كان من حظى أن زرت مرتين مدينة هيروشيما اليابانية التى كانت أول مدينة فى تاريخ البشرية تعرف م عاناة القنبلة الذرية بعد أن ألقت المقاتلات الأمريكية أول قنبلة على المدينة وبعدها بثلاثة أيام قنبلة أخرى على مدينة ناجا زاكي. وشاهدت بعض الدمار والخراب الذى بقى من آثار القنبلة، وزرت ميدان السلام أو المنطقة «صفر» التى سقطت فيها القنبلة وقتلت على الفور نحو 140 ألف يابانى وأصيب مئات الآلاف من السكان ومسحت المبانى والزرع والحيوانات من على وجه الأرض أو نحو 70% من مساحة المدينة والمناطق المجاورة لها، وبعدها ب 3 أيام ألقت المقاتلات الأمريكية قنبلة أخرى على نجازاكى أدت إلى مقتل نحو 74 ألف شخص . ولم تتوقف الخسائر عند ذلك، وإنما امتدت آثار الإشعاعات على مدى السنين يعانى منها السكان سواء الذين أصيبوا أو الناجين الذين يطلق عليهم باليابانية «هيباكوشا» وقد تأثرت بشدة فى الزيارتين وأنا استمع إلى شهادة الناجين من هذه المأساة الإنسانية التى تعد جريمة ضد البشرية ليس لها أى مبرر أخلاقى على الاطلاق. ولم تعاقب أمريكا عليها أبدا!! وشاهدت فى متحف السلام كيف حولت الإشعاعات الناتجة عن القنبلة النقود المعدنية إلى «عجينة» لا ملامح لها حتى بعض الاشجار التى نجت من القنبلة اتخذت فروعها مساراً عجيباً معوجاً.. ويعرف كل يابانى ما حدث فى الساعة الثامنة و15 دقيقة من صباح يوم 6 أغسطس 1945 ففى كل عام فى هذه الساعة وفى هذا اليوم تتوقف الحياة تماماً، ويقف الشعب والقطارات والباصات وكل شىء دقيقة حداداً على ضحايا هيروشيما. ولكن بعد 75 عاماً على هيروشيما ونجازاكي، هل تعلم العالم «المتقدم» الدروس المستفادة من الكارثة .. هل توقف عن تطوير أسلحة الدمار الشامل والقدرات النووية .. للأسف الشديد يقود العالم حاليا زعماء دول عظمى هدفهم الوحيد إشعال التوترات العالمية التى قد تقود إلى كارثة أو كوارث أخري، وها هو الرئيس الأمريكى ترامب لايترك منطقة إلا ويختلق فيها الصراعات من الشرق الأوسط إلى آسيا والصين وروسيا وأوروبا، ولايعرف لمفهوم السلام معنى على الاطلاق، فهو يعشق تأجيج الصراعات وربما لو زار هيروشيما ونجازاكى وشاهد بعينيه ماحدث للبشر والمبانى والأرض لتغير تفكيره وأعاد النظر فى طروحاته وتنمره بالعالم من حوله. نقلا عن صحيفة الأهرام