وزارة التربية والتعليم تعلن تكليف لجنة مختصة من الوزارة بإدارة مدارس النيل المصرية الدولية    الوطنية للانتخابات تفصل في التظلمات على قرارات اللجان العامة في انتخابات ال30 دائرة الملغاة    رئيس جامعة بنها يستقبل وفدًا من "هونج كونج" الصينية    بيان حكومي بشأن نفوق 500 رأس ماشة في المنوفية    «التخطيط» تعقد اجتماعًا لمتابعة مخرجات اللجنة العليا المصرية اللبنانية المشتركة    2.3% زيادة في أسعار الذهب خلال أسبوع بدعم التوترات الجيوسياسية المرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية    التموين: خفض فاتورة استيراد الورق بتصنيعه من مخلفات قصب السكر    نتنياهو: عدد القتلى في هجوم سيدني يزداد    عضو التجمع اليساري الأسترالي: هجوم سيدني الأول من نوعه    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال شمال الخليل واحتجاز جثمانه    سوبر بلا ملعب، أزمة في اتحاد السلة بسبب الأهلي و"السكندري"    هيئة الإسعاف تحذر من مخاطر التدفئة بالمواقد البدائية في الشتاء    إصابة 5 أشخاص باختناق في حريق شقة سكنية بأسوان    محافظ أسوان يتابع جهود مديرية الطب البيطرى لمكافحة مرض السعار    غلق 156 منشأة وتحرير 944 محضرا متنوعا والتحفظ على 6298 حالة إشغال بالإسكندرية    مسلسل "إمام الدعاة" أبرز أعمال الراحل نبيل الغول    لمسات احتفالية بسيطة.. أفكار أنيقة لتزيين المنزل في موسم الأعياد    «الصحة» تنظم ندوة تثقيفية عن «إدارة الأزمات محددات الأمن القومي»    نادين سلعاوي: نسعى لإسعاد جماهير الأهلي وتحقيق لقب بطولة أفريقيا للسلة    «تموين دمياط» يضبط 30 شيكارة دقيق بلدي مدعم    فرق الطوارئ بمرسى مطروح تتعامل مع تجمعات المياه بالمناطق بالمتأثرة بالأمطار.. صور    ألمانيا: إحباط هجوم مخطط له فى سوق لعيد الميلاد واعتقال خمسة رجال    تقارير: غياب مرموش ضربة قوية للسيتي ومصر ثاني المرشحين لحصد أمم أفريقيا    بحضور وزير السياحة والآثار .. إزاحة الستار عن تمثال أمنحتب الثالث بالأقصر    وصلة هزار بين هشام ماجد وأسماء جلال و مصطفى غريب.. اعرف الحكاية    الحكومة تبحث وضع حلول جذرية للمشكلات المالية في «ماسبيرو» والصحف القومية    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    نقيب الزراعيين يطالب بتخصيص عام 2026 للزراعة والأمن الغذائى    فيلم «اصحى يا نايم» ينافس بقوة في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    كوزمين أولاريو يحذر من صعوبة مواجهة المغرب في نصف نهائي كأس العرب 2025    وكيل صحة سوهاج ينفي وجود عدوى فيروسية بالمحافظة    الناشرة فاطمة البودي ضيفة برنامج كلام في الثقافة على قناة الوثائقية.. اليوم    موعد مباراة بايرن ميونخ وماينز في الدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    السفير محمود كارم: التقرير السنوي لحالة حقوق الإنسان يأتي في ظرف إقليمي بالغ التعقيد    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    ضم الأبناء والزوجة للبطاقة التموينية إلكترونيًا.. خطوة بسيطة لتوسيع الدعم    وزير الكهرباء: التكنولوجيا الحديثة والتقنيات الجديدة دعامة رئيسية لاستقرار وكفاءة الشبكة الكهربائية    الخشت: الدين لم يفرض نظام حكم بعينه والسياسة ليست وحيًا إلهيًا    "الفني للمسرح" يحصد أربع جوائز عن عرض "يمين في أول شمال" بمهرجان المنيا الدولي للمسرح    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    امين الفتوى يجيب أبونا مقاطعنا واحتا مقاطعينه.. ما حكم الشرع؟    وزارة التضامن تقر قيد 5 جمعيات في محافظتي الإسكندرية والقاهرة    سفراء التحكيم المصري في أمم أفريقيا يتوجهون إلى المغرب    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    لماذا لم يعلن "يمامة" ترشحه على رئاسة حزب الوفد حتى الآن؟    جوتيريش يحذر: استهداف قوات حفظ السلام في جنوب كردفان قد يُصنَّف جريمة حرب    استمرار لقاءات رئيس شركة الصرف الصحي للاستماع لشكاوى العاملين ومقترحاتهم    الداخلية تنفى وجود تجمعات بعدد من المحافظات.. وتؤكد: فبركة إخوانية بصور قديمة    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    الصحة: تقديم 19.2 مليون خدمة طبية بالمنشآت الطبية في محافظة القاهرة    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    الشرطة الأمريكية تفتش جامعة براون بعد مقتل 2 وإصابة 8 في إطلاق نار    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    تشيلسي وإيفرتون في مواجهة حاسمة بالبريميرليج.. متابعة كاملة للبث المباشر لحظة بلحظة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر والصين عبر السنين


بقلم السفير محمود علام
تحل الذكرى الرابعة والستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وجمهوريه الصين الشعبية لتضيف صفحات جديدة لسجل تاريخي حافل لهذه العلاقات وتثير المشاعر بذكريات عزيزة لمواقف وأحداث عديدة جمعت الدولتين والشعبين لتنسج بينهما الروابط الوثيقة والمشاعر الصادقة التي تقوم على الإعجاب والاحترام المتبادل والتقدير العميق لمواقف كل منهما تجاه الآخر في لحظات تاريخية مهمة.
