وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال جلسة "اسأل الرئيس" الذي تم عقدها على هامش المؤتمر الوطني السادس للشباب، بإنشاء مراكز لإعداد وتأهيل الشباب والفتيات المقبلين على الزواج، من خلال محتوى قوي عن احتياجات ومتطلبات تكوين أسرة قوية، نظرًا لارتفاع معدلات الطلاق في مصر في الآونة الأخيرة. وارتفعت معدلات الطلاق وانخفضت معدلات الزواج في ال 10 سنوات الماضية، فبلغت عدد شهادات الطلاق 198269 شهادة في عام 2017 مقابل 1902079 شهادة في عام 2016، بنسبة زيادة قدرها 3.2% ، بينما بلغ عدد شهادات الزواج في عام 2017 إلى 912606 عقدا مقابل 938526 عقدا في عام 2016 بنسبة انخفاض قدرها 2.8%، وذلك بحسب ما أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. ويمثل ارتفاع نسبة الطلاق في مصر هاجسًا مستمرًا للدولة حيث أصبحت مصر الأولى عالميا في معدلات الطلاق، وهناك 20 حالة طلاق في الساعة الواحدة، أي ما يعادل 170 ألف حالة سنويا، وفق إحصائيات الأممالمتحدة. وفي هذا السياق أشادت الدكتورة أسماء عبد العظيم، استشاري العلاقات الأسرية، بقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإنشاء مراكز لإعداد وتأهيل الشباب المقبلين على الزواج، وقالت إن المجتمع في حاجة ملحة لمثل هذه المراكز، حيث إنها سوف تجعل الشباب يقبل على الزواج وهو مؤهل بشكل جيد للحياة الجديدة، ويعرف كيفية التعامل مع الطرف التاني كما أنها سوف تساعد الشباب على معرفة كيفية حل المشاكل الزوجية بطرق سليمة ومتقدمة. وأضافت استشاري العلاقات الأسرية ل"بوابة الأهرام" ، أن معظم الشباب يحتاجون إلى زيادة نمو الذكاء العاطفي، وإدراك أن كل طرف فيهم لديه مميزات وعيوب، وعليه أن يتقبل هذه العيوب وعدم انتقاد عيوب الطرف الآخر، كما يجب زيادة وعي الشباب بأن الزواج مسئولية لابد أن يتقبلها، نظرًا لأن معظم المشاكل القائمة بعد الزواج تكون بسبب المسئولية. وتابعت أنه يجب القضاء على مشكلة تأخر سن الزواج للشباب، نظرا أن معظم الشباب والفتيات أصبحت لديهم مشاعر كراهية تجاه فكرة الزواج، والسبب الرئيسي في ذلك الأمر الحالات المحيطة بهم التي تؤدي إلى تعقيد الشباب من الزواج، مشيرة إلى أن نجاح هذه المراكز في تأهيل الشباب للزواج يعتمد على الاستعانة بمدربين مختصين وإستشاريين، على درجة كافية من الإرشاد الأسري، ولديهم أدوات وأساليب كافية تجعل الشباب مقبلا على الزواج، أي يجب تأسيس المراكز بحرفية. وأكدت استشاري العلاقات الأسرية، أنه يجب ألا تقتصر فكرة المراكز على محافظة واحدة أو عدد منها، بمعنى أنه لابد من توفير مراكز لتأهيل الشباب على الزواج في جميع المحافظات، ليسهل على جميع شباب الجمهورية حضور الدورات، وأن يتم توفير برامح توعية في الإعلام لتحفيز الشباب على الحضور في المراكز، كما يجب أن يتم زيادة وعي المواطنين من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة نظرا لأنها تتوافر في كل مكان وسريعة الانتشار. ثورة على العادات والتقاليد وأشارت "عبد العظيم"، إلى أنه يجب عمل ثورة على العادات والتقاليد، بحيث أنها تتسبب في معظم حالات الطلاق في الدولة، وتوقعت أن يكون هناك إقبال كبير من الشباب والأزواج على المراكز، بحيث أن الكثير من الشباب مدرك بأنه يحتاج إلى زيادة وعي ومعرفة كيفية حل المشاكل الزوجية، مضيفة أن الطرفين مسئولان عن نجاح الحياة الزوجية، ويجب أن يكون الطرفان لديهما قابلية للاستماع والتوجيه. ونوهت أنه من الأفضل أن يكون الإقبال على هذه المراكز إجباريا قبل الزواج، بحيث لا يكون شرط إتمام الزواج هو تأهيل الطرفين للزواج، وذلك لأن بعض الأشخاص لديهم اضطراب نفسي فيرفضون هذه الفكرة، لافتة إلى أن تأهيل الشباب قبل الزواج سيساعد على خفض نسب الطلاق في المجتمع، وتهذيب سلوك الزوجين وتعديل اتجاهاتهما من ناحية الزواج بشكل عام، والاحترام المتبادل بين الطرفين. الفهم الخاطئ للزواج فيما قال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، إن الفهم الخاطئ للزواج يتسبب في حدوث صدام بين الطرفين بعد الزواج، حيث أن الواقع يختلف تماما عن الصورة المكونة في مخيلاتهم، لافتا إلى أن تسرع