه بامتياز حتي هذه اللحظة. وقالت الدكتورة سلوى عبدالعزيز أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن مصر حققت طفرة كبيرة في برنامج الإصلاح الاقتصادي، لاسيما في الجزء الأول الخاص بالإصلاح المالي والنقدي، والذي حقق نجاحًا كبيرًا، ثم تعرض لاختبار ولكنه عن غير عمد، ليثبت نجاحه، وذلك بظهور جائحة كورونا التي اجتازت العالم بأسره. أضافت أن هذا الاختبار أثبت أن كل معدلات النمو الاقتصادي في مصر يمكنها أن تتعامل مع الجائحة، فالتحدي الأكبر هو كيف استطعنا أن نتعامل مع الجائحة ومدى مرونة الاقتصاد، ولذلك أشاد تقرير صندوق النقد الدولي بمصر وأنها من الدول القلائل على مستوى العالم والدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي حققت نموا اقتصاديًا بالموجب. أشارت إلى أن أهم التي عززت من تحقيق ذلك النمو، هي قيام الاستثمارات العامة بدور المحرك للاقتصاد بدلاً من القطاع الخاص، وهو ما ظهر من خلال مشروعات البنية التحتية الكبيرة التي تضخها الدولة في شرايين الاقتصاد، حتى لا يتعطل. وأوضحت أن معدل البطالة تراجع أيضًا خلال الربع الثالث من العام المالي 2019-2020 رغم ازدياده في العديد من دول العالم، ولكن الاستثمارات العامة في مصر التي تشغل شركات المقاولات والتي تتعامل مع شركات أخرى، وبالتالي تتوفر فرص العمل، ما يخلق طلبًا على منتجات أخرى. ولفتت إلى أن الدولة توسعت في برامج الحماية الاجتماعية سواء بالمنحة التي أقرتها الدولة للعمالة غير المنتظمة، وكذلك برامج تكافل وكرامة، مشيرة إلى أن القرارات التي اتخذتها مصر كانت خط الدفاع الأول وتلقي الصدمة بمرونة، وهذه ميزة الإصلاح المالي والنقدي والتي أنقذت البلاد من مخاطر عدة مثل عدم حدوث نقص في الأغذية أو الأدوية وعدم حدوث عجز كبير في الاحتياطي الدولاري. وأكدت أن برامج الإصلاح يتبعها أثار إيجابية على الأجل القصير، ما ينبغي أن يتبعها إصلاحات هيكلية، فمثلاً مع تراجع البطالة إلا أنه يجب أن تزيد الانتاجية من خلال الاهتمام بالتعليم والتعليم والفني، كما ينبغي الاهتمام بالقطاعات الحقيقية الممثلة في الزراعة والصناعة، وعندما يأتي الوقت الذي يزداد فيه التصنيع والاستصلاح الزراعي والتصدير الزراعي، نستطيع القول بأن الإصلاح الاقتصادي نجح بنسبة 100%.