طالب الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية، المسلمين في كل مكان بالالتزام بالرؤية الشرعية لهلال رمضان كل في بلده، مؤكداً أن المسلمين مطالبون شرعاً بالصوم وفقاً لرؤية هلال شهر رمضان في بلادهم، وذلك لمنع حدوث البلبلة والشقاق، التي يحدثها البعض بمخالفتهم أهل البلاد والصيام بناءً على رؤية دولة أخرى بدعوى عدم صحة ودقة رؤية أهل العلم في هذه البلاد. جاء ذلك فى رسالة وجهها المفتى اليوم الجمعة -أول أيام شهر رمضان المبارك- إلى الشعب المصري، لتهنأتهم بحلول شهر رمضان المعظم، داعياً المصريين جميعاً إلى اغتنام الأوقات في الطاعات بكل أشكالها وصورها. وحث المصريين على التكاتف والعمل سوياً، ونبذ الخلاف للوقوف على كلمة سواء، والاتجاه إلى الوفاق بدلاً من النزاع، وإلى إخلاص النية بدلاً من الصراع، وإلى توحيد القلوب بدلاً من الخلاف والفرقة، للعبور بمصر إلى بر الأمان والاستقرار. ودعا المفتي في رسالته جميع المصريين إلى أن يجعلوا بينهم وبين الله في بداية شهر رمضان الكريم ميثاقاً وعهداً بالتقرب إلى الله بنبذ الفرقة، والإخلاص في العمل، وأدائه على أكمل وجه، كلاً في وظيفته، لأن الإخلاص في العمل هو السبيل الوحيد لرفعة البلاد وتطورها، مؤكداً أن "الله في عون العبد، ما دام العبد في عون أخيه" كما جاء في الحديث الشريف. وأضاف الدكتور على جمعة: "شهر رمضان فرصة عظيمة ليغير المسلم من سلوكياته إلى الأفضل، مشيراً إلى أنه إذا استحضر الصائم الغايات والمقاصد التي شرع من أجلها الصيام، والتي من أعظمها وأجلها تحقيق التقوى كما في قول الله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، فإن هذا يستلزم التحلي بالسلوكيات والأخلاق الحميدة، والتخلي على السلوكيات والأخلاق الذميمة، وهو ما ينعكس إيجاباً في تنمية المجتمع". كما شدد جمعة على أهمية العمل التطوعي وسد احتياجات الناس في رمضان، مشيراً إلى أن العمل التطوعي هو أحد أبواب الخير، التي تسهم بشكل كبير في التنمية على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية، كما أنه يعزز روح التكافل الاجتماعي ويوظف الطاقات البشرية، والذي من خلاله يقاس التقدم والرقي الفكري والإداري والعملي للأمم التي تتبارى في تأسيسه ورعايته وإفساح المجال له ودعمه. وقال المفتى "الصوم لا يعني فقط الامتناع عن الطعام والشراب والشهوات، بل على المسلم أن يصوم بقلبه، وسمعه، وبصره، ولسانه، ويده، ورجله، وسائر أعضائه عن المعاصي والمخالفات وفي مقدمتها الجدال، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم للذي سأله: أو إنا لمؤاخذون بما نتكلم به يا رسول الله؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ويحك، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم"؟". واختتم مفتي الجمهورية رسالته بالتأكيد على أن شهر رمضان من شهور النفحات والبركات والعطايا، وأنه من أعظم الفرص لمغفرة الذنوب، لذلك على المسلم اغتنام الأوقات في هذا الشهر وشغلها بالطاعات والتوبة إلى الله، داعياً الله سبحانه وتعالى أن يوفق المسلمين للخير في هذا الشهر الكريم، وأن يمنحهم المغفرة والقبول، وأن يجمع شملنا ووحدتنا ويحفظ علينا وطننا وسائر بلاد المسلمين.