تسود حالة من الانقسام والصراع بين الأئمة والدعاة وبلغت ذروة الخلافات بعد انسحاب الأزهر من اللجنة التأسيسية للدستور وانتقل الصراع السياسي بين الأحزاب والتيارات السياسية للأئمة والدعاة وتمثل ذلك في استقطاب الأحزاب السياسية لعدد من الأئمة والدعاة لمساندة المواقف السياسية الخاصة بتلك الأحزاب وظهر ذلك بوضوح عندما أعلن الأزهر الشريف الانسحاب من اللجنة التأسيسية. وقتها تعرض الأزهر لكثير من الانتقادات من جانب الأئمة والدعاة المنتمين لجماعة الإخوان المسلمون وأصدرت نقابة الدعاة – تحت التأسيس – بيانا هاجمت فيه موقف الأزهر من اللجنة التأسيسية وفي نفس الوقت أصدرت نقابة الأئمة والدعاة المستقلة بيانا أشادت فيه بموقف الأزهر الشريف وأعلنت الوقوف خلف الأزهر في كل المواقف وإنتقدت موقف جماعة الإخوان المسلمون وحزب الحرية والعدالة ومحاولات السيطرة علي اللجنة التأسيسية للدستور. وفيما يخص تلك الظاهرة يقول الدكتور الأحمدي أبو النور وزير الأوقاف الأسبق لابد أن يلتزم الإمام داخل المسجد بالعمل الدعوى ويتمثل ذلك في توعية الناس بالمفاهيم الصحيحة وإلقاء الدروس الدينية وأن يلتزم الإمام بمنهج القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لكن إذا ابتعد الإمام عن هذا الدور وأصبح يقوم بدور سياسي يخدم حزب أو جماعية ينتمي إليها فهذه قضية خطيرة تؤثر وتهدد العمل الدعوي ولابد أن يدرك ذلك كل داعية. وأكد د.أبو النور أنه يجب وضع مصلحة الدعوة الإسلامية فوق كل اعتبار وأن يبتعد عن كل الوسائل التي تبعده عن رسالته العظيمة، وطالب الأئمة والدعاة بالابتعاد عن استخدام المساجد في الدعاية الانتخابية لأي مرشح أو حزب أو تيار سياسي لأن هذه ليست مهمة الداعية رجل الدين الأزهري الذي يقتدي به الناس،أما إذا كان الإمام له إنتماء لتيار سياسي أو حزب معين فعليه أن يترك كل ذلك خلفه عندما يدخل المسجد حتي لايكون الإنتماء السياسي أو الحزبي مؤثرا على العمل الدعوي فيصبح الداعية معبرا عن حزب أو جماعة وينشغل بالعمل السياسي ويطغى على شخصيته الدعوية. وأشار إلى أن الداعية عندما يتكلم في أمور الدين داخل المسجد يستمع له الجميع وينصت الناس لرأيه أما إذا تكلم في أمور السياسية سيجد من يعارضه وقد يتم التطاول عليه أو انتقاده وهنا يكون الانتماء الحزبي أو السياسي يشكل تهديدا لرسالة الداعية، ويؤكد علي ضرورة ألا يكون الإمام أسيراً لاتجاه حزبي معين والحق سبحانه وتعالي يقول "قل هذه سبيلي أدعو إلي الله علي بصيره أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين "وهذا يدل على أن وظيفة الداعية هي الدعوة إلى الله وليست الدعوة لحزب أو جماعة أو تيار سياسي. ومن جانبه، يري الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية أنه لا يجوز أن يكون للأمام أو الداعية أي إنتماء سياسي أو حزبي، لأن الإمام لابد أن يكون إماما للجميع ولا ينتمي لجماعة أو حزب حتي يبدي رأيه غير مرتبط بأفكار حزب معين ويكون مستقلا في تفكيره لأن رأيه مؤثر في الناس وينظر له الجميع نظرة تقدير نظرا لرسالته السامية، أما أن ينخرط في حزب أو جماعة فهذا ينتقص من قدر الإمام، كما أن رواد المسجد الذين لا ينتمون للحزب أو الجماعة التي ينتمي إليها الإمام سيختلفون معه وهذا ما لا يجب أن يحدث لأن الإمام لابد أن يكون علي مسافة واحدة من جميع الناس ولا يكون هناك إختلافا سياسيا أو فكريا مع من يقدم لهم الدعوة والنصيحة، وإذا كنا اليوم علي مقربة من إنتخابات رئاسة الجمهورية فإن الأئمة مطلوب منهم عدم التحيز لأي من المرشحين. ويؤكد أن الأئمة والدعاة أبناء الأزهر الشريف هم دعاة للجميع وهذا يجعلهم يقومون بتلبية دعوات الأحزاب أو التيارات المختلفة فيلقون المحاضرات أو يحضرون الندوات ويطرحون رأيهم فيما يطرح عليهم من القضايا العامة وأمور الوطن بشكل عام دون تحيز وهذه ميزة كبيرة يتمتع بها الدعاة لأن عدم إنتماء الدعاة لأي من الأحزاب يجعلهم علي مسافة واحدة من جميع الأحزاب والجماعات المختلفة سياسيا ، كما يزيد من قدر الدعاة لدي الناس لكونهم غير مصنفين علي أي من الأحزاب أو الجماعات أو التيارات السياسية، ويضيف أن المسجد منبرا للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ولا يجوز للأمام أو الداعية أن يستخدم منبر المسجد للدعوة لحزب أو جماعة أو تأييد مرشحين في الإنتخابات لأن المساجد بيوت الله والحق سبحانه وتعالي يقول "وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً". أما الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي الأسبق: الدعوة هي وظيفة الرسول صلي الله عليه وسلم والأنبياء جميعا والعلماء هم ورثة الأنبياء وبالتالي لابد أن يعلم كل داعية أنه يؤدي رسالة عظيمة تضيف إليه وتجعله محل تقدير الناس وبالتالي عليه أن يدرك عواقب كل تصرفاته وأن يراعي الحق سبحانه وتعالي في كل أفعاله وأقواله داخل وخارج المسجد، ويدرك أنه لو إنتمي إلي أي جماعة أو حزب سيكون هناك من يسير خلفه ويقتدي به، وفي الأساس نقول أن الداعية ليس في حاجة لأن ينتمي إلى أي حزب أو جماعة لأن رسالته تخص جميع الناس. ويضيف أن كون الداعية ينتمي إلي جماعة الإخوان المسلمون أو السلفيين أو غيرها من الجماعات أو الأحزاب فلو أن لدى هؤلاء فقها لعلموا أن كل من قال لا إله إلا الله فإنه ينضم تحت راية الإسلام، ويؤكد أنه لا مانع أن يكون الإمام لديه إنتماء لجماعة أو حزب لكن بشروط لابد أن يلتزم بها ويطبقها حتي لا يجور ذلك علي مهمته الأساسية، أهم هذه الشروط ألا يؤثر ذلك علي عمل الإمام أو الداعية داخل المسجد وألا يستغل عمله الدعوي في الدعاية للجماعة أو الحزب الذي ينتمي إليه، وألا يستغل خطبة الجمعة أو الدروس التي يلقيها في المسجد للترويج لمرشح علي حساب آخر،لكن عليه أن يستمد خطبة الجمعة من الواقع الذي تعيشه فيه المنطقة التي يقع فيها المسجد فيعبر عن جميع الناس ويقف علي مسافة واحدة من الجميع.