نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الأزهر الشريف بالقاهرة (بث مباشر)    8 قرارات جمهورية مهمة ورسائل حاسمة من السيسي بشأن أضرار سد النهضة الأخيرة    التعليم العالي: توقيع 42 اتفاقية بين الجامعات المصرية والفرنسية    محافظ الشرقية من داخل غرفة المتابعة: تعريفة الركوب مناسبة لخط سير وراعينا البعد الاجتماعي للمواطنين    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    معهد بحوث الإلكترونيات يستقبل وفدًا صينيًا لتعزيز الشراكة    مصر والبنك الأوروبي يجددان الالتزام بالشراكة لدعم «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»    القوات الروسية تحرير بلدة بريفوليه في مقاطعة دنيبروبيتروفسك    مسؤول إسرائيلي: نلتزم بخطة ترامب وحماس تنتهك الاتفاق وتحتجز رفات 19 أسيرا    سيارتو يكشف موعد وتفاصيل القمة الروسية الأمريكية في المجر    انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين مصر والهند    3 ألقاب متتالية تتوج هنا جودة ملكة على العرش الأفريقي في تنس الطاولة    كريم وليد: صعب أنتقل للزمالك.. كولر مدرب عادل وموسيماني لم يتحمل الضغوط    دوري أبطال إفريقيا| محاضرة فنية للأهلي اليوم استعدادًا لخوض مباراة «ايجل نوار»    محمد صلاح يقترب من إنجاز تاريخي أمام مانشستر يونايتد    الدكتورة مي التلمساني في ضيافة مكتبة مصر الجديدة العامة غدا    خال ضحية سفاح الإسماعيلية ينفي الأكل من جثمانه: أرحمونا من الشائعات كفاية إللى إحنا فيه    طقس اليوم.. خريفي ونشاط رياح وأمطار ببعض المناطق والعظمى بالقاهرة 29 درجة    سميح ساويرس: النجاح الحالي لمدينة الجونة لم يكن في الأحلام (فيديو)    نقيب التشكيليين يفتتح معرض "أطلال" للفنان حسين قطنه بجاليري ضي غدًا    الرعاية الصحية: تشغيل وحدة مناظير الجراحة بمستشفى كوم أمبو ب28 مليون جنيه    استشارى تغذية: الثوم على الريق يسبب قرح المعدة    جامعة قناة السويس تطلق دورة تدريبية لمواجهة الأزمات والكوارث بالتعاون مع "الكشافة الجوية"    ارتفاع عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025 بعد ارتفاع 60 جنيهًا ل عيار 21    أسماء المرشحين على مقاعد الفردي بدوائر محافظة الفيوم لانتخابات مجلس النواب 2025    مصرع 3 أشخاص وإصابة 4 آخرين إثر تصادم «ملاكي» بالرصيف على طريق «شبرا- بنها» الحر    الأونروا: جميع الأراضى الزراعية فى غزة تقريبا مدمرة أو يتعذر الوصول إليها    السوبر الأفريقي.. موعد مباراة بيراميدز ونهضة بركان المغربي    المتحف المصري الكبير يكشف موعد افتتاح قاعة توت عنخ آمون    سبب غياب حمدالله عن مباراة أهلي جدة    اليوم.. المصري في ضيافة الاتحاد الليبي بذهاب الكونفيدرالية الأفريقية    مواعيد مباريات اليوم 17 أكتوبر.. عودة الدوري والمصري في الكونفدرالية    حقيقة ارتفاع أسعار مواد البناء خلال الفترة المقبلة بسبب إعمار غزة    الطفولة والأمومة ينعى الأطفال ضحايا حادث التروسيكل بأسيوط    شعبة المخابز: سعر الخبز المدعم ثابت ب20 قرشا للرغيف ولن يتأثر بتحريك أسعار الوقود    5 أبراج تحب قضاء الوقت مع الأطفال    إطلاق قافلة زاد العزة ال52 إلى غزة بحمولة 4 آلاف طن مساعدات غذائية    مارشال صاحب فيديو كلب الأهرامات يشارك فى مظلات الباراموتور بالأقصر.. فيديو    محافظ بورسعيد يعتمد تعريفة الركوب الجديدة بعد زيادة البنزين والسولار الجديدة    الوطنية للانتخابات تعلن أسماء المرشحين لانتخابات النواب بالأقصر    حمزة نمرة: وفاة والدتي في التاسعة من عمري أورثتني القلق.. وقضيت عاما كاملا أنتظر معجزة لشفائها    فى ذكراه.. منير مراد الموسيقار المنسى من وزارة الثقافة والغائب عن حفلات ومهرجانات الأوبرا    فلسطين.. الاحتلال يدمر سيارة مواطن خلال اقتحام حي المخفية في نابلس    ترامب يتحدى بوتين: "آلاف توماهوك بانتظار خصومك".. فما سر هذا الصاروخ الأمريكي الفتاك؟    