الكثير من الفتيات في اتخاذ قرار الزواج لرغبتهن في الزواج فقط أو الإنجاب أو مجرد أن تكبر في السن والفتيات في سنها تزوجن، وكذلك بعض الشباب يخضعون لقرار الزواج لضغوط الأهل أو بلوغه سن 35 وغيره، فيؤدي ذلك التسرع إلى اختيار شريك حياة غير مناسب، مما يزيد حالات الطلاق السريعة. وأضاف صادق ل"بوابة الأهرام" أنه يجب أن تكون المراكز قائمة من خبراء متمكنين في حل المشاكل الزوجية في المجتمع المصري، ولابد أن يكون الخبراء متخصصين وذوي فكر حديث ومتقدم، نظرا لأن مفاهيم العصر الحالي تختلف عن القرون الوسطى وأهل الكهف، لذلك يجب تدريب الخبراء جيدا لكي يؤهلوا الشباب بشكل صحيح على معالجة الحياة الزوجية. وأكد أنه من الصعب أن يكون هذا الأمر إجباريا، وذلك لأن التأهيل لا يتم باستخدام العنف أو الإجبار، لافتا إلى أن الإعلام له دور كبير في زيادة وعي الشباب عن طريق عمل برامج لرفع الوعي، وقصص هادفة تناقش المشاكل الزوجية وكيفية معالجتها بطرق متحضرة وبعيدة عن الأساليب المبتذلة، ويستحسن أن تكون الحالات الموجودة في القصص من المشاكل الشائعة في المجتمع. وتابع أستاذ علم الاجتماع، أن الشباب غير معتادين على تحمل المسئولية، فهي أولى المشاكل التي تواجه الزوجين في بداية حياتهما، مشيرا إلى أن الفجوة الثقافية التي توجد بين بعض الأزواج واختلاف المستويات تؤدي إلى عدم توافق الطرفين، منوها أنه يجب توفير خدمة هاتفية تقدم حلولا للمشاكل الزوجية، أو من خلال موقع إلكتروني يتم شرح طرق حل مشكلة كل شخص بطرق علمية، مؤكدا أنه يجب على الشباب معرفة الفرق بين الزواج والعزوبية. وتقول الدكتورة صافيناز المغازي، أستاذة علم النفس والصحة النفسية بجامعة عين شمس، إنها قامت بعمل مركز لتأهيل الشباب على الزواج وحل المشاكل الزوجية منذ 4 سنوات، وبعد توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بإنشاء مراكز لتأهيل الشباب على الزواج، قررت أن تنشر هذه الفكرة وتطور المركز الخاص بها، لافتة إلى أن المركز قام بحل وإصلاح الكثير من المشاكل الزوجية، وأن هناك استجابة من الشباب بشكل كبير ويتابعون باستمرار. وأوضحت أستاذة علم النفس في تصريحات ل "بوابة الأهرام" أن الدورات في المركز مكونة من 15 جلسة، يتم الاستماع من الطرفين وتأهيلهما لحل المشاكل وتوفير الحب والاحترام المتبادل بينهما، فيتم دراسة العلاقة وخلال ال 15 جلسة يتم حل كل المشاكل الزوجية، ثم يتم متابعة الأشخاص شهريا وتوجيه النصائح لهم بشكل دائم، وأضافت أن معظم المشاكل تنتج من الأمور الاقتصادية، وخاصة فترة التجهيز للزواج يكون هناك اضطراب نفسي بسبب المصروفات في هذه الفترة، واختلاف الآراء بين الطرفين، لذلك فإن المراكز تقوم بتمهيد الشباب للحياة الزوجية وزيادة وعيهم لتمكنهم من تقبل الآراء، لافتة إلى أنه يجب تغيير ثقافة المجتمع وعدم النظر للأمور بسطحية، لافتة إلى أن المشاكل الزوجية بعيدة عن النصوص الدينية لذلك فإن أهل الخبرة في هذه الأمور هم علماء النفس والاجتماع. وتابعت أنه يجب وضع خطة واضحة لضمان نجاح المراكز، وتشمل تشجيع وتحفيز الشباب على حضور الدورات، منوهة أنه تم إنشاء هذه المراكز في ماليزيا ونجحت نجاحا كبيرا وأدت بالفعل إلى خفض نسب الطلاق في الدولة، لذلك فإن نجاحها مضمون، لافتة إلى أنه يجب عدم تدخل الأهل في المشاكل الزوجية لأنهم يتسببون في تضخم المشاكل التي تصل إلى الطلاق. رخصة زواج وأكدت أستاذة علم النفس، أنه يجب إقناع الشباب بحضور دورات التأهيل للزواج وليس بالإجبار، لافتة إلى أنه من الأفضل أن يتم تعميم هذه الفكرة وأن يحضرها كل الشباب، ولكن إذا قام بالإجبار يمكن أن يتحول الأمر لسبوبة فيدفع بعض الأشخاص مقابلا ماديا حتى لا يحضر الدورات، لذلك إن أسلوب الإقناع وتشجيع الشباب على الحضور هو الأفضل، ويحصل على رخصة الزواج من المراكز. وأضافت أن هذه المراكز سوف تعمل على تقليل نسب الطلاق في المجتمع، ويجب أن يواكب هذه المراكز عملية توعية في الإعلام المسموع والمرئي والتواصل مع الشباب لحل مشاكلهم، مشيرة إلى أنه يجب تدريب الخبراء وإقتناعهم بمدى أهمية القضية، لأن حالات الزواج الفاشل هي عبارة عن قنبلة موقوتة تهدد الدولة.