ولنفهم عمق جذور هذه العلاقات التي مازالت تعطينًا ثمارًا غزيرة نلمسها خاصة خلال الحقبة الأخيرة دعونا نستعرض بعض العوامل التاريخية والطبيعية، وكذلك الأحداث والمواقف المشتركة التي شكلت الوجدان المشترك للشعبين المصري والصيني ورسخت العلاقات بين بلديهما.
فمصر والصين تجمعهما صفات الأصالة والعراقة التي تتمتع بها الحضارات القديمة وتميز شعوبها كما أن بدايات حضارتهما تشكلت على ضفاف أنهار عظيمة وهما النيل واليانجتسي ؛ مما انعكس في الطباع الحضارية للشعبين وساهم في إنشاء الحاجة لوجود الدولة المركزية والتماسك بين عناصر الأمة.
وعلى الرغم مما تعرضت له كل من الصين ومصر من فترات ضعف ساهم فيها صعود القوى الاستعمارية الغربية ومحاولاتها للسيطرة على مقدراتهما وتشكيل تاريخ كل منهم إلا أن البلدين التقيا معًا في لحظه تاريخيه حاسمة مثلت مرحلة جديدة في تاريخهما ودورهما معًا في دعم استقلال وحرية الشعوب التي عانت من عقود من السيطرة الأجنبية، وكان ذلك عند لقاء الزعمين جمال عبدالناصر وشواين لاي خلال انعقاد مؤتمر باندونج التاريخي بإندونيسيا في أبريل 1955، حيث قررت مصر الوقوف بجانب جمهورية الصين الشعبية - في مواجهه محاولات القوى الغربية لفرض الحصار على النظام الجديد الذي اختاره الشعب الصيني بعد انتصاره بقياده الحزب الشيوعي - وذلك بإعلانها إقامة العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وبكين في مايو 1956 لتكون أول دولة عربية وإفريقية تتخذ هذه الخطوة التاريخية، ولم تمض شهور قليلة من ذلك التاريخ حتى هبت جماهير من الشعب الصيني لتعلن وقوفها بجانب الشعب المصري في مواجهة العدو وذلك في مسيرة مليونية بميدان السلام السماوي الشهير في قلب العاصمة الصينية بكين مطالبين بالتطوع للدفاع مع الشعب المصري عن استقلاله، ومازلت أذكر - منذ طفولتي - في ذلك الوقت وقع وتأثير هذا الدعم على الشارع المصري ودعم الروح المعنوية في مواجهة ودحر هذا العدوان.
ومع بداية السبعينيات وقفت مصر بحسم بجانب الصين في الساحة الدولية وداخل أروقة الأمم المتحدة لتدعم حقها الشرعي في استعادة مقعدها في مجلس الأمن الدولي؛ لتصبح لاحقًا أحد أعضائه الدائمين، وهو وما ساهم في قيام الصين بدور فاعل في دعم قضايا السلم والأمن الدوليين بما يتفق مع وزنها ومكانتها، وهو ما انعكس في وقوف الصين بجانب مصر خلال حرب أكتوبر 1973 لاستعاده سيادتها على سيناء.
وتنظر مصر بإعجاب وتقدير لما حققته الصين منذ ثمانينيات القرن الماضي وخلال العقود الأربعة الأخيرة من إنجازات في مسيرتها الدءوبة نحو الانفتاح والإصلاح تحت قياده الحزب الشيوعي؛ مما انعكس على احتلال مكانتها كثاني أكبر اقتصاد في العالم، وفي القضاء على الفقر في مناطق عديدة داخل الصين، ونرى أن هناك العديد من الدروس التي يمكن الاستفادة منها لدعم جهود مصر لبناء قدراتها الاقتصادية ومكانتها الجديرة بها.
