الخوف بات يدب في قلوب الأتراك، لاسيما بعد ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد إلى نحو 1529 إصابة، ووصول أعداد الوفيات إلى الرقم 44 في غضون أيام قليلة. الأرقام المتصاعدة، دفعت السلطات التركية إلى التهديد بتنفيذ قرار مصادرة وتأميم صناعة الكمامات في عموم البلاد، وسبق لوزير الداخلية سليمان صويلو أن توعد المصانع التابعة لشركات منتجة للكمامات بالسيطرة عليها ما لم تذعن وتوافق على بيع منتجاتها للحكومة. وزير الداخلية التركي، حدد الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، كموعد نهائي للتنفيذ و"إلا فلدينا سلطات أخرى لن نتوانى عن استخدامها"، كما سبق وصرح. هذا التطوريأتي بعد سلسلة مداهمات أمنية متزامنة، استهدفت مستودعات كل منتجي الكمامات بجميع محافظات الأناضول وطالبتهم بتوقيع عقود مع وزارة الصحة والتوقف عن الاحتفاظ بمخزونات كبيرة وفقا لما نقلته صحيفة حريت عن صويلو. ولم يعد هناك حديث في كل تركيا من أقصاها إلى أدناها، سوى عن هذا الوباء المفترس، وسط حالة من الرعب والهلع تنتاب المواطنين واتهامات للأجهزة المعنية بغياب الشفافية ما تسبب في أزمة ثقة بين الحكومة والمواطنين. ففي خلال بضعة أيام، تعد على أصابع اليدين، من الإعلان الرسمي بتسجيل أول إصابة ب كورونا ، ها هو الفيروس يلتهم الأخضر واليابس، ويضرب الاقتصاد الذي هو في الأصل مُنهكًا، ويعاني ويلات السياسات العشوائية التي ينتهجها حزب العدالة والتنمية الحاكم والذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان . ورغم قتامة المشهد، حفلت مواقع للتواصل الاجتماعي بتغريدات لم تخل من سخرية وتهكم من صناع القرار. وبعيدًا عن تلك الصور، التي وصفت بالتراجيدي كوميدي، بدا هناك خطر جديد ينتظر العباد والبلاد تمثل فيما تم تداوله من تحذيرات لم يكن مصدرها الداخل " المحاصر" وحسب، وإنما الخارج، إذ نقلت وسائل إعلام محسوبة على حزب الشعب الجمهوري المعارض عن خبراء بجامعة "هارفارد" قولهم إن تركيا ووفقا لأرقام الإصابات المعلنة قد تسير على خُطى إيطاليا في سرعة انتشار فيروس كورونا ، خاصة وأن الكثير من الأشخاص غير مُدركين بعد لخطر تسونامي الفيروس الذي ينتظرهم فيما لو لم يتم اتخاذ المزيد من الإجراءات المُشدّدة. واستنادا لذات المصادر أكد البروفيسور مايكل تانشوم، زميل في المعهد النمساوي للسياسة الأوروبية والأمنية بفيينا، أن معدل زيادة عدد حالات الإصابة في تركيا مثير للقلق، فقبل ساعات توفي سبعة أشخاص إضافة إلى 293 إصابة ليرتفع إجمالي الوفيات إلى 37 والإصابات إلى 1529 شخص. بدوره دعا الأكاديمي " هالوق شوك اوجراش" ، عضو هيئة التدريس بكلية جراح باشا للطب، إلى إعلان حظر التجوال في عموم تركيا لمنع انتشار الفيروس وإلا فإن الأعداد قد تستفحل وستتجاوز الوفيات الحاصل في إيطاليا. فيما حذر زميله أونور باشير بجامعة ميتشاجن البحثية الأمريكية من وصول عدد المصابين إلى أرقام مرعبة. وفي الوقت الذي أكد فيه وزير العدل التركي عبد الله حميد جول ، خلو سجون بلاده تماما من كوفيد 19 ، إلا أن أصوات مغايرة ذهبت بعيدا وراحت تدق ناقوس الخطر من مجهول يتربص ببلادهم ، فهناك ما يقرب من 300 ألف شخص خلف القضبان وهذا في حد ذاته قنبلة موقوته، حسبما قال الصحفي ياوز بيدر، الذي نوه إلى أنه وبعد محاولة الإنقلاب الفاشلة منتصف يوليو عام 2016، امتلأت السجون التركية واصبح من فيها فوق طاقتها. وقال الصحفي البارز إنه "يوجد حوالي 50 ألفاً من السجناء السياسيين، ومعظمهم من أنصار حركة فتح الله جولن (المتهمة بتدبير التمرد ضد أردوغان ) والمعارضين الأكراد، وكذلك الليبراليين والقضاة والصحفيين. وتساءل ياور بايدر: ماذا فعل صانع القرار مع العدد الهائل من نزلاء السجون؟. المثير في الأمر أن مقترح "العفو العام" الذي تسعي حاليا الحكومة بالاسراع لتطبيقة تحت وطأة كورونا ، يتضمن إطلاق سراح المساجين لكل أنواع الجرائم بما فيها المخدرات، على أن يقضوا ما تبقى من عقوبتهم في المنزل وعددم 60 ألف سجين، غير أن القرار استثنى المعتقلين بتهمة "الإرهاب" وأغلبهم من أنصار جولن.