مر عام ونصف العام منذ اندلاع ثورة يناير التي شارك العمال في صناعتها، قبل أعوام من اللحظة التي خرجوا فيها مع الملايين لإسقاط رموز الفساد والاستغلال، في بداية 2011 والآن يشعرون أن الزمن لم يتحرك وأن الأيام لم تمر، وأن مبارك ما زال حاضرا فقد تبدلت الوجوه ولم تتبدل الأحوال. العمال، قلب مصر النابض وماكينتها المعطلة منذ سنوات، يتذكرون اليوم في عيدهم كيف نسيهم قطار الثورة، فبعد 16 شهرا من الثورة التي أطاحت بنظام مبارك، مازال العمال يعانون القسط الأكبر من الظلم والفقر وسوء الحال، وما زالوا يعانون غياب اتحاد عمالي يوحدهم أو قانون منصف يمكنهم على أساسه إنشاء نقابات عمالية يوكلونوها للدفاع عن قضاياهم. "العمال اتظلموا من الثورة رغم انهم كانو أساس الثورة" هذا ما يعتقده فيصل لقوشة القيادي العمالي بشركة غزل المحلة وأحد الداعين لإضراب 6 أبريل الشهير في عام 2008 والذي كان يعتبره البعض الشرارة الأولى لثورة 25 يناير. ويتساءل لقوشة مستغربا كيف للثورة أن تفرز القيادات العمالية نفسها التي ثاروا ضدها في أيام مبارك بينما القيادات التي حركت ماكينة الثورة يتم التنكيل بهم ولم يحصلوا على أي مناصب بعد الثورة؟ "الوضع القائم لا يحمل أي دلالات لمرحلة ثورية أسس لها العمال في وقت سابق" يشرح لقوشة بأن العمال هم الفئة الوحيدة في مصر التي ما زالت تعاني عدم وجود اتحاد عمالي منتخب أو نقابات عمالية تعبر عنها "الاتحاد الموجود هو هو الاتحاد القديم، فين الثورة بقى؟" يعتقد لقوشة أن جماعة "الإخوان المسلمين" هي السبب في بقاء هذه الفئة بدون اتحاد أو نقابة حتى هذه اللحظة مؤكدا "هما ملهمش قواعد بينا، ولو اتعملت انتخابات مش هيكسبوا وعشان كدة بيأجلوها" هكذا يستنكر ما يصفه بتلكؤ البرلمان في إقرار قانون النقابات المستقلة حتى الآن. وينتقد لقوشة بشدة فكرة إنشاء اتحادات عمالية مستقلة قائلا: "كده هيبقى فيه خمسين جهة يتكلموا باسمنا واحنا مش ناقصين تفتيت" ويختتم القيادي العمالي كلامه بتأثر "العمال هما اللي نزعوا الخوف عن مصر كلها ودلوقتي خدوا إيه من الثورة؟ ولا حاجة". المهندس عبد القادر الديب أحد قادة العمال بالإسكندرية الذي واجه تنكيلا وتعسفا بسبب مواقفه أيام الثورة يصف وضع العمال بأنه "سيئ". يتهم الديب جماعة الإخوان المسلمون بتعمد عرقلة إنشاء اتحاد عمالي يجمعهم أو نقابات فرعية تعبر عنهم، "مينفعش يسيبوا النقابات العمالية تفلت من إيديهم ومستنيين لما يكون ليهم قيادات بينا عشان ينجحوا في الانتخابات" هكذا يطرح وجهة نظر مماثلة لوجهة نظر لقوشة مدللا على كلامه بسؤال "قانون النقابات مطلعش ليه لغاية دلوقت؟" على الرغم من أن الديب يتفق مع لقوشة في ضرورة عدم المطالبة بإصلاح أي أوضاع اقتصادية في الوقت الحالي بسبب الوضع المهترئ الذي تعيشه مصر، لكنه في الوقت نفسه يناشد جميع الأطراف التي تعمل لمصالحها أن تعمل باسم العمال، وبينهم من يؤسس للاتحادات العمالية المستقلية مثنيا على نبل الغاية المظهري وملمحا لدونية الغاية الحقيقية المتمثلة في المصلحة الشخصية. ينهي الديب حديثه معلقا مشانق الاتهامات للجميع بتهمة الشروع في إعدام العمال "الثورة معملتش حاجة للعمال، والثوار اتظلموا زي العمال، وكله من المجلس العسكري والإخوان والسلفيين، اللي مش شايفين قدامهم غير إقالة الجنزوري". أما طلال شكر نائب رئيس اتحاد المعاشات والقيادي العمالي فيرى بارقة أمل وسط ظلمة أوضاع العمال مؤكدا أنه على الرغم من عدم إجراء انتخابات عمالية حتى هذه اللحظة "بس العمال ماسابوش مصيرهم في إيد حد تاني وعملوا 600 نقابة مستقلة و46 نقابة تحت التأسيس وهيتجمعوا في مؤتمر عمال مصر الديمقراطي" معتقدا أن مكاسب العمال في تصاعد رغم أن الجميع تناساهم. يوضح شكر: الوضع ملتبس فيما يتعلق بقانون النقابات المحتجز داخل البرلمان مؤكدا أن الخلاف مع الإخوان يتمثل في أن الجماعة تحاول طرح مشروع قانون مشابه للمشاريع التي كان يطرحها النظام السابق والقائمة على فكرة وجود كيان واحد يخضع تحت مظلته كل عمال مصر وهو ما يرفضه العمال "الحقيقة أن المجلس العسكري هو اللي بيحاول يوقف القانون ويعرقله، والدليل أن من 4 مشاريع قوانين لم يصدر ولا واحد منهم لغاية دلوقتي" يختتم مضيفا علامات استفهام لا حصر لها حول مصير الثورة التي لم تصل لمصانع العمال. تعددت الاتهامات وتضاعفت أعداد المتهمين باغتيال أحلام العمال بأن يكون وضعهم أفضل لهم ولصناعتهم ولمصر، ولكن يبقى وضع العمال بعد عام ونصف من الثورة حقوق ضائعة ومصانع تعمل بربع طاقتها، وثورة توقفت عند حدود ميدان التحرير ولم تصل لمن صنعها.