رحلة هروب مليونيرات بريطانيا إلى الإمارات، صراع الانتخابات البرلمانية يهدد رءوس الأموال في لندن    في رابع أيام عيد الأضحى.. جهود مكثفة لرفع مستوى النظافة بشوارع وميادين الشرقية    ذبح 3067 أضحية للمواطنين بمجازر الجيزة خلال عيد الأضحى    «تضامن القليوبية»: صرف مساعدات مالية ولحوم للأسر الأكثر احتياجًا    حزب الله يقصف قيادة ثكنة كريات شمونة بعشرات الصواريخ    دخول 25 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة اليوم    بقيادة مودريتش، تشكيل كرواتيا أمام ألبانيا في يورو2024    جواو براتس ل«أهل مصر»: البرتغال لم يكن جيدًا أمام التشيك.. و3 أمور تجعله يتأهل لنهائي اليورو    تحقيقات موسعة في تخلص عامل من حياته شنقا داخل شقته بالبساتين    مصرع طفلين غرقا داخل ترعة بقنا    تعليمات مهمة لحل امتحان مادة اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    إلهام شاهين توجه الشكر ل تركي آل الشيخ بسبب "ولاد رزق 3"    3 أبراج لديها القدرة على حل المشكلات (تعرف عليهم)    إعلام: صفارات الإنذار تدوى مجددا فى موقع كرم أبو سالم العسكرى جنوب غزة    ذكرى ميلاد الفنان حسن حسني.. 500 عمل فني رصيد «الجوكر»    عالم أزهري: علامات قبول الحج تعد مسألة مغلقة    جولة تفقدية على مخزن الأدوية الاستراتيجي بالريسة ووحدات الرعاية الأولية بالعريش    مدينة الدواء المصرية: إنتاج 26 مليون عبوة خلال الفترة من 2021 و2023    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج التخطيط والتنمية الزراعية بزراعة سابا باشا جامعة الإسكندرية    المفوضية الأوروبية تتخذ إجراء ضد فرنسا بسبب الديون المفرطة    مصرع 11 شخصا جراء الفيضانات وسوء أحوال الطقس في الهند    يصل ل400 ألف جنيه.. تفاصيل وشروط الحصول على قرض سكوتر من بنك مصر    تعرف على خريطة 10 مشروعات نفذتها مصر لحماية الشواطئ من التغيرات المناخية    ريال مدريد يرفض مشاركة دياز في الأولمبياد.. وتحرك عاجل من اتحاد الكرة المغربي    بعد واقعة الصفع.. عمرو دياب يتألق ضمن حفلات عيد الأضحى بدبي (صور)    إقبال كبير على مراكز شباب الشرقية خلال أجازة عيد الأضحى المبارك    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    غياب 4 نجوم عن الأهلي أمام الزمالك وثنائي مهدد    قومي المرأة: العمل على إعداد دليل عن "تمكين المرأة المصرية"    صحة الشرقية تعلن تنظيم قافلة طبية بالفرايحة غدا    طريقة عمل الكفتة المشوية في البيت زي الجاهزة    عائلات الأسرى الإسرائيليين يحتجون داخل مقر الكنيست    بيان من المستشار القانوني للاعب الدولي محمد الشيبي    حقيقة القبض على رجل الأعمال شريف حمودة وعلاقة مشروع طربول بالقضية    سعر كيلو السكر في السوق اليوم الأربعاء 19-6-2024    تعرف على سر زيارة روبي للولايات المتحدة وغيابها عن العرض الخاص لأحدث أفلامها    "رياضة الشرقية": مليون مواطن احتفلوا بالعيد في مراكز الشباب    ننشر أسماء الحجاج المتوفين في المستشفيات السعودية    السائرة إلى عرفات.. أسرة صاحبة أشهر صورة في موسم الحج: "تعبت في حياتها وربنا كافأها"    مصرع وإصابة 6 أشخاص إثر حادث تصادم بين سيارتين ملاكي في أسيوط    تحرير 8 محاضر لمخالفات تموينية بدسوق    