كذلك تنظر مصر بتقدير واحترام لسياسة القيادة الصينية الخارجية التي تقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ولمواقفها الثابتة من القضايا العربية وعلى رأسها حقوق الشعب الفلسطيني، وكذلك دعمها جهود التنمية في القارة الإفريقية.
ومن ناحية أخرى نسجل التقدير لأسلوب الدبلوماسية الصينية في التعامل مع التحديات التي تواجه صعود الصين كقوى عظمى على الساحة الدولية ليس من خلال الصدام والصراع، ولكن من خلال الحوار؛ بل ودعوة القوى الأخرى لتبني - ما أعلنه الرئيس شي جين بينغ - العمل لبناء المستقبل والمصير المشترك.
لقد تمت ترجمة عمق العلاقات المصرية - الصينية في مستوى ودعم آليات التشاور والتنسيق بين القيادات في البلدين في إبرام اتفاق للتعاون الإستراتيجي بين البلدين في عام 1999 ليمثل إطارًا يعكس الإرادة السياسية المتنامية لتطوير أفق العلاقات في مختلف المجالات وقد انتقل هذا الإطار إلى مرحلة متقدمة تعكس ما حققته العلاقات من طفرات لتصبح العلاقات على مستوى الشراكة الإستراتيجية المتكاملة والتي أبرمت بين الزعيمين شي جين بينغ وعبدالفتاح السيسي في عام 2014.
وفي إطار حرص مصر على تطوير العلاقات مع الصين على المستويات الثنائية والإقليمية والدولية فقد كانت شريكا فاعلا في إنشاء وتطوير عدد من المبادرات والآليات التي تبنتها الصين لدعم التعاون الإقليمي والدولي والخروج به من حالة الاستقطاب إلى الشراكة الحقيقية في مختلف المجالات، وهو ما انعكس في إنشاء منتدى التعاون الصيني - الإفريقي عام 2000، ومنتدى التعاون الصيني - العربي في عام 2004، وأخيرًا مبادرة الحزام والطريق التي أعلنها الرئيس الصيني في عام 2013، والبنك الآسيوي لدعم الاستثمار في البنية التحتية.
وإذا كان ما تقدم يمثل لمحة تاريخية للخلفية التاريخية وبعض التطورات والأحداث التي رسخت أهمية العلاقات المصرية - الصينية، فإنه يجب أن نسجل أن هذه العلاقات تشهد حاليًا نقلة نوعية غير مسبوقة في مجالات التعاون الإستراتيجي وخاصة الاقتصادي والتي تمثلت في موقف الصين لدعم مصر لتخطي الآثار الاقتصادية السلبية بعد عام 2011، وتطوير هذا الدعم بمشاركة كبرى الشركات الصينية في إنشاء العديد من المشروعات القومية الكبرى التي تقوم بها مصر حاليًا من خلال قيود ميسرة وهو ماساهم إلى جانب السياسات الاقتصادية الحكيمة التي تبنتها الحكومة المصرية في تطوير وضع وتصنيف الاقتصاد المصري على المستوى العالمي بشكل إيجابي ومبشر.
ولعل ما يشهده العالم حاليًا من أزمة غير مسبوقة في التاريخ الحديث بانتشار فيروس كورونا هو أيضًا فرصة لاختبار صلابة العلاقات بين الدول والمجتمعات، فإن مواقف مصر والصين المتبادلة منذ بدء الأزمة جاءت لتؤكد صلابة الروابط الشعبية والرسمية من تعاطف ودعم مشترك بدأت بإرسال مصر شحنات من المواد الطبية بصحبة وزيرة الصحة للإعراب عن وقوفنا بجانب أصدقائنا خلال المحنة وتستمر بما تقدمه الصين من إمدادات طيبة وخبرات لدعم متواصل لمصر لمواجهة والقضاء على خطر هذا الفيروس لنصنع معًا نموذجًا لما يحتاجه عالمنا لمواجهة تحديات المستقبل.
أخيرًا أود أن أوجه التحية لكل من ساهموا ويساهمون في بناء هذا الصرح القوي الذي يرمز له بلقاء الأهرامات وسور الصين العظيم، واعتز بمشاركتي في إحياء هذه المناسبة العزيزة التي أعادت ذكريات قيامي بإعداد احتفال خاص في بكين -شرفه وزير خارجية الصين حينئذ وشهد تكريمنا لكل السفراء الصينيين السابقين بالقاهرة - وذلك عندما مثلت بلادي سفيرًا لدى هذا البلد العظيم الصين..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.