وزير الري يشارك فى جلسات أسبوع القاهرة الثامن للمياه    صندوق النقد يحذر من ارتفاع الدين العام العالمي إلى أعلى مستوى منذ عام 1948    محافظ جنوب سيناء يبحث آليات البدء في تنفيذ مشروع محطة إنتاج الطاقة والهيدروجين الأخضر بمدينة الطور    14 شهيدا في قطاع غزة منذ فجر اليوم    مسؤول سابق بالناتو: تنسيق مع الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا لمواجهة تقليل النفقات الدفاعية    حزب المصريين: زيارة البرهان لمصر تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين    وزير الرياضة يهنئ رباعي سيدات تنس الطاولة لتأهلهن إلى نصف نهائي بطولة أفريقيا    كرة يد - إلى ربع النهائي.. سيدات الأهلي تكتسحن اتحاد النواصر في بطولة إفريقيا    القبض على مالك مطبعة لتقليد المطبوعات التجارية بعين شمس    بث مباشر.. لحظة انتشال سيارة ملاكى سقطت فى ترعة المريوطية بدون خسائر بشرية    تكثيف أمني لكشف غموض العثور على جثة شقيقين بالعياط    محامي شيرين بعد رفض طعن روتانا: من حقها إصدار أغانيها في أي وقت    انطلاق الدورة السادسة عشر من مهرجان المسرح العربى من 10 ل 16 يناير    محافظ أسوان يفتتح منفذ بيع إصدارات هيئة الكتاب بمكتبة مصر العامة    بعد مقاضاة طليقته بالنفقة.. محمد العمروسى: العائلة هى الكنز الحقيقى    نجوم الفن يغادرون إلى الغردقة لحضور مهرجان الجونة 2025.. صور    هل يجوز شراء شقة بنظام التمويل العقارى بقصد الاستثمار؟.. أمين الفتوى يجيب    الصحة العالمية: برنامج التطعيم الإجباري بمصر نموذج يحُتذى به على مستوى العالم    ننشر مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الخامس الابتدائي    رئيس جامعة سوهاج يفتتح وحدة المعمل المركزي للتحليل الحراري    دي يونج مستمر مع برشلونة حتى 2029    أجندة سيتي حتى توقف نوفمبر.. 7 مباريات في 22 يوما ل مرموش قبل العودة لمنتخب مصر    الصين: مصر شريك محوري في أفريقيا والعالم العربي    مستشار مركز السياسات الأوكراني يُطالب بتعزيز النفقات لصد الهجمات الجوية    جامعة قناة السويس تنفذ برنامجًا تدريبيًا توعويًا بمدرسة الجلاء الابتدائية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15-10-2025 في محافظة الأقصر    الشيخ خالد الجندي: جنات عدن في القرآن رمز للخلود وتمام الأجر الإلهي    ضبط 850 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بكفر الشيخ    انطلاق فاعليات اليوم العالمي لغسيل الايدي بمدارس شمال سيناء    صحة المنوفية تواصل استعداداتها للاعتماد من هيئة الاعتماد والرقابة    شفاء المرضى أهم من الشهرة العالمية    وزيرة التضامن: مصر قدمت نحو 600 ألف طن من المساعدات لقطاع غزة    وزير العمل يلتقي رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر لتعزيز التعاون بالملفات المشتركة    تحت رعاية محافظ بني سويف: بلال حبش يُكرّم لاعبي ولاعبات بني سويف الدوليين ولاعبات السلة "صُمّ"    شريف حلمي: الأكاديمية العربية شريك أساسي في إعداد كوادر مشروع الضبعة النووية    موعد مباراة الأهلي ضد إيجل نوار في دوري أبطال إفريقيا والقنوات الناقلة    عملية أمنية شاملة لاستهداف المتعاونين مع الاحتلال في قطاع غزة    «القوس بيعشق السفر».. 