لا يمكن في ذكرى ثورة 23 يوليو، أن ننسى ذلك الصوت الرصين، المتحدث بلغة فصيحة، والذي وقع الاختيار عليه لإذاعة بيان الثورة، البطل الغائب بجسده، الحاضر بتاريخه المشرف، الرئيس الراحل محمد أنور السادات. حياة السادات تخرج محمد أنور السادات، ابن قرية ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية، في الأكاديمية العسكرية عام 1938، وانضم إلى حركة الضباط الأحرار التي ثارت على حكم الملك فاروق الأول عام 1952. تقلد "السادات" عدة مناصب كبرى في مصر، منها وزير دولة (سبتمر 1954)، ورئيسًا لمجلس الأمة، (يوليو 1960 - سبتمبر 1961)، ورئيسًا لمجلس الأمة لفترة ثانية (مارس 1964 - نوفمبر 1968)، كما اختاره الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، نائبًا له حتى وفاته في 28 سبتمبر 1970، ليتقلد بعدها منصب رئيس الجمهورية. وثّق السادات أحداث الثورة في كتابه "البحث عن الذات"، الذي سرد بين دفتيه قصة حياته، وتحدث في فصلين من الكتاب عن "العمل من أجل قيام الثورة والثوار"، سرد فيهما أبرز أحداث الثورة، ودوره فيها كأحد أعضاء مجلس قيادة الثورة. الرئيس المؤمن هو اللقب الذي أطلقه أهل قريته على الرئيس السادات، فهم يكنون له الحب والتقدير والوفاء، والذي تستطيع أن تلمسه روحك، بمجرد نطق اسمه أمام أحد أهالي قريته، فقد أتم الرئيس الراحل حفظ القرآن الكريم في عمر 9 سنوات، على يد الشيخ عبدالحميد عيسى، وكان السادات يُجله كثيرًا، حتى أنه صنع له كرسيًا خاصًا ليكون أعلى منه في جلسته خلال زيارته لميت أبو الكوم، بعد أن أصبح رئيسا للجمهورية، كما قطع السادات إحدى زياراته الدولية لحضور جنازته. منزل السادات منزل السادات بقرية ميت أبو الكوم، شُيد على مساحة 11 فدانًا، ليصبح متحفًا يضم بين أركانه مقتنيات الرئيس الراحل الشخصية، وعددًا من الصور النادرة للرئيس مع أسرته، وأخرى مع زعماء العالم حينذاك، وأيضًا صورًا للقاءاته التي اعتاد أن يعقدها مع أهالي القرية خلال زياراته. الغرفة الذهبية خصصت السيدة جيهان السادات، قرينة الرئيس الراحل، مكانًا خاصًا داخل المتحف؛ لوضع المقتنيات الخاصة للرئيس البطل، أُطلق عليه "الغرفة الذهبية"، ضمت ملابس الرئيس الراحل، حتى زي الاغتيال الملطخ بدمائه، وسجادة الصلاة الخاصة به، والسبحة، ومصحفه الخاص، و"بايب" السجائر والكبريت، وماكينة الحلاقة، وفرشاة أسنانه.
زوار منزل السادات سامح الشحيمي، أمين متحف السادات بميت أبو الكوم، أكد أن المتحف يستقبل 18 ألف زائر سنويًا، بينهم 8 آلاف زيارة من الدول الأوروبية، كما يضم المتحف مكتبة رائعة، تضم كتب السادات، وأهم مؤلفاته ككتاب "البحث عن الذات"، الذي خصص إيراداته لتطوير قريته، الأمر الذي أحدث طفرة بالقرية، حتى إنها كانت تضم من الخدمات ما لم يتوفر في المدن حينذاك، كما تضم المكتبة بعضا من المقالات والمؤلفات التي تحدثت عن السادات، ودهائه السياسي الذي أبهر العالم. أهالي القرية أكدوا أن الرئيس السادات كان يعقد بعض اجتماعاته المهمة مع رؤساء وزعماء العالم بالقرية، حرصًا منه على تخليد اسم القرية، وعشقه الكبير لها، مشيرين إلى أن السادات شيد بيوتا للفلاحين بنفس الطراز، وتمتعت بالخدمات والمرافق، حتى إن بعضها تم ترفيقه بتكنولوجيا الطاقة الشمسية، موضحين أن السادات آمن بمبادئ ثورة يوليو، وطبقها في حياته، حتى إنه كان يفضل الجلوس مع فقراء القرية ليعرف مشكلاتهم، ومطالبهم، للعمل على حلها.