إعلام حوثي: القوات الأمريكية والبريطانية استهدفت المجمع الحكومي في الجبين    تواصل الإقبال على الحدائق والمتنزهات في رابع أيام عيد الأضحى بالمنيا    وكالة الأنباء السورية: مقتل ضابط جراء عدوان إسرائيلي على موقعين في القنيطرة ودرعا    أجر عمرة.. مسجد قباء مقصد ضيوف الرحمن بعد المسجد النبوي    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025 للموسم الثاني على التوالي    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    «الصحة» تحدد أفضل طريقة لطهي اللحوم الحمراء: لا تفرطوا في تناولها    بعد وصف وزارة العمل علاقتها بمصر بأزهى العصور.. تعرف على المنظمة الدولية    فعالية «توظيف مصر» برعاية «التحالف الوطنى»    أول تعليق من اللاعب محمد الشيبي على قرار المحكمة الرياضية الدولية | عاجل    عاجل.. مفاجأة صادمة في تقرير حكم مباراة الزمالك والمصري.. «جوميز في ورطة»    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    ناقد فني: أعمال عادل إمام توثق مراحل مهمة في تاريخ مصر    الحكومة الجديدة والتزاماتها الدستورية    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر ومثلث الخطر العاجل
نشر في بوابة الأهرام يوم 19 - 07 - 2020

تعليق بسيط للغاية على الفيس بوك لم يسلم صاحبه من الانتقادات، التعليق يستنكر موقف هؤلاء الذين يتمنون السوء لمصر فقط لأنهم معارضون، ووصفهم بأنهم عار على السياسة وعلى بلادهم. قطعا هم عار، وربما أكثر من العار، خاصة أن مصر تواجه لأول مرة أخطارا جمة منذ سنوات طويلة، على كل حدودها تقريبا، ما بين إرهابيين فى سيناء وتحرشات بحرية تركية شمالا فى البحر المتوسط حول مصالح مصر الاقتصادية وغربا فى ليبيا باحتلال جزء منها والاستعانة ب16ألفا من الإرهابيين المرتزقة، وتهديدات إثيوبية على منابع نهر النيل فى الجنوب، والنيل هو مصدر الحياة للمصريين.
ورد أحدهم على التعليق: يعنى المفروض أن أوافق وأؤيد دخول حرب فى ليبيا لمجرد خيارات خاطئة، وإلا أبقى خائنا للبلد وأتمنى سقوطها، أو ماذا أفعل بالضبط؟
رد مستفز، فسألته: أين تقع حدود الأمن القومى المصرى غربا عبر تاريخها الطويل؟، ما الذى يمكن أن يحدث لو وٌجِد 16 ألف مرتزق «إرهابي» على حدود مصر الغربية بطول 1115 كيلومترا؟
فقال: الأمن القومى لا يتجزأ يا تسيبه كله، يا تأخذه كله، سيناء و ليبيا، وحدودنا البحرية فى البحر المتوسط التى فرطنا فيها لقبرص واليونان نكاية فى تركيا ، و سد النهضة الذى أعلن وزير الرى الإثيوبى بكل صلف بداية الملأ له. توقفت عن الحوار، فهذه عادة قديمة جدا عندما تسأل أحدهم سؤالا، فيرد عليك بأشياء لا علاقة لها بما سألت، تقول له إن النقاب ليس من الإسلام، فيرد عليك: يعنى تمشى الستات عرايا فى الشارع. لكن استوقفنى ذكر تركيا فى الرد، و تركيا تحت قيادة أردوغان سارت على طريق عداء مستحكم مع مصر، دون أن تدوس لها مصر على طرف مباشر، ولا أعرف أين نكايةُ مصرَ فى تركيا ، إذا لم تكن مصر أصلا لها حدود بحرية مع تركيا تستفزها فيها، بل العكس هو ما تفعله تركيا بتحركاتها البحرية حول آبار الغاز المصرية فى البحر المتوسط، ثم بتوقيعها اتفاق ترسيم حدود بحرية مع حكومة ليبيا منتهية الصلاحية، التى لا تشاركها فى أى حدود.