أشرف زكي: لا يوجد أي منصب في الدنيا يجعلني أترك النقابة.. والاستقالة لسبب داخلي    حيلة لتنظيف الفوط والحفاظ على رائحتها دائمًا منعشة    لو عايز تركز أكتر.. 5 أطعمة هتساعدك بدل القهوة    أسماء المترشحين بنظام الفردي عن دوائر بمحافظة الغربية لانتخابات النواب    أوقاف الفيوم تعقد فعاليات البرنامج التثقيفي للطفل لغرس القيم الإيمانية والوطنية.. صور    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ووقتها المستحب    أدعية يوم الجمعة المستحبة للمتوفى والمهموم والأبناء    السيطرة على حريق داخل مخزن لقطع غيار السيارات بميت حلفا    السيطرة على حريق سيارة ملاكي بميدان الرماية في الهرم    تركي آل الشيخ: «بدأنا الحلم في 2016.. واليوم نحصد ثمار رؤية 2030»    فضل يوم الجمعة وأعماله المستحبة للمسلمين وعظمة هذا اليوم    تفاصيل لا يعرفها كثيرون.. علاقة فرشاة الأسنان بنزلات البرد    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقه الأولويات

يزدحم الفضاء العام في مصر بمواقف واتجاهات لا تعد ولا تحصى، حول كثير من القضايا الخلافية والجدلية في الدين والسياسة والتاريخ القديم والحديث .. إلخ، وظاهريًا يبدو ذلك علامة صحية تقيس مدى حيوية المجتمع وتفاعله السريع مع ما يثار فيه بصرف النظر عن صغره أو كبره، وأحيانًا نستهلك وقتًا طويلًا في النقاش واللف والدوران دون التوصل لأرضية مشتركة يقف عليها الفرقاء والخصوم المختلفون.
إلى هنا لا توجد مشكلة من الأساس والأمور طبيعية تمامًا، لكن غير الطبيعي والباعث على القلق أمران يمثلان خطرًا داهمًا، الأول التوقيت ومغزاه، والثاني الشطط منِ جهة مثير القضية ومَنْ يتناولها بالنقد وتفصيل عناصرها لدحضها وإظهار فسادها وضررها، واستخدام أعنف الأساليب لإهالة التراب فوق رأس طارح القضية موضع الاختلاف، وللأسف فإننا نفتقر عمليًا وفعليًا لثقافة وآداب الاختلاف، بسبب استعدادنا الفطري للجنوح الدائم للشطط في ردود أفعالنا، واستسهالنا إصدار الأحكام الباتة القاطعة بحق الآخرين.
المثال العملي والتطبيقي الشارح لما سلف كان الجلبة التي أثارتها الدكتورة آمنة نصير أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، بحديثها عن جواز زواج المسلمة من مسيحي أو يهودي، نظرًا لعدم وجود نص قرآني بتحريمه، حسب قولها، ثم إعلانها لاحقًا تحت وطأة رد الفعل العنيف أنه جرى اجتزاء تصريحاتها وإخراجها من سياقها الذي أرادت توضيحه للناس.
الواقعة أشعلت نارًا مستعرة، وسارع الأزهر الشريف ومعه دار الإفتاء ومؤسسات أخرى لإخماد الفتنة في مهدها قبل اتساع نطاقها، وإعادة التذكير بما هو مستقر ومعلوم بالضرورة لدى العامة والخاصة بشأن تحريم هذا الزواج.
من ناحيتها فإن الدكتورة آمنة لم تحسن اختيار التوقيت المناسب للكلام في قضية شائكة تعلم قبل غيرها حجم ما يمكن أن تثيره من أزمات واحتقانات دينية لسنا في حاجة إليها من الأصل، حتى لو كانت حجتها محاولة الاجتهاد في مسألة قالت إنها محل اتفاق بين الفقهاء وأهل العلم، فباب الاجتهاد مفتوح على مصراعيه، شريطة حسن انتقاء موضوع الاجتهاد وأوانه وكذلك حيثياته، وأن يظل المجتمع واستقراره حاضرًا في ذهن المجتهد.
