أشر خطاب استقالة وزير الدفاع الأمريكية، جيم ماتيس، ليلة أمس الخميس، والذي عزا فيه رحيله المزمع في فبراير المقبل، إلي "خلافات مع سياسة الرئيس ترامب"، إلي تصاعد الخلاف في إدارة الرئيس الأمريكي إلي مداها بعد قراره شبه المنفرد بالانسحاب من سوريا فيما اعتبر صفعة لمساعديه قبل حلفائه. وبرحيل ماتيس، يرحل أحد الأصوات المعتدلة في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي نأي بنفسه خلال سنتين عن عواصف وأعاصير الفضائح القادمة من البيت الأبيض والتي طالت أغلب أعضاء حكومته ومساعديه الذين يقبع عدد منهم في السجن حاليًا لتهم ارتكبوها خلال حملة الرئيس الأمريكي الانتخابية في 2015 و2016. وتري صحيفة "نيويورك تايمز"، أن خبرة ماتيس، جنرال البحرية الأمريكية صاحب الأربع نجوم واتزانه جعلاه يري بشكل واسع علي أنه يحقق توازنًا مع رئيس غير متوقع. وذكرت الصحيفة أن ماتيس أخبر أصدقاء له بشكل متكرر أنه يري أن واجبه كوزير للدفاع في حماية 1.3 مليون جندي أمريكي عامل، يحتم عليه أن يمنح تنازلات للرئيس ولكن يبدو أنه قد قرر أن قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية في سوريا تنازل أكبر من أن يقبله. وقال مسئولون إنه رغم أن ماتيس ذهب إلي البيت الأبيض بخطاب استقالته مكتوبًا، إلا أنه حاول مرة أخيرة إثناء الرئيس عن اتخاذ القرار إلا أن طلبه قوبل برفض شديد ما حدا به إلي العودة إلي البنتاجون وطلب من مساعديه طباعة 50 نسخة من خطاب استقالته وتوزيعها في أرجاء المبني. وعرف عن ماتيس نأيه بنفسه وانكفائه علي إدارة شئون البنتاجون بعيدًا عن قرارات ترامب الذي كان يراه ماتيس ك"أحمق"، إلا أنه اضطر للرضوخ أمام قراره إرسال قوات إلي الحدود مع المكسيك لمواجهة قافلة المهاجرين، ولكن يبدو أن ما لم يقبله هو قرار الانسحاب من سوريا والذي شكل صدمة كبيرة لحلفاء ترامب في سوريا خاصة قوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها الولاياتالمتحدة. وكانت الولاياتالمتحدة قد أرسلت 2000 عنصر إلي سوريا للمعاونة في الحرب علي تنظيم داعش، الذي يري ترامب أنه "تمت هزيمته"، ومن ثم لا داعي إلي إبقاء القوات هناك. وتقول صحيفة "واشنطن بوست"، إن القرار جاء مفاجئا لعدد من مستشاري الرئيس الذين وجدوا أنفسهم أمام قرار لم يخبروا به مسبقًا أو يتم استشارتهم فيه رغم أنه من صميم عملهم. ويعارض مساعدو الرئيس والبنتاجون القرار الذي أثنوه عن اتخاذه في أبريل الماضي حين كرر ترامب وعده الانتخابي بإنهاء التدخل العسكري الأمريكي في سوريا، قائلاً: "أريد الخروج" ، أريد أن أعيد قواتنا إلى الوطن". وفي سبتمبر، قال مساعدون كبار للإدارة في ذلك الوقت، إن الرئيس اقتنع بإبقاء حوالي 2000 جندي أمريكي في سوريا إلى أجل غير مسمى، ليس فقط الي حين هزيمة تنظيم داعش ولكن أيضا حتى يتم التوصل إلى حل سياسي للصراع الدائر في سوريا، وخروج القوات الإيرانية و وكلائهم الذين ساعدوا الرئيس السوري بشار الأسد من سوريا. وجاء قرار ترامب يوم الثلاثاء الماضي ، وفقا لأشخاص مطلعين على القضية؛ بعد اجتماع مصغر حضره كبار مساعدي البيت الأبيض ووزيري الدفاع والخارجية، وقد عارضه معظهم إن لم يكن كلهم بشدة في قراره ذلك. وذكرت الصحيفة الأمريكية أن في الأسبوع الماضي فقط ، قال مسئولون كبار بما في ذلك المبعوثين الخاصين للإدارة في سوريا والعراق أن هزيمة تنظيم داعش، في جنوبسوريا قرب الحدود العراقية، يمكن أن يكون على بعد أشهر وأن الآلاف من المقاتلين ظلوا مختبئين تحت الأرض؛ في انتظار الظهور مرة أخري. وأكد المسئولون مجددا أن قوات سوريا الديمقراطية، المجموعة التي يسيطر عليها الأكراد من المقاتلين المدربين والمجهزين بالأسلحة ، ظلوا حلفاء أمريكيين مهمين لا يمكن التخلي عنهم. وقالت "واشنطن بوست" أنه على الرغم من أن القوات الأمريكية في سوريا لم تكن مكلفة بالدفاع عن المسئولين الأمريكيين أو منظمات الإغاثة الإنسانية هنا ، إلا أن وجودهم كان يعتبر ضمانة ضد الهجمات من مختلف الجهات. وقال مسئول في وزارة الخارجية الأمريكية أمس إن الدبلوماسيين الأمريكيين وموظفي المساعدات الذين خفضت أعدادهم بالفعل سيتم إجلاؤهم الآن. وقالت منظمة "ميرسي كوربس"، وهي منظمة مساعدات دولية تقدم مساعدات لنحو 2.7 مليون نسمة من السكان المدنيين في شرق سوريا الذي تسيطر عليه الولاياتالمتحدة ، إنها قد تضطر إلى إعادة النظر في عملياتها هناك. وقال عدد من حلفاء الولاياتالمتحدة المقربين وهم أعضاء في التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد داعش إنهم لم يستشاروا ولم يتلقوا أي إنذار مسبق.