د. حاتم عبدالمنعم أحمد عرضنا في المقال السابق جذور فكرة الفوضى الخلاقة، والتي ترجع للماسونية العالمية، وهي منظمة سرية تتبع الصهيونية العالمية، ويتفرع من هذه المنظمة أو يتبعها العديد من الجماعات الأخرى؛ بل ويمتد تأثيرها ونفوذها على كثير من الحكومات والمنظمات الدولية؛ سواء من خلال رجالها، أو من خلال وسائل الإغراء أو الضغط أو الرشاوى وغيرها من السبل؛ وبوجه عام تمر عملية الفوضى الخلاقة بعدة خطوات أو مراحل متكاملة يمكن إيجازها في الآتي: 1- مرحلة المهد والتخطيط وتبدأ حينما يكون هناك جهة معينة أو حكومة أو فرد يشعر بعدم الرضا عن وضع معين أو سياسة محددة أو فرد أو نظام معين ولا يستطيع مواجهة ذلك الموقف أو تغييره بالوسائل المباشرة أو الصحيحة، فيلجأ إلى أساليب غير شرعية وغير صريحة لتغيير هذه الأوضاع بأساليب سرية، فيبدأ في إجراء دراسة متعمقة لتحديد نقاط الضعف والسلبيات الموجودة في الجهة أو النظام المراد إسقاطه للخروج بأهم نقاط الضعف والسلبيات الموجودة. 2- مرحلة اختيار الأذرع المعاونة وبداية حملات التشويه، وفي هذه المرحلة يتم اختيار مجموعة صغيرة نسبيًا من المحترفين في مجالات قيادة الجماهير على مختلف الأصعدة؛ سواء الإعلامية أو الدينية أو الميدانية وهذه المجموعات محترفة، وتعمل بأجر وليس لها علاقة بمبادئ أو قيم سياسية أو اجتماعية وخلافة، وتركز هذه الجماعات على نشر نقاط الضعف والسلبيات القائمة وتضخيمها، والعمل على تشويه أي قدوة في هذه المجتمعات، وتشويه وإبراز سلبيات القيادات والمسئولين، والعمل على نشر شائعات لإيجاد فجوة بين الشعب والمسئولين، وفى هذه المرحلة يتم التركيز على وسائل التواصل الاجتماعي، وبعض مدعي الدين. 3- مرحلة التواصل مع الجمهور المستهدف من خلال الأذرع المحترفة التي سبق اختيارها، وبالطبع الجمهور المستهدف إثارته وقيادته يختلف من حالة لأخرى، وحسب الهدف المراد تحقيقه، ولكن في معظم حالات الفوضى الخلاقة تكون فئة الشباب هي الأداة الرئيسية في الفوضى، وخاصة سن المراهقة؛ لأنه من سمات هذه المرحلة العمرية الحماس والاندفاع والعنف والتمرد على أي سلطة والسطحية وسهولة الانقياد، وبالطبع هذه الفئة عادة لا تعرف شيئًا عن المؤامرة وخيوطها أو صاحبها أو من يحركها؛ فهي تتحرك مع الأذرع الخفية بحسن نية عادة، وهي للأسف تستخدم كأداة لإثارة الفوضى والقلاقل. 4- مرحلة العمل الميداني والجماهيري وهي التي تشهد عمليات إثارة الفوضى في الشوارع، وما يصاحبها عادة من أعمال عنف وتخريب وتبدأ هذه الأعمال بقيادة الأذرع المساعدة في قيادة وإثارة العامة والمراهقين، وسرعان ما تنسحب هذه الأذرع وتخرج من هذه الأعمال والميادين، وتترك بقية المهمة وأحداث الشغب والعنف للعامة ومعظم هؤلاء من المراهقين والمغيبين، وعادة ما يقع هؤلاء في قبضة الأمن، وهم ليس أكثر من مجرد أداة مستخدمة من قبل مدبري المؤامرة وأذرعها الخفية. وفى ضوء ما سبق فإن الأفراد المشاركة في الفوضى ثلاثة مستويات المستوى الأول المدبرون وأصحاب المؤامرة، وهم المخططون والممولون والمستفيدون من المؤامرة، ثم المستوى الثاني وهم الأذرع التي يستخدمها المدبرون للمؤامرة، وهم محترفون ويعلمون جيدًا دورهم، ويحصلون على المقابل المادي، ثم المستوى الثالث ذو الأعداد الكبيرة والذين يقومون بأعمال الشغب والعنف، ومعظمهم من البسطاء المنقادين والمراهقين، ومعظمهم لا يعرف شيئًا عن المؤامرة أو أهدافها. هذه هي أهم خطوات المؤامرة وحلقاتها؛ وهي تستخدم في مجالات عديدة، وأخطرها قطعًا المجال السياسي، فكثيرًا ما تستخدم في مباريات كرة القدم وفي الفن.. وغيرها من المجالات؛ فمثلا في كرة القدم عندما يكون هناك فريق مهزوم وغير قادر على الفوز فيلجأ إلى استفزاز لاعبي الفريق المنافس، والضرب من خلف الحكم، وغيرها من الأساليب الاستفزازية؛ وخاصة بعض اللاعبين العصبيين في الفريق المنافس لإثارتهم؛ بغرض الخروج عن شعورهم، وإحداث شغب وفوضى قد تؤدي إلى إلغاء المباراة، ويكون ذلك في صالح الفريق المهزوم. واستخدمت في المجال الفني بين بعض الفنانين في إفساد حفل فنان آخر منافس.. وهكذا فهي تستخدم في مجالات عديدة أهمها وأخطرها المجال السياسي.. ومن هنا تظهر أهمية الدراسة المتأنية والمواجهة العلمية لهذه الظاهرة.. وللحديث بقية.