أكد الدكتور حسن محمود الشافعى، رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة، أن اللغة لا ترتقى إلا بنهضة مجتمعية، وأن ثورة 25 يناير 2011 سوف تحرك الذات الحضارية العربية لبعث نهضة كاملة وانطلاقة شاملة فى العلم والسياسة والاقتصاد. وأضاف رئيس مجمع الخالدين فى حوار خاص ل"بوابة الأهرام" أن المجمع سيخصص جوائز تشجيعية للصحفيين والإعلاميين المتميزين تشجيعًا لهم على نشر العربية الفصيحة وسيلجأ لإعمال القانون فى محاسبة من ينتهك حرمة اللغة العربية بما لديه من سلطة قضائية، وفيما يلى حوار رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة ل"بوابة الأهرام" حول قضايا العصر: * وحول تقييمه لثورة 25 يناير 2011 قال: ثورة يناير هى الثورة الحقيقية بعد ثورة 1919، لأن ثورة 1952، حركة عسكرية تحولت بانضمام الشعب أو بعض التيارات الشعبية إليها حركة شعبية عامة أو ثورة، أعتقد أن تقييم ذلك سابق لأوانه، لأن الثورة لم تحقق كل أهدافها بعد، صحيح أنها حققت الكثير من الإنجازات والأهداف لكن يبقى الكثير، فثورة يناير كسرت حاجز الخوف، ولم يعد أحد قادرًا أن يدخل الشعب إلى القمقم مرة أخرى، أيا كانت صفته، وهذا محال أن تعود الأوضاع لسابق عهدها، ولذلك أى رئيس سيأتى لمصر أو أى أوضاع سياسية ستحكم بالنفوذ الشعبى، بمشاكل وليس بسهولة، ولكن سيسود المطلب الشعبى فى النهاية، وهذا هو تقديرى للأمر. وأظن أن الربيع العربى لم يبلغ مداه وسيحتاج إلى نحو عقد أو عقدين من الزمان وستكون الانطلاقة العربية الحضارية قد انطلقت وبدأت تظهر على مستوى العالم، مشكلتنا أننا نتيجة معاناتنا الكثيرة فى العهد السابق نريد نتائج سريعة ويحس بها الجميع، وإن شاء الله بتوحد الأمة والشعوب العربية والجهود العربية، سوف تعيد إلى هذه المنطقة من العالم شكلًا جديدًا وخريطة جديدة لانطلاقة حضارية جديدة، ولن يزيد ذلك بإذن الله عن عشرين عامًا. * وعن دور مجمع اللغة العربية محليًا وإقليميًا وعالميًا، أوضح أن المجمع يضم بين أعضائه وخبرائه مجموعة من أنضج رجالات مصر والعالم العربى علميًا فى التخصصات كافة، المتعلقة باللغة العربية، والمجمع قصى فى طرف من الدنيا لكن عمله فى صميم الحياة العلمية والفكرية والاجتماعية، والدليل على ذلك أن السنوات الأخيرة من عهد مبارك اضطرت أن تصدر قانونًا يعطى للمجمع حق الضبطية اللغوية، فلا تكون توصياته مجرد توصيات وإنما قواعد ملزمة لكل أجهزة الدولة، صحيح أن هذا لم ينفذ بعد، لأننا لسنا جزءًا من الجهاز الإدارى، فنحن أشبه بالمتطوعين، ولا نتقاضى رواتب وإنما مكافآت على عملنا وجلساتنا وتفرغنا، فنحن لسنا جهازًا إداريًا وإنما على استقلال تام شأن الأزهر، وينبغى أن يعلم الجمهور المصرى أن مجمع اللغة العربية هو الهيئة الوحيدة التى لم تتدخل فيها السياسة لا فى عهد مبارك ولا قبله ولا بعده، فقط أقول إن طريقة تنمية المجمع لنفسه وهو أن يرشح اثنان من أعضائه وأن يتم الاختيار بالاقتراع السرى طريقة ديمقراطية بالمعنى الكامل، والمجمع الآن لديه السلطة؛ لكى يقاضى أو يؤاخذ الهيئات سواء الحكومية أو الوزارات أو الفضائيات أو القنوات التليفزيونية أو الصحف التى مثلًا تنشر إعلانًا باللغة الإنجليزية فقط، فلا يجوز الإعلان يافطة بغير العربية وإذا وجد لغة أخرى فتكون بحروف صغيرة تحت الكلمات العربية. والحل الذى أميل إليه هو ألا نرفع سيف القانون فى البداية، وأن نستخدم الإغراء والتشجيع ونكرم الإعلاميين والصحفيين المجيدين للعربية فى أعمالهم وكتاباتهم، وأنا سأعمل على ذلك إن شاء الله، وسنخصص فى المجمع جائزة لأحسن صحفى وأحسن صحيفة وأحسن مذيع وأحسن إذاعة وأحسن قناة وغيرها من الوسائط الثقافية والإعلامية فهى أيضًا أدوات ثقافية وتعمل فى حقل الثقافة، سنخصص جوائز لهؤلاء لتشجيعهم على نشر العربية الفصيحة. * وحول رأيه فى التعليم باللغات الأجنبية وأثر ذلك على هويتنا قال د. الشافعى إن مرضنا الأساسى أننا لا نحترم اللغة العربية وبعض المثقفين يتعلل بعدم تعلمه قواعد النحو وهذا خطأ، ونحن نقول بوجوب تعلم اللغة الأجنبية لكن بعد أن يتمكن الطفل والنشء من لغته الأصلية القومية وهى اللغة العربية، أما أن يهمل تعليم العربية فى المدارس والجامعات ولا يعرف الشاب من لغته وتراثه شيئًا فهذا خطر كبير جدًا، وهذا انقطاع عن العربية وعن مصر وعن لغتنا الأصلية. فاللغة لا ترقى إلا بنهضة مجتمعية، واللغة العربية عندما عمت الشرق العربى كانت عبارة عن حركة حضارية شاملة لها رؤية للحياة ورسالة وكانت تعمل على تحرير تلك المناطق من البغاة والمحتلين، فهذه الحركة التحررية الشاملة الحضارية هى التى حملت اللغة العربية إلى هذه المناطق الإفريقية والآسيوية، مثل هذا التوجه الاجتماعى والاعتزاز باللغة القومية كما يفعل الفرنسيون، فكل من يستخدم كلمة واحدة من الزعماء والسياسيين غير الفرنسية، يعاقب سياسيًا أو ماليًا، وسنلجأ بعد حين إلى استخدام القانون ضد كل من ينتهك حرمة اللغة العربية، سواء كانت فضائيات أو محال أو صحف أو غيرها، وسنحاسب المخالفين قضائيًا وتنفيذيًا.. فالدستور المصرى ينص على أن مصر لسانها العربية وجزء من الأمة العربية، ولا أظن أن هذا سيتغير فى الدستور الجديد.