فهل نظرت الدكتورة آمنة قبل الشروع في قول ما قالته إلى سلم أولوياتنا ومكان زواج المسلمة من غير المسلم فيه، وما إذا كان يُشكل مرتبة متقدمة تستلزم وتلح لطرحه الآن بصورة عاجلة دون انتظار، وبهذا الشكل، وهل وضعت في اعتباراتها وحساباتها أن الظروف الراهنة غير ملائمة بالمرة، بعد أن نجحت السلطات المختصة في وأد فتنة الإساءة للنبي محمد "صلى الله عليه وسلم" والسيد المسيح "عليه السلام" من قبل أشخاص متهورين عبر منصات "السوشيال ميديا"، وهؤلاء فعلوا فعلتهم النكراء دون تقدير لعاقبتها ومآلها؟
شطط الطرح قوبل بشطط أشد وأخطر من الناقدين الذين خلع بعضهم عن الدكتورة آمنة عباءة الإسلام، أما البعض الآخر فقد كال لها الاتهامات وبلغ التجريح مبلغه ممن نصبوا أنفسهم حراسًا على الدين من التيار السلفي وغيره من جماعات الإسلام السياسي، مع أن هذه الفئة السائرة خلف الشيخ الفلاني أو الشيخ العلاني لا يُعقبون على ما يصدر منه من فتاوى وآراء مقطوعة الصلة بصحيح الدين، وتشعل الفتن بين أصحاب الأديان السماوية، وينظرون للمخالفين والمعارضين لهم نظرة دونية، ربما تصل لحد تكفيرهم واستباحة أعراضهم وأموالهم.
والذاكرة عامرة بوقائع وأحداث سابقة تسبب فيها الشطط والغلو في إزهاق أرواح مسلمين تبنوا منهجًا وأفكارًا اعتبرها بعض المهووسين والمتاجرين بالدين أنها تسير عكس ما قرره الدين الحنيف، وأباحوا قتل معتنقيها، وزعموا أن القتل أداة تقرب القاتل من رب السماوات والأرض وتدخله جناته من أوسع أبوابها، والمدهش أنه بعد مرور وقت من تلوث أيديهم بدماء الأبرياء يجاهرون بأنهم أخطأوا وجانبهم الصواب، وكأنهم بذلك يعفون أنفسهم من المسئولية والجرم الذي سيلاحقهم إلى يوم الدين!!.
المأساة الأكثر إيلامًا أننا لا نتعلم من أخطاء الماضي ونكررها بصور مغايرة إن لم تكن بالشكل نفسه، وفي كل الأحوال يتعين على المجتمع دفع أثمانها الباهظة وتحمل تكاليفها في أوقات يحتاج فيها لوحدة الصف والهدف وليس بعثرة جهده واستنزاف طاقته على مسائل غير مجدية وعديمة النفع، ولا ينتج عنها سوى الشقاق والانقسام وهز الجبهة الداخلية.
وتتضاعف المأساة وملحقاتها بما يبدر من غير أهل الاختصاص، فلدينا الأزهر الشريف و دار الإفتاء المصرية و الأوقاف وغيرها الكثير من المؤسسات المؤهلة القادرة على التفنيد والرد على الآراء الصادرة من هذا أو ذاك، وتصحيح المفاهيم المعوجة، لكننا نجد أناسًا في الأزقة والحواري يعتلون منابر المساجد والزوايا ويفتون بغير علم، ويأخذ عنهم الجالسون أمامهم، دون إعمال عقولهم فيما يصل لآذانهم، والطامة الكبرى تكتمل بما يتناقله مستخدمو وسائط التواصل الاجتماعي دون وعي ولا تفكير، ويسكبون بواسطته البنزين على النار.
واتقاءً لما يتمخض عن ذلك من نتائج غير حميدة وفواجع، تخلخل ركائز وأعمدة المجتمع المستقرة يجب علينا إعادة ترتيب فقه أولوياتنا والحرص بدأب على تجديده تبعًا لما نمر به من تحديات ومنعطفات، وأن نفرض سياجًا عازلًا يحول بيننا وبين الشطط الذي يجر خلفه الويلات والمآسي الرهيبة على الأوطان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.