عوائق الحدود الجغرافية، غياب الطرق الممهدة أو الخطوط الجوية التي تربط بين المدن الرئيسية، متطلبات تأشيرات الدخول، هكذا تتعدد الأسباب وتبقى تجربة الانتقال بين أبناء القارة السمراء كابوسا بالنسبة إلى ملايين المسافرين، وهو ما ينعكس جليا في الحد من حرية الحركة سواء في أغراض السياحة أو التجارة والأنشطة التجارية وغيرها. وشكل التكامل الإقليمي الملف الأبرز خلال فعاليات افتتاح المؤتمر الاقتصادي الإفريقي المنعقد حاليا في العاصمة الرواندية كيجالي، وتستمر فعالياته حتي غد، الأربعاء، 5 ديسمبر الجاري، تحت شعار "التكامل الإقليمي والقاري من أجل تنمية إفريقيا"، الذي يقيمه البنك الإفريقي للتنمية بالشراكة مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، واللجنة الاقتصادية الإفريقية التابعة للأمم المتحدة، والتي تعكس أولويات البنك الإفريقي للتنمية في التعامل مع جهود التنمية في البنية التحتية، بوصفها مركزًا للتكامل الإقليمي في إفريقيا من خلال تذليل العقبات أمام حرية التنقل بين البلاد الإفريقية. ويسلط المؤتمر في دورته الحالية الضوء على مبادرات التحول نحو إسراع جهود التنمية والتكامل في البنية التحتية، بما يحقق العدالة وإزالة الحواجز أمام حركة وتنقل الأشخاص والسلع والخدمات عبر الحدود. ويعد المؤتمر الاقتصادي الإفريقي السنوي بمثابة المنتدى الرائد في القارة لتعزيز الحوار وتبادل المعرفة من أجل إيجاد حلول للتحديات الإنمائية في إفريقيا، من خلال المناقشات بين الأكاديميين، وكبار ممثلي الحكومة، والمسئولين رفيعي المستوى، والممارسين في مجال التنمية من جميع أنحاء العالم. ومن المنتظر أن يشهد المؤتمر الإعلان عن الطبعة الثالثة من مؤشر الانفتاح في إفريقيا، والمعد بواسطة البنك الإفريقي للتنمية، بوصفه أداة مهمة لقياس جهود البلاد نحو دعم حرية الحركة والتنقل للناس في جميع أنحاء القارة، ويسعي البنك خلال المؤتمر إلى تسليط الضوء على جهود إدارة البحوث والمعرفة كمحركين مهمين لتمكين حوار الإستراتيجيات، والتخطيط الجيد للسياسة والتنفيذ. وقال جابرييل نيجاتو، المدير العام لمكتب التنمية الإقليمية والأعمال في شرق إفريقيا في البنك الإفريقي للتنمية، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، "لقد ساعد مؤشر الانفتاح على زيادة الوعي، ودعم جهود إصلاح سياسات تأشيرات المرور عبر بلاد القارة لتسهيل حركة الناس، وإتاحة الفرص للسياحة والتجارة والاستثمار داخل إفريقيا، وبهذه الطريقة، يساهم البنك الإفريقي للتنمية بشكل مباشر في تحقيق أهداف مبادرة الاتحاد الإفريقي نحو جواز سفر إفريقي واحد. كما ألقي كلمة رئيس دولة رواندا بول كاجامه، السيد كلودي أوويرا، وزير الدولة للتخطيط الاقتصادي قائلًا "إن المؤتمر تناول موضوعًا قريبًا من قلوبنا جميعًا، هذا المؤتمر مهم لرسم الطريق إلى التكامل الشامل، الذي من شأنه تحقيق الإفادة للجميع. مشيرا إلى الدور الهام للإرادة السياسية والالتزام من القادة الأفارقة. وأضاف أوويرا: "نحن نكتب صفحات مهمة في تاريخ التنمية في قارتنا. فلننتهز هذه الفرصة لدعم مسيرة القارة إلى الأمام". وشدد المشاركون على دور رواندا كمركز رئيسي لجهود التكامل في إفريقيا، متحدثين عن الحاجة الملحة إلى البناء على هذا الزخم من أجل تحقيق التكامل الشامل والعادل. مشيدين بالخطوات القيادية التي حققتها الدولة المضيفة في مجال الدفاع عن التكامل الإقليمي، حيث أعلنت في بداية هذا العام رفع تأشيرة الدخول لأراضيها للمسافرين من جميع الدول الإفريقية. كما تحدثت جيوفاني بيها، نائبة الأمين