كأنها كانت تعلم أن نهايتها تقترب، كانت توقن بطبيعتها المتدينة أن وفاتها ستأتي لا محالة، ولكن بأي طريقة، وفي أي أرض ستموت، تلك الفتاة التي وصفت بجمال الخلق والخُلق، صوتها العذب في تلاوة القرآن كان طريقاً سهلاً لدخولها قلوب الجميع، لم تكن تتخيل أنها ستكون ضحية وساوس الشيطان التي زُرعت بعقل الجاني، ويقرر شنقها داخل مسكنها والسبب.. سرقة هاتفها المحمول!. في واحدة من جرائم القتل التي يتوقف العقل علي أعتابها في ذهول تام من هول الفاجعة التي شهدتها منطقة المثلث بالحي العاشر بمدينة نصر، بعدما عثر الأهالي علي جثة فتاة عشرينية العمر ملقاة علي أرضية الشقة السكنية التي تقيم فيها منذ ما يقرب من شهرين، وملفوف حول عنقها قطعة قماش "إيشارب" كانت أداة ارتكاب الجريمة. التقي محررا "بوابة الأهرام" بعدد من جيران المجني عليها، وشهود العيان في الواقعة التي أثارت الرعب في قلوب ساكني المنطقة بوجه خاص، والآلاف من طالبي العلم بجامعة الأزهر. "أسماء كانت بنت كويسة وطيبة مشوفتش منها حاجة من يوم ما سكنت جمبي" بدموع الألم، بدأت إحدي السيدات من قاطني العقار الذي وقعت به الجريمة حديثها، مشيرة إلي حسن الخلق التي كانت تمتاز به المجني عليها، بالإضافة إلي حسن الخلقة والجمال التي أنعم بهما الله عليها، منوهة، إلي أنها منذ الشهرين أتت المجني عليها للمكوث في شقة بالعقار، استأجرتها من أحد مكاتب تسكين المغتربين بالمنطقة، ويقيم بها عدد من الفتيات المغتربات من العاملين والطلاب، لكنها كانت غير قريناتها من الفتيات، لم تكن من ذوي الصوت العالي، قائلةً "كتير كنت بتخانق مع البنات علشان الصوت العالي والهزار... إلا أسماء كانت بنت في حالها ملهاش صوت.. ربنا يرحمها". تتذكر "أم أحمد" لقاءها بالمجني عليها علي سلم العقار قبل الواقعة بعدة أيام، قائلة "طلبت منها تلاوة بعض من آيات القرآن الكريم، بعدما سمعت صوتها ذات مرة أثناء تلاوتها للقرآن في شرفة الشقة، لتبادلني هي بابتسامتها، وتعتذر مني قائلة "يوم تاني هجيلك ونقرأ سوا القرآن.. لكن حاليا أنا رايحة الشغل.. سلام عليكم". أما عم "رجب" أحد سكان المنطقة، إن هذا الحي بالذات يعرف عنه كثرة تواجد المغتربين من جنسيات مختلفة، وخاصة الطلاب، فهنا يوجد الطلاب المصريين والماليزيين والأفارقة، ولكن لم أسمع عن تعرض أحد السكان الأصليين لهؤلاء المغتربين، الأمر الذي أدهشنا جميعا بعدما علمنا بوقوع مثل تلك الجريمة، ولكن مع اكتشاف الحقيقة تأكدنا من أن المتهم ليس من سكان المنطقة، وأنه يعمل كسائق توك توك بالمنطقة. وأضاف "رجب" قائلاً "، كثيراً ما كنا نسمع أصوات الفتيات وصراخهم علي سبيل الهزار كعادة الطلبة بالمنطقة، ولكن في يوم الواقعة وفي تمام الساعة 4:30 عصراً سمعنا صراخ إحدى الفتيات داخل الشقة، ولكنني لم أبدي أي اهتمام كغيري من السكان لكثرة حدوث ذلك من الطلاب المتواجدين بالمنطقة قائلا "كنا فاكرينهم بيهزروا كعادة الطلبة"، ولكن في ثوان دقائق معدودة إزداد الصراخ عن حده المعتاد، ليترك الكل ما بيده مسرعين إلي مصدر الصوت، ويفاجأ الجميع بالصدمة التي أثارت الرعب وفي قلوب الجميع". ومن جانبه، قال "محمد" أحد شباب المنطقة، وشاهد عيان "أول ما سمعنا صوت الصريخ، جرينا نشوف في إيه، ولكنه كان مشهدٍ مروع فتاة لم تتجاوز الواحد وعشرين عاماً العمر ملقاة علي الأرض، بعدما لفظت أنفاسها الأخيرة علي يد قاتلها، وبها كدمات بسيطة بالوجه، وملتف حول عنقها قطعة قماش "إيشارب" التي استخدمها الجاني في ارتكاب جريمته". أضاف "محمد" قائلًا "أسرع أحد الجيران في الاتصال بالنجدة، والتي فور وصولها لم تتمكن من إنقاذ الفتاة، حيث لقيت حتفها فوراً وفي غضون لحظات، وحاول الجيران إسعاف الفتاة صديقة المجني عليها، والتي فقدت وعيها من الصدمة، لمحاولة معرفة ماذا حدث، ولكنها لم تكن في حالة تساعدها علي الكلام، وكل ما تلفظت به أن المجني عليها كانت تعتاد علي الذهاب إلي العمل كل صباح، إلي هذا اليوم المشئوم الذي شعرت فيه بتعب خفيف لتقرر المكوث بالشقة لترتاح، ولكنها لم تكن تعلم أن راحته تلك ستكون أبدية بيد الغدر التي شنقت عنقها بثمن رخيص، وتفقد الفتاة حياتها مقابل هاتف محمول، بعدما قرر الجاني سرقة شقة الفتاة، ولكنه وبعد صعوده الشقة شعر بوجود أحد الأشخاص، فقرر الترصد له وقتله لعدم افتضاح أمره، وكانت النهاية، حيث قام باستخدام "إيشارب" موجود بالشقة ولفه حول عنق الفتاة، وبسبب صغر حجمها، وضآلة جسدها، كان الأمر سهلاً عليه لينفذ جريمته دون أي مقاومة". كان قسم شرطة مدينة نصر أول، تلقي بلاغا من الأهالي، يفيد العثور علي جثة فتاه مشنوقة داخل مسكنها بمنطقة الحي العاشر بدائرة القسم. وعلي الفور، تم عمل التحريات اللازمة حول الواقعة، وتبين أن سائق توك توك كان وراء ارتكاب الجريمة، بدافع السرقة، وتبين أن من ضمن المسروقات هاتف المحمول الخاص بالمجني عليها، والذي تم استهدافه، وعن طريقه تم تحديد مكان المتهم، وتم القبض عليه، وإحالته للنيابة.