أكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة صان موون بكوريا الجنوبية د. محمد البوشيخي أن مسألة تخلي زعيم كوريا الشمالية عن سلاحه النووي الذي بدأ في تصنيعه منذ عام 1958 غير جائزة علي الإطلاق، وربما الأقرب الي الواقع هو وقف للبرنامج النووي لبعض الوقت والبدء في التفاوض مع الولاياتالمتحدةالأمريكية من موقع قوة. وقال د. البوشيخي خلال مائدة مستديرة مع أعضاء الوفد الصحفي المصري خلال زيارتهم لسول أن المطلب الأول للزعيم الكوري الشمالي كيم يونج سيكون حتما حول مطالبته برفع عقوبات المفروضة علي بيونج يانج نهائيا، وضمان حماية أراضيها من أي غزو، وأن يقيم علاقات دبلوماسية مع المجتمع الدولي، والحفاظ علي شرعيته كزعيم لكوريا الشمالية. ويري أستاذ العلاقات الدولية أن كيم يعتقد بأن السلاح النووي بالنسبة هو الضمان الوحيد لاستمراريته، فلحظة تخليه عن السلاح سيسحب منه كل شيء. وقال د.بوشيخي ردا علي سؤال ل"بوابة الأهرام" حول التقارب بين الكوريتين أنه بدأ في شهر فبراير 2018عندما قررت كوريا الجنوبية، استضافة فريق كوريا الشمالية الأولمبي تحت علم مشترك وكان لذلك أثر إيجابي وبداية جديدة للعلاقات، بعدها أعلن الرئيس الكوري الشمالي رغبته في عقد لقاء قمة مع الرئيسين الكوري الشمالي والأمريكي. ومن هنا بدأت مرحلة المفاوضات بين الأطراف الثالثة، مرجعا السبب الحقيقي لطلب الزعيم الكوري كيم للتفاوض أنه حقق الهدف المخطط له بعد أن حصل علي السلاح النووي ونجح في تحقيق قدرته العسكرية في 2017، مع وصول الرئيس الأمريكي ترامب للحكم، وهذا يؤكد أن سياسة كيم مدورسة منذ سنوات، وهي تعرف بسياسية "تشوتشي" أي الاعتماد علي النفس عسكريا وسياسيا واقتصاديا. وحول التقارب الحالي بين الرئيسين الأمريكي والكوري الشمالي ووعود كيم بالتخلي عن سلاحة النووي، يرى د. البوشيخي أنها مجرد تصريحات جوفاء أقرب إلي أن تكون "زوبعة في فنجان"، وأن الإستراتيجية الحالية التي ينتهجها الزعيمان ترامب وكيم هي أعقد من أن يحلها شخص أو دولة. ويعلق د.البوشيخي علي التهديدات الأمريكية بالتدخل العسكري حال إصرار كوريا الشمالية علي البقاء علي سلاحها النووي أن أمريكا لايمكن أن تستخدم القوة العسكرية، فالمعادلة مختلفة ومعقدة، فشمال شرق آسيا توجد روسيا والصين واليابان والكوريتين ف"كوريا الشمالية تعد البوابة الخلفية لروسيا والصين وهي نقطة دفاع ضد أي هجمات خارجية ولاسيما الولاياتالمتحدةالأمريكية". وردا علي سؤال حول رد الفعل الأمريكي في حال تعنت كيم، وهل سيكون سيناريو شبيه بالعراق، قال إن سياسة الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط تختلف كثيرا عنها في كوريا الشمالية، فبالنسبة للشرق الأوسط، يأتي أمن إسرائيل علي رأس أولوياتها، مذكرًا بالصاروخ الذي أطلقته العراق إبان حرب لاخليج الثانية قبل عاصفة الصحراء عام 1991 والذي اعترضته لصواريخ الأمريكية -السعودية، وكان يعد أكبر تهديدا لأمن إسرائيل. كذلك مسألة اهتمام أمريكا بالسيطرة علي منابع تدفق النفط والغاز وهي الأسباب التى تقف وراء غزو العراق. أما بالنسبة لكوريا الشمالية فالخيار العسكري