التنفيذي للجنة الأممالمتحدة الاقتصادية لإفريقيا، قائلة، بينما لا تزال هناك خطوات كبيرة للتقدم إلى الأمام، إلا أننا نتحرك في الاتجاه الصحيح. ومن جانبه، حذر البروفيسور بول كوليير، أستاذ الاقتصاد والسياسة العامة بجامعة أكسفورد، وأحد أبرز خبراء التنمية الاقتصادية في العالم، من أن "الفترة السهلة" من النمو الاقتصادي المتسارع في إفريقيا تقترب من نهايتها، ولابد من إسراع وتيرة خلق الوظائف والتكامل من أجل تحقيق النمو المستدام والتنمية في جميع أنحاء القارة. وذلك خلال كلمته في الجلسة النقاشية رفيعة المستوي حول "الدوافع والفرص والدروس لتكامل إفريقيا"، والتي ضمت عددًا من الخبراء وصانعي السياسات رفيعي المستوى، الذين قدموا أفكارهم وتصوراتهم حول التكامل الإقليمي والقاري في إفريقيا. وأضاف: "يجب أن تركز إفريقيا الآن على مواردها الكبيرة ممثلة في شبابها، فلا توجد قارة أخرى لديها مثل هذا التدفق الهائل من العمالة الشابة". مشيرا إلي المهمة الرئيسية لصانعي السياسات في إفريقيا في خلق وظائف منتجة للشباب بمعدل أكبر عما قبل. ويتوقع كولير النتائج الإيجابية لربط البلاد الإفريقية ببعضها البعض بما يطلق إمكاناتها، علي أن يكون هذا الاتصال علي صعيد التنقل المادي والإيديولوجيات السياسية. مضيفًا، أن البلاد الصغيرة محكوم عليها بالفقر ما لم يكن لديها أسواق مفتوحة ومجتمعات حرة، لذا، فإن منطقة التجارة الحرة الإفريقية القارية هي خطوة مهمة جداً إلى الأمام. ومن المتوقع أن تعمل منطقة التجارة الحرة القارية على تعزيز التجارة البينية الإفريقية، بما يصل إلى 35 مليار دولار سنويًا، مما ينعكس علي زيادة التجارة بنسبة 52٪ بحلول عام 2022؛ وتراجع الواردات إلى إفريقيا بما يقدر ب 10 مليارات دولار. وهو ما اتفق معه البروفيسور كلاوس زيمرمان، رئيس منظمة العمل العالمية، قائلا: "إن إفريقيا الآن في الطريق الصحيح، ويجب أن تتحرك في اتجاه منطقة التجارة الحرة الإفريقية، متمسكة بأهم الأوراق الحاكمة للعبة وهي طاقات الشعوب". وفي هذا الصدد، تعهد البنك الإفريقي للتنمية بتقديم الدعم الكامل لمنطقة التجارة الحرة الإفريقية كجزء من إستراتيجية الأهداف الخمسة الأساسية لتنمية إفريقيا. وتوفير استثمارات بأكثر من 20 مليون دولار على مدى السنوات الخمس الماضية لدعم القدرات المؤسسية والبشرية لأمانة منطقة التجارة الحرة القارية، بالإضافة إلى ذلك، يعمل البنك الإفريقي للتنمية على إسراع وتيرة الأثر المملوس لجهوده في خلق فرص العمل للشباب في إفريقيا، والتي تستهدف دعم الدول الإفريقية في التغلب على بطالة الشباب والبطالة الجزئية خلال الفترة من 2016 وحتي 2025. وذلك من خلال توفير 25 مليون فرصة عمل للشباب، فضلا عن تجهيز 50 مليون شاب بمهارات التوظيف وتنظيم المشاريع. وستناقش جلسات المؤتمر على مدار اليومين القادمين كلا من، الأطر الاجتماعية والثقافية والسياسية اللازمة لتحقيق التكامل الناجح، والبناء على إطلاق توقيع اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية هذا العام، وهو أكبر اتفاقية للتجارة الحرة المحتملة في العالم، وتهدف إلى إنشاء سوق واحد للسلع والخدمات في القارة، مع حرية حركة رجال الأعمال والاستثمارات في جميع أنحاء إفريقيا، فضلا عن مناقشة دور القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في دعم هذا التكامل. جانب من المؤتمر الاقتصادي الأفريقي بالعاصمة الرواندية كيغالي جانب من المؤتمر الاقتصادي الأفريقي بالعاصمة الرواندية كيغالي جانب من المؤتمر الاقتصادي الأفريقي بالعاصمة الرواندية كيغالي