ظللت أتابع تلك الوردة يومًا بعد الآخر، ربما بسبب حبي للزهور.. لكن تلك المرة كانت المتابعة أشبه بالتأمل. وردة يافعة ثم متماسكة، ثم ذابلة، حتى تموت واقفة، مثلها كزرعة تنمو وتزدهر ومع الوقت تضعف قليلا قليلًا، فتحيا وتموت في هدوء شديد. كأنها كائن مفعول به لا أكثر، نعتني ونستمتع به؛ لكنه لا يدرك أنه يحتضر، وربما تعي لكننا لا نلاحظ ذلك. هل حقا تشعر الوردة بأن موعدها قد حان دون فحصوصات وأشعات؟! دون أن يخبر الطبيب أسرتها من أحلى الورود أنها تقدمت بالعمر وساءت صحتها، ولم يعد يتبقى لها سوى أيام وربما ساعات! إن كانت الزهور والزرع عامة يشعر بالاهتمام ويزدهر لسماع الموسيقى فأكيد يشعر ويحس ويتألم أيضا وبالتالي يعانى من لحظات الضعف ويحزن للوداع؛ لكنه صامت لا يشكي ولا يبكي. وإن كنا ندعو دائمًا إلى ضرورة الشعور بالآخرين، ومراعاة مشاعرهم، فالأمر ليس ماديًا فقط، فكثيرون يعانون في صمت مثل الوردة، فسواء كنا ندرك أو لا، فعلينا أن نلتمس العذر للآخرين ونترفق بمشاعرهم مهما بلغ صمتهم، حتى لا يكون رحيلهم واقفين عبرة بعد فوات الأوان.