د. حاتم عبدالمنعم أحمد إن أزمة كورونا رغم تداعياتها الصحية والاقتصادية الخطيرة إلا أن العلم والبحث العلمي قادر على تحديد الإيجابيات والخروج بدروس وفوائد من هذه المحنة فكل محنة قد تتضمن بداخلها منحة، وهذا دور العلم والمفكرين في البحث عن المنحة والاستفادة منها. وهذا مضمون نظرية علمية تسمى "نظرية النفايات"؛ بمعنى حتى النفايات لها وجه إيجابي يمكن الاستفادة منه؛ كما يحدث الآن في تحويلها إلى طاقة. وبالنسبة لمصر تحديدا علينا جميعا فتح باب للحوار والنقاش المجتمعي لكيفية الاستفادة من الأزمة وما هى المنح في أزمة كورونا تحديدا؟ ونبدأ بمجالات العمل والتعليم حيث أصبح من الضروري التوسع في مجالات العمل والتعليم عن بعد من خلال شبكة الإنترنت على الأقل بالنسبة لبعض الأعمال المناسبة لذلك، وأيضا بعض المواد أو التخصصات العلمية المناسبة، وبالنسبة للتعليم مثلًا أتصور أن نحو 50% من إجمالي العملية التعليمية بالمدارس يمكن أن تكون من خلال المنزل؛ وبذلك يقسم الجدول الدراسى؛ بحيث يكون هناك ثلاثة أيام بالمدرسة وثلاثة أخرى بالمنزل، وهذا يعني تخفيض كثافة الفصول للنصف والحد من الازدحام في الشوارع، والحد من حركة السيارات والمرور بنسبة 50%؛ مما يوفر الوقت والبنزين والمجهود والمال، ويحد من التلوث للجميع، وبذلك تعمل المدارس ستة أيام أسبوعيا بنصف كثافة الفصول والطلاب والمدرسين، وهذا يغطى 60% من أيام ووقت الدراسة بالمدرسة 40% من خلال المنزل، وأيضا يمكن للجامعات أن يكون جزء من التدريس والعملية التعليمية عبر الإنترنت، والجزء الثانى بالجامعات. وبالطبع سوف تختلف نسبة وكم التعليم عبر الإنترنت تبعا لاختلاف التخصصات؛ حيث سوف تقل ساعات التدريس الإلكتروني في الكليات العملية مقارنة بالكليات النظرية، ولكن هناك بعض المقررات أو جزء منها يمكن تدريسه عبر الإنترنت؛ وذلك يرجع لكل كلية وكل تخصص، وبالطبع هذا لن يلغي الوجود واللقاءات المباشرة بين الطلاب والمعلمين، ولكن يمكن أن يوفر بعض الوقت في بعض المقررات وبعض الكليات؛ مما يحد من الازدحام؛ سواء داخل أماكن الدراسة أو في الشوارع وتخفيف الضغط على وسائل المواصلات بوجه عام. ونفس الفكرة تطبق على بعض الأعمال التى يمكن أن تتم عبر الإنترنت مثل بعض الأعمال الحسابية وغيرها التي لا تحتاج إلى تعامل مباشر مع المواطنين وهي تختلف بالطبع من قطاع لآخر. ولكن هناك بالطبع قطاعًا من هذه الأعمال يمكن إنجازها من خلال المنزل أو من خلال قاعات أو دوائر مغلقة. المهم على كل قطاع من هذه القطاعات العمل على حدة لدراسة ظروف ومقتضيات العمل، وما يمكن إنجازه؛ سواء من خلال المنزل أو غير ذلك لإتمام إنجاز الأعمال في حالات الوباء، أو لتوفير الوقت والجهد والازدحام. ومن جانب آخر أصبح من المؤكد تزايد استخدام الروبوت في كثير من مجالات العمل؛ وهو ظاهرة موجودة قبل أزمة كورونا ، وكانت التقديرات قبل تلك الأزمة تقول بأنه بحلول عام 2030 سوف يحل الروبوت محل نحو 30% من الأعمال الحالية. وأعتقد أن هذه النسبة سوف تزداد أكثر بعد كورونا؛ حيث بدأ انتشار الروبوت الآن في كثير من المطاعم حتى في الدول العربية؛ لأنه أكثر أمانًا وسهل تعقيمه وأوفر اقتصاديا للجميع، كما أنه يستخدم بتوسع في الأعمال الخطرة وأعمال الصرف والنظافة والتشييد وغيرها. ومن هنا علينا سرعة الدراسة والتكيف مع متطلبات المرحلة والأزمة. وهناك قضية مواعيد العمل والأعمال الحرة، أعتقد أن كورونا فرصة لمصر لتنظيم مواعيد فتح وإغلاق كافة قطاعات العمل بوجه عام لمصلحة الجميع؛ حيث تنتهي معظم الأعمال في معظم دول العالم في نحو الثامنة أو التاسعة مساء؛ حيث نجد دولة ألمانيا ينتهي العمل بها في الثامنة مساء، وبعض الدول التاسعة. وأعتقد أن هذا الوقت مناسب لمصر؛ بحيث تغلق جميع الأعمال في التاسعة باستثناء الخدمات الضرورية؛ لأن هذه المواعيد تؤدي للهدوء والحد من التلوث والضوضاء، وإتاحة الفرصة لأعمال الطرق والصيانة وخلافه. وكل هذه العوامل مصلحة مشتركة للجميع؛ مع النظر في أن يكون الحظر إلى الساعة الخامسة صباحًا لدواعي الأمن؛ لأن الرابعة موعد مبكر، ومعظم الناس نيام؛ مما قد يسهل الفرصة لبعض أعمال سرقة السيارات والمنازل وخلافه. ولكورونا جوانب أخرى للاستفادة نتناولها بإذن الله في الأسابيع القادمة.