حدد خبراء الاقتصاد 4 عوامل تعزز من ارتفاع معدلات النمو خلال العام المالي الحالي، منها زيادة الناتج الصناعي والسياحة ونمو الصادرات فضلا عن تراجع معدلات التضخم، مؤكدين أن حجم الدين المصري في الحدود الآمنة، لاسيما مع زيادة الأجل الزمني للدين الخارجي والتي تُعطي فرصة أفضل للسداد. وكان صندوق النقد الدولي، قد توقع نمو الاقتصاد المصري بنحو 5.9% خلال العام المالي الحالي، مقابل 5.5% تقديراته للعام المالي الماضي، كما توقع أن يتراجع الدين الخارجي المصري خلال العام المالي 2022/2023 إلى 109 مليارات دولار. وقال خالد الشافعي الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إن توقعات صندوق النقد الدولي بنمو الاقتصاد المصري بنسبة 5.5% في عام 2019، و5.9% في عام 2020، و6% في عام 2024، جاءت مدعومة بالتطور الكبير الذي يشهده الاقتصاد. أضاف في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، أنه قد تتخطي مصر هذه التوقعات لتصل إلي 5.7% فى العام المالي الحالي، نتيجة الدفعة القوية للاقتصاد مع تعافى القطاعات المختلفة ومنها السياحة ونمو الصادرات وتراجع التضخم وزيادة الناتج الصناعي. أوضح أن كل نسبة نمو في الناتج بنحو 1% تتطلب استثمارات للناتج بنسبة 3.1%، لذا فإن تحقيق معدل نمو قدره 6% يتطلب معدل استثمار للناتج بنسبة 18.3%، بالإضافة إلى التوسع في سوق العمل ليستوعب نحو 900 ألف وظيفة سنويًا لخفض معدل البطالة، والاقتصاد لديه القدرات لتحقيق هذه المعدلات. أشار إلى أن مصر حققت أعلى معدلاتها للنمو في أكثر من 10 سنوات بنحو 5.6% وهو ما يفوق معدلات النمو بالأسواق الناشئة والدول النامية، ويتميز معدل النمو التصاعدي المحقق بأنه يتضمن لأول مرة تحقيق معدلات نمو موجبة في كل القطاعات الاقتصادية، كما يتضمن تغيرًا جذريًا في هيكل النمو الاقتصادي المتحقق الذي يقوده الاستثمار وصافي الصادرات بدلا من الاستهلاك. ولفت رئيس مركز العاصمة للأبحاث، إلى أن الدولة ضخت خلال الأربعة أعوام الماضية استثمارات عامة بنحو تريليوني جنيه وفق مؤشرات وزارة التخطيط، تجني ثمارها حاليًا من خلال التوسع في إنشاء الطرق والكباري والمدن الجديدة، والمناطق الصناعية الواعدة، وهو ما يسهم في زيادة معدلات النمو القطاعي، وتحسين مؤشرات التنمية المستدامة في كل المجالات، كما تسهم هذه الاستثمارات في تهيئة البنية التحتية اللازمة لتشجيع استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي. وفيما يتعلق بالديون، قال "الشافعي" إن الفيصل في مسألة ديون أي دولة، نقطتين الأولى مرتبطة بآجال الدين والثانية تتعلق بنسبة الدين العام للناتج المحلي، وفيما يتعلق بالأولى فالأجل الزمني للدين الخارجي المصري غير مقلق بالمرة بل إنه يعطي فرصة أفضل للسداد. أوضح أن الأجل الزمني للدين الخارجي يشير إلى أن المستحق على مصر يقع غالبيته بنسبة 89.8% في فئة الدين طويل الأجل وهو ما يزيد أجل استحقاقه الأصلي على 12 شهرًا وتبلغ قيمته 97.6 مليار دولار تقريبًا، والباقي بقيمة 11.055 مليار دولار مديونية قصيرة الأجل أي مدة الاستحقاق الأصلية أقل من 12 شهرًا، وهى مدد زمنية في واقع استدانة الدول تعتبر جيدة جدًا. أشار إلى أنه كلما توسع الاقتصاد وشهد نموًا واضحًا في كل قطاعاته، فإن هذا يتبعه تحرك واضح في الدين، وهنا الاستدانة بهدف الاستثمار وليست من أجل الطعام، كما أن الاقتصاد الأمريكي وهو أعظم اقتصاد في العالم حاليًا يعد صاحب الدين الأكبر، ومن ثم معدل الدين مُطمئن طالما أنه يتوازن مع الناتجبن المحلي والقومي في البلاد. وتابع "الشافعي": "الدين العام المصري لا يزال في الحدود الآمنة، حيث تستهدف الحكومة خلال العام المالي 2021-2022 خفض نسبة الدين الحكومى من الناتج المحلي، أقل مما كانت عليه قبل 2011". وتم خفض نسبة الدين الحكومي للناتج المحلى من 108% نهاية يونيه 2017 إلى 98% نهاية يونيه 2018، ثم 90.5% نهاية يونيه 2019، ومن المستهدف أن تكون 82.5% نهاية يونيه 2020، وتصبح 77.5% نهاية يونيه 2022؛ وفق الخطة المعلنة من الحكومة. أكد أن هذه الأرقام غير مقلقة طالما يتزامن معها نمو اقتصادي، إذ سجل الاقتصاد أعلى معدلات نمو فى 10 سنوات عند 5.6% وهذا يجعل مصر فى النطاق الآمن من حيث مستوى الدين للناتج المحلى، على ضوء التقديرات والمعايير العالمية فى هذا الشأن؛ وذلك وفق خطة حكومية تضمن استدامة انخفاض نسبة الدين للناتج المحلى، وتحقيق فائض أولى، ومعدلات نمو مرتفعة. نوه بأن هذه الإنجازات تبرهن قدرة الدولة على سداد كل الالتزامات الخارجية، ما يأتى فى ظل جدولة القروض والديون الخارجية، فمصر سددت أكثر من 3.5 مليار دولار إلى شركات النفط والغاز الأجنبية العاملة في قطاع البترول، إلى جانب سماح البنك المركزي بتحويل أرباح كل الشركات الأجنبية إلى الخارج. ومن جانبه، قال الدكتور ياسر عمارة المحلل الاقتصادي، إن خطة عمل الحكومة ممثلة في وزارة المالية، نجحت في السيطرة على الدين العام من خلال زيادة آجاله وخفضت أعباءه بقدر المستطاع، موضجًا أن معدلات الديون في مصر في الحدود الآمنة للغاية. أضاف في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، أن ما يؤكد قوة الاقتصاد المصري وقدرته على مواجهة الديون، هي الاستمرار في سداد والتزامات خدمة الدين، كما أن لدى الدولة احتياطي من النقد الأجنبي تعدى 45 مليار دولار، وهو بمثابة دعم أساسي للنمو، مشيرًا إلى أن زيادة الإنتاج ونمو الصادرات وتقليل الواردات، أدوات يجب التركيز عليها للتغلب على أزمة الديون.