تحدثنا في المقال السابق عن بعض الأمور الخاصة ب مبادرة منع التعصب ؛ التي أُطلقت قبل مباراة نهائي بطولة إفريقيا ؛ التي انتهت بفوز النادي الأهلي ؛ وكنا قد طرحنا بعض الأفكار لخروج المباراة بشكل يليق باسم مصر وصورتها الذهنية. وتطرقنا لأن أشكال التعصب متعددة؛ وكذلك لها جذور بدأت منذ فترات؛ وأخذت في التجذر بشكل عجيب؛ حتى باتت شكلًا مألوفًا؛ قد يكون التصرف المشين الذي صدر بحق شيكابالا لاعب نادي الزمالك قد آلم الناس؛ ولما لا وهو تصرف ينم عن سلوك أعوج؛ غير منضبط أخلاقيًا ولا نفسيًا. ولكن السؤال الأهم؛ هل هذا السلوك المشين وليد اللحظة؛ أم أنه نتاج سلسلة من التجاوزات التي تم التغاضي عن توقيفها بالحسم اللازم؛ تحت حجج واهية؛ لم تثمن من جوع؛ وأفرزت عددًا من التجاوزات المهينة في حق الرياضة تجاه ممارسيها ومتابعيها. منذ عدة عقود نتذكر بعض المشاهد الجميلة بين لاعبي الأهلي والزمالك قبل مبارياتهم المهمة؛ حينما كان يذهب نجوم الفريقين لحضور مران مهم للفريق الآخر؛ والذكريات حافلة؛ ومن ثم كان يذهب جمهور الأهلي لتشجيع الزمالك حينما يلعب مع فريق من خارج مصر؛ وجمهور الزمالك يذهب أيضًا لتشجيع الأهلي عندما يلعب مع فريق خارج مصر؛ كانت تلك الروح الرياضية الجميلة؛ هي السائدة. فما الذي حدث؟ في العقد الأخير من القرن الماضي بدأت البرامج الرياضية في الظهور؛ ولأنها تتابع أخبار النجوم والأندية؛ أضحى لها متابعون كُثر؛ ويومًا بعد يوم؛ زاد المتابعون؛ ومن ثم زاد تدفق المعلنين؛ وازداد عدد البرامج؛ ووصلنا لوجود قنوات خاصة بالأندية؛ ومن قبلها باتت البرامج الرياضية ركنًا ثابتًا في كل القنوات التليفزيونية والإذاعية؛ بخلاف قنوات اليوتيوب. وأيضًا منا من يتذكر كمًا من التجاوزات غير المقبولة التي حدثت بتلك البرامج؛ وكلنا تعجبنا من التغاضي عن محاسبتها؛ إلا من رحم ربي لذر الرماد في العيون. وفي ثنايا تلك البرامج شاهدنا تجاوزات من عدد من اللاعبين كانت صادمة تمامًا لكل المتابعين؛ لا أُحبذ التذكير بها؛ منهم من نال عقوبة رادعة؛ ومنهم من تدثر بثوب الحُجج الواهية؛ ووجد من يدعمه؛ فكرر أفعاله المشينة! لنصل إلى أن الأسباب الرئيسية للتعصب تتلخص في وجود منصات إعلامية تزكي التعصب بشكل غير لائق؛ ومن ثم تجد من المتعصبين قبولًا؛ فيتحول التشجيع "لتحفيل" وقد يكون في إطار مقبول؛ وهي سمة من سمات وسائل التواصل الاجتماعي؛ ولكنه يتوهج من قبل البعض ليصل لحد السب والقذف في أحايين كثيرة؛ وإن كنت أكرر أنها من البعض؛ إلا أنها لافتة! ويمكن تشبيهها بالبقعة السوداء في الثوب الأبيض؛ برغم صغر حجمها؛ إلا أنها تخطف الأبصار. فما الحل؟ أعتقد أن ما حدث مع المسيئين ل شيكابالا أمر رائع؛ فالقبض عليهم ومحاكمتهم على جرمهم؛ يعني عدم السماح بالتجاوز والإهانة بأي شكل؛ أضف أيضًا توقيع العقاب الملائم لحجم الجرم؛ كل ذلك أمر محمود ومقبول من العامة دون تخصص. ولكن لابد من استكمال تلك الخطوة بأُخريات؛ تقف بالمرصاد لكل متجاوز؛ سواء كان لاعبًا أو مسئولًا؛ أو أحد أصحاب المنصات الإعلامية؛ إن كنا لا نملك محاسبة بعض المنصات مثل منصات اليوتيوب؛ إلا أننا بحكم مصريتهم نملك محاسبتهم كأشخاص؛ بما يعني أن للدولة السلطة الكاملة في محاسبة المخطئ؛ أيا كان مكانه ومكانته. وعلى ذلك لو أحكمت الدولة قبضتها على كل المخالفين دون تمييز؛ فسينعدم بالتبعية الوقود المغذي للتعصب؛ ودون ذلك؛ هو بمثابة فتح أبواب خلفية لدخول المتعصبين؛ ومن ثم توهج التعصب ليأخذنا لمنعطف خطير؛ يأكل الأخضر واليابس؛ ويجب ألا ننسى؛ أننا حتى اليوم لم نسمح بعودة الجماهير للمدرجات مرة أخرى وهذا يؤكد وجود خلل واضح في إدارة المنظومة الرياضية فإلى متى يستمر ولماذا؟ ،،، والله من وراء القصد [email protected]