5 أبراج تحب المغامرات    رسوم إنستاباي على التحويلات.. اعرف التفاصيل الكاملة    متحدث الحكومة: تمويل 128 ألف مشروع بالمحافظات الحدودية ب4.9 مليار جنيه    «مدينة زويل» تفتتح موسمها الثقافي باستضافة وزير الأوقاف الخميس    حكم تشغيل القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت قبل الفجر والجمعة    الجامع الأزهر يقرر مد فترة التقديم لمسابقة بنك فيصل لذوى الهمم حتى 20 أكتوبر الجارى    التعليم توجه المديريات بخطوات جديدة لسد العجز في المدارس للعام الدراسي الحالي    سلوك عدواني مرفوض.. «خطورة التنمر وآثاره» في ندوة توعوية ل«الأوقاف» بجامعة مطروح    إيفاد: الحلول القائمة على الطبيعة تحسن رطوبة التربة وتزيد كفاءة أنظمة الري    وزير الثقافة: قافلة مسرح المواجهة والتجوال ستصل غزة حال توفر الظروف المناسبة    توفير لقاح الأنفلونزا الموسمية فى 17 منفذا بالشرقية .. العناوين    أول تعليق من وزير الشئون النيابية على فوز مصر بعضوية مجلس حقوق الإنسان    السجن المشدد ل 7 متهمين بحيازة المواد المخدرة في المنيا    اللجنة الخاصة: استثناء "فوات الوقت" في استجواب النيابة للمتهمين    ب 20 مليون جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    عاجل- مجلس الوزراء يشيد باتفاق شرم الشيخ للسلام ويؤكد دعم مصر لمسار التسوية في الشرق الأوسط    أسرة سوزي الأردنية تساندها قبل بدء ثاني جلسات محاكمتها في بث فيديوهات خادشة    الكرملين: بوتين سيجري محادثات مع الرئيس السوري اليوم    محافظ كفر الشيخ يُهنئ القارئ أحمد نعينع لتكليفه شيخًا لعموم المقارئ المصرية    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    رغم منع دخول أعلام فلسطين.. إيطاليا تهزم إسرائيل وتنهي فرصها في التأهل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الأدب والحرية «1»
نشر في بوابة الأهرام يوم 22 - 11 - 2020


د. جابر عصفور
كنتُ أتحدثُ مع زميلى النجيب، الدكتور هيثم الحاج على ، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب فى مكتبه، وقادنا الحديث لذكريات جميلة عن تأسيس مجلة: «فصول» وملابسات إنشائها وسياق تحولاتها، وشرّق الحديث بنا وغرّب حول هذه المجلة العظيمة التى لا أظن أن مجلة نقدية أدبية عربية وصلت للمستوى الأعلى من النجاح الذى وصلت إليه. الأمر الذى جعلنى ألح على أخى هيثم فى ضرورة إعادة طبعها. إيمانًا منى بأن هذه العملية إذا تمت سوف تُسهم إسهامًا أساسيًّا فى تكوين ثقافة القراء الشباب وتعميقها. وفاجأنى هيثم مفاجأة مُفرحة عندما أخبرنى أن النية فى الهيئة مُنعقدة بالفعل على إعادة طبع كل أعداد مجلة: فصول ابتداء من عددها الأول إلى آخر أعداد مراحل التأسيس. ولكنه أخبرنى بوجود عائق يرجونى أن أُسهم فى إزالته.
وهو أن الجزء الثالث من عدد الأدب والحرية ضائع من مكتبته شخصيًّا، أما بقية الأعداد فموجودة وجاهزة لإعادة الطبع. وسألنى إذا كنتُ لا أزال مُحتفِظًا بهذا العدد أم لا، فقلتُ له: بالطبع لا أزال مُحتفظًا به فى مكتبتى الخاصة؛ أولًا لأنه جزء من المجلة التى أفخر بأننى أسهمتُ فى إصدارها بكل ما لها من تأثيرٍ ربما لا يزال باقيًا إلى اليوم، وثانيًا لأن هذا العدد بالذات هو أحد أجزاء العدد الأول الذى توليتُ فيه رئاسة تحرير هذه المجلة. ووعدتُه أن أعطيه صورة من هذا العدد؛ كى يكمل المجموعة ويعيد طباعة كل أعداد فصول مُجتمعة فى مجلدات. وتركتُ هيثم وأنا عازم على البحث عن الجزء الثالث فى مكتبتى الخاصة بمجرد وصولى للمنزل، ولكن مر اليوم ولم أتمكن من تحقيق ما وعدتُ به.
وكان اليوم اللاحق هو يوم الجمعة لِحُسن الحظ، فاستيقظتُ باكرًا، وأخذتُ أُفتش فى المكتبة إلى أن عثرتُ على الأجزاء الثلاثة لعدد الأدب والحرية. وكان المعتاد فى مجلة فصول أن يصدر كل عددٍ مُخصَّصًا لقضية من القضايا الأدب ية أو النقدية أو لموضوع من الموضوعات التى تتصل ب الأدب والنقد فى علاقتهما الوثيقة بالمجتمع الأدب ى والحياة الثقافية بوجهٍ عام، ولكن يستثنى من ذلك الموضوعات الأكثر أهمية، فكان فى هذه الحالة يصدر العدد الخاص بها فى أكثر من جزء، كما حدث مع عدد الأدب والحرية وعددى ألف ليلة وليلة وأبى حيان التوحيدى.