مستبعد تماما والأمر يختلف كلية فالمسألة متعلقة بالصين وروسيا وهما أكبر عقبتين في الشمال، حيث تمثل كوريا الشمالية المنطقة العازلة بالنسبة لهما، وهو ما يجعلنا نسترجع سيناريو 1950، عندما وصلت القوات الأمريكية لنهر "يالو" وهو خط الحدود بين كوريا الشمالية والصين، حيث وصف الصينيون هذا بالعدوان المسلح علي أراضيهم، وقام الزعيم الصيني وقتها ماوتسي تونج بارسال قواته لكوريا الشمالية وحذر الولاياتالمتحدة بعدم الاقتراب عن نهر يالو، إلا إذا كانت تريد خوض حرب شاملة، كما لا يمكن أن تنسي جميع الأطراف المتحاربة العدوان الكوري الشمالي علي الجنوبي عام 1950 حيث خسرت كل من الكوريتين أكثر من 5 ملايين كوري أي أكثر من 10% من مجمل سكان الكوريتين وهي أعلي خسائر منذ الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام، كما قتل أكثر من 40 ألف من العسكريين الأمريكيين في دفاعهم عن كوريا الجنوبية ضد العدوان الكوري الشمالي. وحول طبيعة العلاقات الأمريكية الجنوبية قال: أي لقاء أو مباحثات مع أمريكا من قبل كوريا الشمالية لا بد أن يتم عن طريق كوريا الجنوبية، فهي كالعراب بالنسبة للعلاقات الأمريكية الكورية الشمالية، فكوريا الجنوبية تعد المهندس للمباحثات الجديدة الجارية بين كوريا الشماليةوالولاياتالمتحدةالأمريكية ."وأوضح أيضا أن رغبة كوريا الجنوبية في إبرام إتفاقية صلح مع كوريا الشمالية، ترجع إلي تضررها من فرض العقوبات علي الشمالية، كما أن اجواء التوتر والتهديدات المتكررة بين الكوريتين. وحول انعكاس مشكلة كوريا الشمالية علي الشرق الأوسط أفاد أن مواصلة تطوير كوريا الشمالية أسلحتها النووية يهدد السلام العالمي بشكل عام، ويؤثرعلي الدول العربية بشكل خاص. ولفت الباحث أن هذه التجربة النووية السادسة بالنسبة لكوريا الشمالية تعد خطوة إيحابية من وجهة نظر الزعيم كيم وهو ما جعل بيونج يانج تنضم للنادي الدولي النووي، وأضافت لرصيدها قوة تفاوضية مع الولاياتالمتحدة. وحول بعض أصوات المعارضة في كوريا الجنوبية لابرام أي صلح مع الشمالية دون موافقة البرلمان أفاد أن الشعب الكوري مطمأن للحلف الجنوبي الأمريكي، الذي جاء قويا بمواقفة الشعب عدا بعض الأصوات القليلة، وأي قرار يتخذ في كوريا الحنوبية يجب أن يكون عبر البرلمان، وهو ما تم بالفعل، فالمعيار في أي قرار هو مصلحة المواطن الكوري مع الأخذ في الأعتبار أن الدفاع الكوري الجنوبي يأخذ نصيب الأسد من الميزانية. وبسؤاله عن المجتمع الكوري قال، إنه مجتمع يسير حاليا نحو تحدي شيخوخة السكان حيث سجلت بها أدني نسبة مواليد والسبب أن النساء يفصلن التركيز علي حياتهن المهنية، وهو ما أحدث خللا في التركيبة السكانية، نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها كوريا الجنوبية مع ارتفاع سقف المتطلبات وانعدام الرفاهية الاجتماعية. وعن التوجه الحالي أوضح أن الكوريتين تسعيان حاليا نحو تعاون اقتصادي مشترك وإنشاء مجمع"كي سونج" الصناعي المتكامل بين الشمال والجنوب، كذلك مد خط سكة حديدية وربط كوريا الجنوبية بأوروبا عن طريق كوريا الشمالية وذلك ما تحدد بعد 3 لقاءات قمة بين الشمال والجنوب.