ينتظر القاص والمترجم، محمد الفولي، صدور مجموعته القصصية الأولى "تقرير عن الرفاعية"، عن دار الكتب خان، تزامنًا مع انطلاق الدورة الخمسين من معرض القاهرة الدولي للكتاب، في الرابع والعشرين من يناير الجاري. تضم المجموعة قسمين، وتتكون من 12 قصة، ويحمل القسم الأول عنوان "أبطال منسيون" ويسترجع فيه الراوي الأشخاص الذين ساهموا في صقل هويته إبان طفولته ومراهقته وسنوات شبابه الأولى، وذلك في أجواء لا تخلو من الغرابة، فهم أبطال مهمشون بين بلطجي ومدمن محب لكرة القدم والجنس ومخلوق أسطوري ومطرب شعبي مغمور ومصارع أمريكي وأشهر قوادة في الأدب الإسباني، وتتجلى في هذا الجزء مفاهيم الخوف من الماضي والتوجس من المستقبل مع لمسة من الحنين إلى صورة الأب الحامي وتتخلى المجموعة بالتدريج عن تشبثها المتردد بأرض الواقع في نهاية الجزء الأول. أما القسم الثاني فيحمل عنوان "ثلاثية الأفاعي"، ويسير على النهج ذاته في الحفاظ على رابط واحد بين قصصها كافة، لكن مع إطلاق عنان الخيال. ويقول الفولي في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، إن "(تقرير عن الرفاعية) بها تأثر كبير بأدب أمريكا اللاتينية وكذا الأدب الإسباني، إذ أن أغلب الأعمال التي قرأتها لمؤلفين من كولومبيا والأرجنتين وإسبانيا، ويكفي فقط النظر لعنوانها الذي أُوجه به تحية للعبقري الأرجنتيني إرنستو ساباتو، ورائعته "تقرير عن العميان" في رواية "أبطال وقبور"، وكذلك قصة "علاء بوكس وإشكالية لا ثلستينا"، التي ينشأ فيها رابط بين بطلها المحب للكرة والجنس وأشهر قوادة في الأدب الإسباني ولا أعرف إن كان هذا التأثر عيبًا أم ميزة، فالحكم متروك في النهاية للقارئ". صدر لمحمد الفولي 6 كتب مترجمة عن الإسبانية هم حكاية عامل الغرف، أغرب الحكايات في تاريخ المونديال، أخف من الهواء، هذيان، الشرق يبدأ من القاهرة، لماذا تلعب كر القدم 11 ضد 11؟، و"تقرير عن الرافعية" تعد المجموعة القصصية الأولى له. ويقول الفولي: "(تقرير عن الرفاعية) هو أول كتاب من تأليفي يُنشر مقابل ستة كتب مترجمة، لكن إن أردنا تحري الدقة فهي ثاني مشروع أنهيته في الرحلة الجادة التي بدأتها عام 2016 لدخول عالم الإنتاج الأدبي ولم تر النور إلا في مطلع 2018 بنشر ترجمتي الأولى لكتاب (الشرق يبدأ في القاهرة) للكولومبي إكتور آباد فاسيولينسي؛ فبين ناشر يتخوف من جدوى نشر مجموعة قصصية هي الأولى لمؤلف شاب أو الترجمة الأولى له لكتاب عن أدب الرحلات- ونحن في زمن الرواية- وآخر يعتذر عن نشر هذا المشروع أو ذاك، اختلف ترتيب نشر الأعمال التي أنتجتها عن ذلك الذي أنهيت فيه كل منها الحقيقة أن التأخير لم يكن من طرفي بل نتيجة لتراكم تلك الظروف، وإن أردنا تحري الدقة الشديدة، فإن أول عمل نُشر لي لم يكن مُترجمًا، بل أربع قصص ألفتها بالإسبانية مباشرة ونشرت عام 2010 في مجلة الدراسات الأدبية الخاصة بجامعة كومبلوتينسى العريقة في العاصمة الإسبانية مدريد." ويضيف الفولي: "أعمل في مجال الترجمة منذ 2008، وتحديدًا في الترجمة الصحفية في الخدمة العربية لوكالة الأنباء الإسبانية حتى قررت في 2016محاولة اقتحام مجال الترجمة الأدبية الوعر، وذلك بناء على موقف واحد، إذ كنت أدير ورشة في كلية الآداب في جامعة القاهرة عن الترجمة الصحفية، وسألني أحد الطلبة عن سبب عدم ترجمتي لأي كتاب، وحينها أدركت أن شيئًا ما ينقصني، فإن كنت لا أكف عن قراءة إبداعات الأدب اللاتيني والإسباني في أوقات فراغي، فما الذي يمنعني من نقلها للعربية؟ هكذا بدأت مساري الثاني في الترجمة وتأصلت أهميتها في حياتي أكثر لذا فلن أبالغ إن قلت إن الترجمة تجري داخلي مجرى الدم وفي ظني، الفارق الأصيل بين إبداع الترجمة وإبداع الكتابة هو كالفارق بين "الناقل" و"الخالق"، ولأن خلق عالم أصعب من محاكاة آخر قائم بحد ذاته، فلابد أن تمتلك فكرةولا أمارس أي ضغوط على نفسي ليتمخض عقلي عن فكرة إبداعية، فما من رغبة لدي في الحصول على جنين مشوه في نهاية المطاف" يؤكد الفولي على أنه في الترجمة تتوفر لديك المادة الخام، أما في الكتابة فإنها قد تتشكل فجأة أو تأخذ شهورًا وربما أعوامًا لكي تظهر وتكتمل ويقول "لهذه السبب فإحداث عملية التوافق بينهما ليست صعبة إلى هذا الحد في حالتي، فالترجمة حاضرة ومستمرة، أما الكتابة الإبداعية فأفسح لها المجال، أو أنها هي من تفسحه لنفسها، حينما تتشكل الفكرة هكذا الأمر بالنسبة لي ببساطة".