وأخيرًا عثرتُ على الجزء الثالث من المجلد الحادى عشر الذى صدر فى خريف 1992، ووجدتُ نفسى تلقائيًّا أتصفحه وتنثال على ذاكرتى الأحداث والوقائع المحيطة بصدوره. وقد سبق أن قُلت إن هذا العدد هو الأول فى انفرادى برئاسة تحرير المجلة بعد أن تركها مشكورًا- أستاذى الدكتور عز الدين إسماعيل ، نتيجة تغير قيادات الوزارة من ناحية، وتولى فاروق حسنى الوزارة من ناحيةٍ ثانيةٍ، وتعيين سمير سرحان، رئيسًا للهيئة المصرية العامة للكتاب من ناحيةٍ ثالثةٍ. وكان الأمر قد استقر فى مطلع التسعينيات على تغيير قيادات المجلات الثقافية الأساسية، فتم تعيينى مكان أستاذى العظيم الدكتور عز الدين إسماعيل الذى أُكن له كل التقدير والاحترام، وتعيين أحمد عبد المعطى حجازى، رئيسًا لتحرير مجلة إبداع خلفًا لأستاذنا الدكتور عبد القادر القط، وتعيين غالى شكرى - رحمه الله - رئيسًا لتحرير مجلة القاهرة.
وأشهد أننا نحن الثلاثة قد ظللنا نتسابق على سلم الإتقان والتجديد. وكانت المشكلة بالنسبة لى كبيرة، فماذا يمكن أن أضيف إلى سياسة فصول التى شاركتُ فى وضعها مع أستاذى الكبير الدكتور عز الدين إسماعيل ، وأخى الصديق صلاح عبد الصبور؟ وظللتُ أفكر كثيرًا فى الوضع الذى وجدتُ نفسى عليه. ولكنى أخيرًا اكتشفت أننا لم نتعرض لمشكلة المشاكل فى الحياة الثقافية بل فى حياة المجتمع المصرى وغيره من المجتمعات التى تسعى إلى التقدم والنهوض بوجه خاص. وتذكرتُ فى سياق تداعى الأفكار جُملة قالها يوسف إدريس وهى أن الحرية المتاحة فى العالم العربى كله لا تكفى أديبًا واحدًا لكتابة رواية عربية. وقلتُ لنفسى: هذه إذًن هى البداية، فليكن العدد الأول فى زمن رئاستك لتحرير المجلة عن الأدب والحرية.
وبالفعل كتبتُ خطابًا أدعو فيه المثقفين المصريين والعرب إلى الكتابة فى هذا الموضوع: إما بحثًا أو دراسة، أو شهادة خاصة بتجاربهم الحياتية. وكنتُ أعلم أن الموضوع حسّاس ولكنى كنتُ ممتلئًا بفرحة البدايات، فأكملتُ الخطاب ونسخنا منه عددًا كبيرًا من النُّسخ وأرسلناها إلى صنّاع الكلمة وكُتّابها على امتداد العالم العربى كله دون تمييزٍ بين مثقف محسوب على اليسار أو مثقف محسوب على اليمين أو مثقف ليبرالى، فقد كان المثقفون جميعًا صنفًا واحدًا فى تقديرى لا فارق بين تصنيفاتهم إلا على أساس من قيمة الكتابة .
وكان الكتّاب المصريون هم أول من أرسلنا إليهم بالقطع، سواء أكانوا أساتذة فى الجامعة أو مثقفين من خارج الجامعة . وبعد أن أرسلنا الخطابات ظللنا ننتظر الإجابات التى لم تلبث أن توالت علينا سواء من مصر أو غيرها من أقطار العالم العربى، وأشهد أن الاستجابات كانت فوق توقعنا, فالحماسة كانت غالبة، والكتابات التى وصلت إلينا كانت فى مستوى طموحنا بل حتى أكبر من طموحنا. وهكذا أخذت تتكامل لدينا مواد العدد الذى قررنا أن نقسِّمه إلى ثلاثة أجزاء: الأول والثانى للبحوث والدراسات، والثالث, وهو الجزء الذى أضاعه أو فقده زميلى د.هيثم الذى ألح علىَّ فى العثور عليه, لشهادات الكتاب والمبدعين الذين شملناهم بالدعوة؛ لأنه إذا كان الكتّاب والدارسون هم الذين يكتبون عن المبدعين، فمن حق القارئ أن يسمع أصوات المبدعين أنفسهم ويعرف آراءهم فى هذه القضية المحورية.
وعندما راجعت الأعداد الثلاثة فوجئتُ بثراء الكتابة وتعددها وتنوعها بتعدد أوجه الموضوع وتنوّع أشكاله، والحق أنه رغم مُضِى ما يقرب من 30 عامًا على صدور ذلك العدد، لا تزال قضية الأدب والحرية قضية محورية وأساسية فى نهضة كل المجتمعات. والحق أنه لا نهضة ولا تقدم لأية أمة من الأمم إلا إذا تحقق لها مناخ رحب، وأفق مفتوح من الحرية التى تبعث على الإبداع، وتساعد على تحقق حريته المسئولة بعيدًا عن أى قيدٍ أو قمعٍ أو قهر. (وللحديث بقية).
نقلا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.