جائحة كورونا 2020، جعلت الواقع المعيشي يتفوق على خيال المبدع، كل ما يحدث في الأرض قد يكون مر في خيال البشر، لكن دون شك لم يطرأ على عقل إنسان في أي يوم من الأيام قبل حدوث جائحة كورونا . من كان يمكن أن يتخيل أن تتوقف الحياة في جميع قارات العالم وأن يكون العلاج هو البقاء في البيت وعدم الخروج إلى الشارع. كما لو كان فيروس كورونا يملك جهاز تحكم عن بعد بضغطه واحدة منه يغلق مطارات العالم والمواني يطفئ أنوار المسارح ويوصد أبواب المطاعم والنوادي الرياضية يقفل الدوائر الحكومية والوزارات ومباني البرلمانات، شيء يدعو للتأمل الطويل، المستشفيات في أوروبا تعجز عن مواجهة الخطر وتضحي بالبعض حتى يحيا البعض الآخر. من كان يتخيل في الحروب الكبرى لا تتوقف جميع المطارات، ويكون التأثير على المطارات التي تقع في دائرة الحرب ومع هذا كل ما سبق يمكن التسليم به أو حتى قبوله؛ لكن عندما نتوقف أمام إغلاق مساجد الأرض وكنائسها ومعابدها في قارات العالم هنا يمكن الجزم بأن الخيال لم يكن قادرا على أن يصل مداه إلى التفكير في هذه اللحظة، تحدث كما تشاء عن عبقرية الخيال عند البعض وفروسية البعض الآخر لكن لا يمكن القول بأن هناك شخصا واحدا يعيش بيننا على الكرة الأرضية قد تخيل في يوم من الأيام أن يحدث هذا . ما معنى هذا؟ معناه أن كل شيء جائز إغلاقه إلا المستشفيات التي ظلت مشرعة مفتوحة تعالج المرضى وتسعف المحتاج، وأن دور العبادة هي أماكن لها القداسة لكن التوسع في إنشاء المستشفيات خدمة للدين والدنيا. الصلاة جائزة في البيت وهذه ليست دعوة لعدم التردد على دور العبادة ولكن للتفكير في أهمية زيادة عدد المستشفيات وتزويدها بالخدمات والاهتمام بالكادر الطبي ورفع أجورهم. وزير الأوقاف ذكر أن عدد المساجد التي تتبع الوزارة 150 ألف مسجد على مستوى الجمهورية وهو رقم كبير جدا وعندما نرصد عدد الكنائس نجد انها تتجاوز رقم 5 آلاف كنيسة. بالنظر إلى عدد المستشفيات في مصر عددها لا يتجاوز. رقم 2000 نعم (الفين) بما فيها المستشفيات الجامعية وعدد 85 مستشفى والقطاع الخاص وأن لكل 10 آلاف نسمة يخدمهم 11 طبيبا و20 ممرضا وهو رقم من المهم التغلب عليه وزيادته . هذه الأرقام وحدها تحدد ما الذي تحتاجه مصر في المرحلة المقبلة؟ وهو الاهتمام ببناء المستشفيات وتحويل كل جهود الخير إليها ورفع كفاءتها بأحدث الوسائل مع البحث عن آلية جديدة عن طريقها يمكن زيادة أعداد هيئات التمريض والأطباء فهناك نقص حاد في هيئات التمريض في كل المستشفيات وهو موضوع قائم منذ زمن دون حلول حقيقية. الحديث صاخب عن دور الأطباء وملائكة الرحمة في العالم والآن تذكر العالم ونجومه قيمة وأهمية رسالة الأطباء وفرق التمريض وربما يكون هذا دافعا لقرارات منضبطة تضع هذه المهنة في إطارها الصحيح وتضمن علاقة صحية بين المواطن والمنظومة، فهذه الجائحة لم يسلم منها ولى عهد بريطانيا الأمير تشارلز أو رئيس وزراء بريطانيا ونجوم كبار في لعبة كرة القدم وفنانون عالميون كما ضربت بسطاء الناس وهو واقع أيضا يتفوق على الخيال فمن كان يتخيل أن يتعرض ولى عهد المملكة المتحدة للإصابة بفيروس يضرب العالم والوقاية منه تتطلب بعض التعليمات أسئلة بديهية لكنها تثبت أن الواقعية دوما هي منتهى الخيال. وسائل الإعلام تفرغت بكل تنوعها لمتابعة المأساة العالمية في الوقت الذي يعيش فيه جميع سكان الكرة الأرضية وهم يتابعون لأول مرة في التاريخ هذه الظاهرة؛ حيث لا حديث في السياسة أو الرياضة أو الثقافة، الجميع يتابع التطورات الصحية والتأثيرات على الاقتصاد وسبل مواجهة الظروف المعيشية الصعبة، الجميع يحبس أنفاسه في انتظار المجهول والعلماء في سباق محموم مع الزمن لإيجاد اللقاح الشافي لهذا الوباء الذي كسر الحواجز والحدود وأضاع خطط وتجهيزات معدة بدقة لفاعليات كبرى دورية في مقدمتها دورة الألعاب الأوليمبية التي تستضيفها اليابان وأنفقت 12 مليار دولار على بناء منشآت رياضية استعدادا للحدث الكبير.. ما الذي ينتظر العالم لا احد يتوقع لكن الأمل كبير في الله سبحانه وتعالي وشغف العلماء لا ينضب.