في مشهد يبدو مشابهًا لما شهدته دول الربيع العربي، أثناء ثوراتها، كان هتاف مئات المتظاهرين بالسودان، خلال تظاهراتهم التي تواصلت للأسبوع الثاني على التوالي: "الحرية..الحرية.. الشعب يريد إسقاط النظام". كما تشابه أيضًا رد الأمن عليهم بالغازات المسيلة للدموع والضرب بالهراوات. وقالت وسائل الإعلام الرسمية، إن الشرطة السودانية أصدرت أوامر لقواتها بإنهاء الاحتجاجات المناهضة للحكومة على الفور بعد أن انتشرت بأنحاء العاصمة الخرطوم أمس الجمعة، ولم تعد قاصرة على الطلبة النشطاء الذين شكلوا قلبها وشاركوا فيها بالبداية. ويشعر النشطاء بالغضب من مجموعة من إجراءات التقشف المقررة التي استهدفت معالجة عجز بالميزانية قدره 2.4 مليار دولار، ويحاولون استغلال الاستياء العام من أزمة اقتصادية تتفاقم لإشعال انتفاضة على غرار انتفاضات "الربيع العربي" للإطاحة بحكم الرئيس عمر حسن البشير. وترد قوات الأمن باستخدام الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق المظاهرات بأحياء مختلفة من العاصمة الخرطوم لكنها لم تتجاوز عدة مئات في أي وقت، حيث كانت رائحة الغاز المسيل للدموع لا تزال عالقة في الجو اليوم السبت ولا يزال الدخان يتصاعد من الإطارات المحترقة وسط وجود أمني مكثف بحي الديم بالخرطوم الذي شهد أيضا احتجاجات يوم الجمعة. وشاهد مراسل ل"رويترز" ما يتراوح بين 300 و400 متظاهر لكن كان من الصعب الحصول على تقدير دقيق لأن المحتجين تفرقوا في مجموعات صغيرة بشوارع مختلفة، بينما لم تخرج الاحتجاجات عن نمط الاحتجاج بحي السجانة حيث سارت مجموعات صغيرة من المتظاهرين بشوارع جانبية وسدت الطرق وأشعلت النار في إطارات السيارات ورددوا هتافات: "الحرية.. الحرية" و"الشعب يريد إسقاط النظام، بينما رشق نحو 200 متظاهر الشرطة بالحجارة في المنطقة الثالثة وسط الخرطوم إلا أنها أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. وفي علامة على أن السلطات تعتزم تكثيف حملتهم الأمنية، قال "المركز السوداني للخدمات الصحفية"، في بيان أرسل إلى الهواتف المحمولة:" تأمر الشرطة قواتها بأن تنهي على الفور المظاهرات وحوادث الشغب وفقا للقانون، وقلما تعلق الشرطة على الاحتجاجات التي تمضي دون أن يشار إليها في وسائل الإعلام، لكن الشرطة قالت يوم الجمعة إنها فرقت مظاهرات "محدودة" لم يتجاوز عدد المشاركين فيها 150 شخصا. وقالت الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات إن السلطات اعتقلت في وقت سابق اليوم السبت مقررها ساطع الحاج، بينما قال نشطاء إن الاحتجاجات اندلعت بأربعة أحياء على الأقل بالخرطوم اليوم السبت ولكن لم يتسن على الفور التحقق من صحة التقارير من مصادر مستقلة. وتفادى السودان موجة احتجاجات الربيع العربي التي اجتاحت مصر وليبيا المجاورتين العام الماضي لكن خطوات اتخذتها الحكومة لخفض الانفاق لسد عجز في الموازنة وشملت خفض دعم الوقود أشعلت موجة من المظاهرات، وتستهدف تلك الإجراءات التكيف مع أزمة اقتصادية لها جذور في انفصال جنوب السودان قبل عام. واستحوذت الدولة الجديدة على نحو ثلاثة أرباع إنتاج البلاد قبل التقسيم من النفط الذي كان مصدرا رئيسيا لإيرادات الدولة وللصادرات والعملة الصعبة.