أحمد عبدالتواب كلمة عابرة التعصب الحزبي المُعلَن، الذي صارت حِدّته تتصاعد في تتابع الانتخابات الأمريكية في العقدين الأخيرين، هو من الظواهر السلبية الخطيرة المُستَجَدة على الحياة السياسية في أمريكا ، حيث يبرئ كل متعصب حزبه من أي خطأ ويتهم الطرف الآخر بكل السلبيات! وهو ما نرى بعض أعراضه الأخيرة في عدم إقرار ترامب ومؤيديه بالهزيمة في الانتخابات، بل إنهم يتهمون الحزب الديمقراطي المنافس بتزويرها! وهو اتهام ينطوي على ما هو أخطر من عدم الامتثال للنتيجة، لأنه يطعن في صحة الآليات التي تنال من سمعة الديمقراطية الأمريكية التي كانت تتباهى بها في العالم، عندما كان الأطراف المتنافسون يتفقون على أمانها ودقتها، وعلى تحقيقها للنزاهة المطلوبة من الجميع. ولكن التناول الموضوعي، الذي يُقِرّ بخطأ ترامب في عدم اعترافه بالهزيمة، يرصد أيضًا أن ترامب لم يبتدعها، وإنما سبقه الحزب الديمقراطي في الانتخابات الماضية عام 2016، عندما رفضوا الإقرار بنتيجة فوزه فور إعلانها، بل حتى الآن، ثم بدأوا بعد رفضهم الفوري في جمع الأدلة التي تدعم موقفهم، ومن هذا اتهامهم له بأنه ما كان ليفوز لولا تدخل الروس لمصلحته. ولم يتوقفوا عن الطعن في فوزه حتى مع عجزهم عن الإتيان بدليل يقنع القضاء، أو يمكن أن يستند إليه السياسيون في خطابهم للجماهير. ليس في هذا السياق أي محاولة لتبرئة ترامب من التهم الرهيبة التي يتعرض لها منذ سنوات، حتى تهمة الفوز بعون الروس، ولا تبرئة للحزب الديمقراطي من تهمة تزوير الانتخابات الأخيرة، وإنما الهدف الإشارة إلى أنه لم يعد هنالك اتفاق من الأطراف الأساسية المتنافسة على سلامة إجراءات الانتخابات وعلى حياد القائمين عليها، ويتساوى في تقويض الثقة اتهام الروس باختراق النظام الانتخابي، أو اتهام الديمقراطيين بالعبث في التصويت عبر البريد! وأما الخطر الأكبر فهو أن الفوز في أمريكا عادة، وفي الانتخابات الأخيرة خاصة، لا يكون إلا بفروق ضئيلة، أي أن الخاسر يحوز ثقة ما يقترب من نصف أعداد الناخبين، وهو مؤشر إلى انقسام خطير لا يبعث على الاطمئنان إلى إمكانية الاستقرار. * نقلًا عن صحيفة الأهرام