تقوم فكرة رواية ( اللوكاندة ) كما يقول كاتبها الروائي " ناصر عراق "، الصادرة حديثاً عن الدار المصرية اللبنانية ، على مزج الوقائع التاريخية بالخيال الجامح في سبيكة واحدة ثرية، فالرواية تستدعي آخر سنة في حكم الوالي عباس حلمي الأول الذي حكم مصر في الفترة من 1848 حتى 1854، وهي فترة غامضة إلى حد كبير في تاريخنا، وأعتقد أنه لا يوجد من استوحى هذه الفترة من قبل. يضيف "عراق" فى حديثه ل"بوابة الأهرام": حاولت في ( اللوكاندة ) أن أعيد رسم الحالة المصرية في ذلك الزمن البعيد، ولكن بدون الوقوع في فخ الكتابة التاريخية التعليمية، لأنني في الأول وفي الآخر أكتب رواية، ولا أكتب دراسة أو بحثا تاريخيًا، والرواية الجيدة ينبغي أن تكون ممتعة وشائقة ومثيرة للأسئلة الراهنة التي تشغل بال قارئ هذه الأيام، حتى لو كانت محاطة بمساحات من الظلال التاريخية. ويتابع: المتعة لا تتأتى للرواية إلا إذا كان الخيال خصبًا غزيرًا واللغة رشيقة عذبة والحبكة متينة البناء، وقد حاولت في ( اللوكاندة ) أن أشيّد بخيالي علاقة عجيبة بين والي مصر عباس حلمي الأول من جهة، والفلاح البسيط عليوة أبو زهرة من جهة أخرى! ويوضح: هذا الفلاح الذي وجد نفسه يعمل في أغرب وظيفة في العالم داخل قصر الوالي ببنها، فماذا فعل؟ وكيف استثمر ذكاءه الموروث عبر آلاف السنين في التغلب على مأساته الوظيفية؟ ثم كيف تعامل مع الطبيب الإنجليزي الدكتور وليم براون الذي يعالج المصريين البسطاء في عيادته بالأزهر، وما دور زوجة الطبيب السيدة مرجريت عاشقة التراث المصري والباحثة في تاريخ المصريين وعاداتهم... ما دورها مع عليوة وحبيبته بسيمة؟. ويقول إن ( اللوكاندة ) بمثابة تلخيص لكيفية مواجة الإنسان لظروف قاهرة أعلنتها حكومة بأسرها ضد هذا الفلاح الحصيف. إنها مغامرة مثيرة تدور وقائعها في أفخم القصور وفي أبسط الحارات والأزقة والدروب، تتخللها قصة غرام مشبوب بين بسيمة وهي أول فتاة مصرية تتعلم مبادئ الأديان السماوية الثلاثة قبل 158 عامًا، وبين عليوة الفلاح الحائر الذي أربك والي مصر بجبروته وشرطته. ويشير عراق إلى إطلاعه على أكثر من 40 كتابًا وموسوعة عن تلك الفترة الزمنية حتى يستطيع أن يستثمرها وفقا لمقتضيات الرواية، ويلفت إلى محاولة استخدام لغة عربية فصحى عصرية تتسم بالرشاقة والعذوبة قدر طاقتي، لأن اللغة هي التي تجذب القارئ إذا جاءت أنيقة مبتكرة متفردة. ويختتم ناصر عراق : ( اللوكاندة ) رواية تنتصر لحرية الإنسان وحقه في التمتع بحياة كريمة من ناحية، والحصول على العلوم والفنون والآداب التي تسمو بعقله وذوقه وضميره من ناحية أخرى، كل ذلك وفق حبكة درامية مشوقة ومثيرة تخطف الأنفاس من الصفحة الأولى... أو هكذا حاولت، وأتمنى أن تنجح محاولتي. ناصر عراق