نعم هناك معارضة لا ترى مصر وطنا، بقدر ما تراها مشروعا سياسيا، فإذا انتفت مصالحها فيه، فليحدث لها وفيها ما يحدث. قطعا وجود تركيا فى ليبيا خطر مباشر على أمن مصر، كما لو أنها تقف فى السلوم أو مرسى مطروح، تخيلوا معى لو أن الميليشيات المسلحة بمساعدة تركيا نجحت فى وضع يدها على سرت والجفرة، وباتت على حدود مصر الغربية مباشرة، وضع لا يمكن قبوله، وكيف نقبل أن يغل علينا إرهاب الجماعات الدينية شرقا وغربا من سيناء والصحراء الغربية، وسيناء محكومة، لكن الصحراء الغربية مفتوحة على الوادى شمالا وجنوبا، وهى تغطى ثلثى مساحة مصر.باختصار شديد، سقوط سرت والجفرة فى أيدى القوات التركية هو خطر هائل على أمن مصر القومي، لا يمكن أن تسمح به، وإذا كانت تركيا تطمع فى ثروات ليبيا تحت حماية ميليشيات الإرهابيين الذين نقلتهم من سوريا، وتحلم بعودة الخلافة العثمانية المستحيلة، فمصر لا تطمع إلا فى حماية نفسها والحفاظ على ليبيا من النهب. وبالقطع مصر لا تريد حربا، وإن كانت قادرة عليها، وهى مشغولة بإعادة بناء نفسها، ومناورات حسم 2020 التى نفذها بعض من جيشها على سواحل الصحراء الغربية، هى مناورات ردع، مناورات استباق لمنع الحرب، رسالة سلام، لعل من يفكر فى الحرب يحسبها ويدرسها ألف مرة، فمصر ترتكز على أرضها وصحراء شرق ليبيا هى امتداد طبيعى للصحراء المصرية، أما تركيا فهى هائمة فى غير أرضها، وتبعد عن حدودها أكثر من ألفى كيلومتر.
وطبعا لا ينسى أردوغان أن مصر 30 يونيو 2013 أفسدت مخططا بدأ مع الألفية الجديدة، حين وضع المحافظون الجدد وثيقة نحو قرن أمريكى جديد، ورأوا أن حكومات إخوانية فى الدول العربية تنقل الصراع الشكلى بين المتطرفين الإسلاميين والغرب، إلى صراعات داخلية، تنتهى إلى تفتيت تلك الدول إلى كيانات صغيرة، تضمن أمن إسرائيل إلى الأبد، على أن تكون تركيا هى مركز السلطة مستندة إلى تاريخ الخلافة التى سقطت فى عام 1924 ومازال البعض يبكيها حتى الآن.
ومن يومها والوالى العثمانى يحاول أن يسترد الحلم الإمبراطورى الذى هرسته مصر بشعبها وجيشها فى ساعات، عملها الوالى فى سوريا والعراق ثم ليبيا، غافلا عن أمرين: فلسفة التاريخ ودروس الجغرافيا السياسية. ومصر رتبت أولوياتها الأمنية حسب نوعية المخاطر ال عاجل ة.
أما أثيوبيا فهى تلجأ إلى دفع الموقف مع مصر إلى حافة الهاوية عمدا، وهو أسلوب تفاوض لجأت له الدول الكبرى فى التعامل مع أزماتها، بغية حمل الطرف المقابل على تقديم تنازلات، عن طريق إيهام هذا الطرف بأن شروطه المطروحة غير مقبولة ولو أدى الأمر إلى الوصول إلى الهاوية وهى الحرب، وأول من استخدم مصطلح حافة الهاوية هو جون فوستر دالاس وزير خارجية أمريكا فى الخمسينيات، ونفذه فعلا فى الأزمة الكوبية عام 1962، التى اقتربت من الحرب النووية مع الاتحاد السوفيتي، الذى تراجع.
لكن إثيوبيا تتغافل أن تلك السياسة لا تصلح مع مصر على الإطلاق، لأن مصر فى مربع الدفاع عن وجودها ولا تناور على مصالح متناقضة، وأن إثيوبيا هى التى تمضى بأسلوبها التفاوضى إلى حافة الهاوية، سواء بوعى منها أو بدعم من دول توجعها مصر التى تعيد بناء نفسها. وعدم عصبية مصر فى التعامل مع إثيوبيا حتى الآن راجع لسبب بسيط للغاية، وهى أنها تعرف بدقة القرارات الواجبة عليها، فالاختيارات محددة ومحدودة، وإثيوبيا هى التى عليها أن تختار بين تحسين مستوى معيشة مواطنيها مقابل أن تضع مصر فى المربع صفر، أو بين تحسين مستوى معيشة مواطنيها بالتعاون مع مصر والسودان. لم أكتب عن السودان لأن موقفها يوجع القلب، وكانت بعضا منا، ولعلها تشفى من الفيروس الذى لخبط اختياراتها.
نقلا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.