سوريا تحتفي باسترداد 500 قطعة أثرية كانت بحوزة المسلحين في المواقع الأثرية

احتفت وزارة الثقافة السورية والمديرية العامة للآثار والمتاحف، باسترداد 500 قطعة أثرية، كان مسلحو المعارضة قد سرقوها من المواقع الأثرية، في عدد من المناطق السورية، وبعضها يعود تاريخها لأكثر من 10 آلاف سنة قبل الميلاد.
وافتتح في دار الأوبرا للثقافة بدمشق، معرضا تحت عنوان " كنوز سورية مستردة" تضم 500 قطعة أثرية، تم استردادها خلال الأزمة السورية، بالتعاون مع المجتمع المحلي والجهات الأمنية، وعن طريق التعاون الدولي والمنظمات الراعية للتراث، وتنوعت الآثار المستردة، بين تماثيل حجرية وبازلتية، وحلى ونقود فضية وذهبية، وأوني فخارية تعود لعصور مختلفة.
وقال وزير الثقافة السوري محمد الأحمد، في تصريح للصحفيين اليوم الخميس: "إن سوريا كانت مستهدفة بحضارتها وتاريخها وماضيها العريق"، مشيرا إلى أن الإرهابيين الذين كانوا يسيطرون على بعض المناطق الأثرية، كانوا يجلبون كل مرتزقة الأرض، للتنقيب غير الشرعي في هذه الأماكن والخروج بهذه القطع، التي نشاهدها الآن في هذا المعرض.
وأضاف الوزير، إن هذه "اللقى" تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وإلى العصور الحديثة، ومن يرى هذا المعرض، الذي يقام للمرة الأولى في سوريا، يدرك حجم ما تعرضنا له"، مبينا أن الحرب على سوريا كانت حربا تستهدف قطع الصلة بين سوريا والحضارة التي تمتد إلى آلاف السنين.
وأشار، إلى أنه من يرى هذه اللقى والقطع الأثرية والنقود يعرف مدى الغنى الموجود في سوريا، مؤكدا أن الجيش السوري حمى هذه القطع من أن تهرب وتباع في الأسواق المجاورة.
وبين الأحمد، أن هذه القطع لو كانت قد خرجت من المتاحف لكان من السهل تتبع سيرها، ولكن هذه اللقى، كانت نتيجة تنقيب غير شرعي لم نكن ندري ماذا أخرجوا، وماذا نقبوا، وكيف استحوذوا عليها، معربا عن سعادته بعودة هذه القطع إلى مخازنها الطبيعة ووجودها في الأرض التي كانت موجودة فيها.
ولفت الوزير السوري إلى أن الرسالة التي يجب أن نرسلها من خلال هذا المعرض هي، أن سوريا حافظت على حضارتها وتاريخها، مبينا أن فقد الآثار هي مسألة في غاية الخطورة.
من جانبه، أكد الدكتور محمود حمود، المدير العام للآثار والمتاحف، أن هذه القطع الأثرية الموجودة في المعرض تم العثور عليها في مقرات المجموعات الإرهابية المسلحة، بعد أن سيطر الجيش السوري على تلك المواقع.
وقال حمود: "إن المعرض يضم 500 قطعة أثرية من ضمن 9000 قطعة أثرية، كان الجيش السوري وحلفاؤه والأجهزة الأمنية المختلفة باستعادتها من المواقع التي تم تحريرها"، لافتا إلى وجود تنقيبات غير شرعية جرت في المواقع الأثرية، التي كان يسيطر عليها الإرهاب والمجموعات المسلحة في كل المناطق التي سيطروا عليها.
وأضاف مدير عام الآثار والمتاحف، "أن هذه اللقى والقطع الأثرية مهمة للغاية، وأقدمها يعود إلى 10 آلاف سنة قبل الميلاد، وهناك قطع تعود للألف الثانية قبل الميلاد، وهناك لقى أثرية تعود للعصور الإسلامية والعصر الأيوبي والمملوكي، بالإضافة لوجود حلى ونقود فضية وذهبية وأواني زجاجية وفخارية.
وأشار حمود إلى أنه سيعاد عرض تلك اللقى في المتحف الوطني بدمشق، عندما سنقوم بافتتاحه نهاية هذا الشهر الجاري، في 28 من الشهر أكتوبر الجاري.
وبدوره، اعتبر الدكتور فادي سليمان بقسم الآثار في جامعة دمشق، أن الرسالة من هذا المعرض، أنه يأتي في مرحلة تعافي سوريا والانطلاق نحو المستقبل، وهذا المعرض يعبر عن إحساس عال بالفخر للسوريين بأن الكثير من القطع تستعاد إلى أماكنها الطبيعية.
وأضاف سليمان، في تصريح مماثل، أن "المواقع الأثرية خلال الأزمة السورية عانت الكثير من أعمال التخريب وأعمال السرقة والنهب، وتم تهريبها إلى الخارج بوسائل شتى وعبر الحدود المجاورة لسوريا".
وقالت فيلي كيوان، إحدى المشاركات في الترميم للقطع الأثرية: "إن قسم الآثار في جامعة دمشق، ساهم في ترميم بعض القطع الأثرية التي تعرضت للتخريب، وأجرى بعض الدراسات لمعرفة أهميتها وعمرها التاريخي والأثري".
إلى ذلك، قال خليل الحرير مدير متحف مدينة تدمر الأثرية (شرق حمص)، إن تنظيم داعش الإرهابي، أثناء دخول أعضائه إلى مدينة تدمر واستقرارهم لمدة عام فيها، قاموا بتدمير كل المعالم الأثرية سواء قوس النصر أو المعبد المسرح التدميري والمدافن الجنائزية، وذلك لهدف معين، بالإضافة لتكسير عدد كبير من القطع الأثرية التي لم نستطع نقلها أو تحميلها، وهي قطع كبيرة جدا وذات وزن ثقيل"، مشيرا إلى أن تنظيم داعش قاموا بتكسير تلك القطع الكبيرة وسرقة بعضها.
وتابع يقول: "اليوم قمنا باسترداد عدد من القطع الأثرية، وقمنا بترميمها وإعادتها إلى مكانها الطبيعي والقطع التي ترميمها عادت بنسبة 95%، كما كانت قبل تعرضها للتخريب".
وكان مقاتلو تنظيم (داعش) أثناء دخولهم إلى مدينة تدمر الأثرية لأول مرة في العام 2015، ارتكبوا أعمالا تخريبية ووحشية، من بينها قطع رأس مدير الآثار في المدينة خالد الأسعد (82 عاما)، كما دمر أثارا عدة بينها معبدي (بعل شمسين) و(بل).
كما ارتكب التنظيم أيضا، عملية إعدام جماعية ل25 جنديا سوريا على المسرح الروماني.
وتعد مدينة تدمر من أهم الممالك السورية القديمة، التي ازدهرت بشكل خاص عهد ملكتها زنوبيا، وتبعد 215 كيلو مترا شمال مدينة دمشق، و70 كيلو مترا عن مدينة السخنة، وحوالي 160 كيلو مترا عن مدينة حمص ونهر العاصي، وكانت حضارتها تنافس حضارة الإمبراطورية الرومانية القديمة.
يذكر أن سوريا، تعاقب عليها حضارات عدة، وكانت فيما مضى مقصدا سياحيا لكثرة المعالم الأثرية، في معظم المحافظات السورية.