أشاد خبراء الاقتصاد والاستثمار، بموافقة مجلس النواب على مشروع القانون المقدم من الحكومة بإنشاء صندوق سيادى لمصر نهائيًا. وأكدوا أن الصندوق المصري يمتلك ميزة كبرى تختلف عن الصناديق السيادية العالمية، في أنه يعتمد على الأصول التي تملكها الدولة، وليس على الأموال. وأشاروا إلى أن وجود صندوق سيادي مصري، يعزز من جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية والتي على رأسها الصناديق السيادية العالمية خاصة الصناديق الخليجية، فضلاً عن أنه سيعمل على فتح الأبواب لإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام، وتأسيس مشروعات جديدة. وينص مشروع القانون على إنشاء الصندوق بموجب قانون خاص، لتمكينه من العمل وفقًا لمعايير واضحة، لاسيما وأن لمثل هذا الصندوق ممارسات وحقوق مختلفة في بعض الأوجه عن الشركات التجارية، ومنها على سبيل المثال سلطة الدولة في نقل ملكية بعض أصولها للصندوق لاستثمارها. ويبلغ رأسمال الصندوق 200 مليار جنيه، ما يؤكد قوة وحجم وملاءة الصندوق، بينما يبلغ رأس المال المصدر نحو 5 مليارات جنيه تسدد من الخزانة العامة وتدفع منه عند التأسيس مليار جنيه، وتسدد الباقى وفقًا لخطط محافظ الاستثمار المقدمة من الصندوق خلال 3 سنوات من تاريخ التأسيس. ولا يعمل الصندوق على خصخصة شركات قطاع الأعمال، بل يهدف إلى العمل مع الكيانات الحكومية المختلفة لتعظيم العائد من أصول هذه الكيانات وتطويرها، وذلك عن طريق تكوين شراكات مع القطاع الخاص لتحقيق نمو حقيقي في جميع القطاعات فى السوق المحلية. وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور ياسر عمارة، إن الأصل في تأسيس الصناديق السيادية، هو الاعتماد على فوائض مالية، بحيث يتم استثمارها في مجالات مختلفة، فمثلاً دول الخليج مثل السعودية والإمارات والكويت، لديهم فوائض مالية من النفط، وبالتالي كل منها لديه صندوق سيادي، يستثمر هذه الأموال في مجالات متنوعة. وأضاف في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، أن في أوروبا وفي دولة مثل النرويج، الصندوق السيادي لديها يستثمر من خلال أموال معاشات الأفراد هناك. أوضح أن الاختلاف في حالة الصندوق السيادي المصري، أنه لا يعتمد على الأموال بشكل رئيسي، ولكن لديه ميزة كبيرة للغاية، هي الأصول غير المستغلة التي تمتلكها الدولة، حيث سيتم نقل ملكيتها بالكامل للصندوق، من أجل إعادة هيكلتها واستثمارها. وأشار إلى أن السوق تعاني منذ زمن بعيد، تعدد جهات الولاية على أراضي الدولة، ما بين المحافظات والمحليات والوزارات المختلفة، ومن ثم الصندوق السيادي سيقضي على هذه العشوائية فيما يخص جهات الولاية على الأراضي، حيث ستعرض كل جهة الأراضي غير المستغلة على الصندوق، كما أن من أهم المزايا لوجود هذا الصندوق هو أن سيسمح بضم الأصول غير المستغلة بقيمتها العادلة. ولفت إلى أن وجود الصندوق السيادي، يعزز من جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، خاصة الصناديق السيادية الكبرى من دول الخليج وغيرها، ما سيعمل على تحسن المؤشرات الختامية للدولة والذي سيظهر في تقليل عجز الموازنة العامة للدولة. ونوه بأن تحديد رأس المال المصدر للصندوق بنحو 5 مليارات جنيه تسدد من الخزانة العامة وتدفع منه عند التأسيس مليار جنيه، خطوة تعمل على تنمية أصول الدولة قبل عرضها للاستثمار، مشيدًا برأس المال المرخص والذي يقدر بنحو 200 مليار جنيه، متوقعًا أن ينمو عقب بدء الصندوق في الاستثمار وأن يصل إلى تريليون جنيه. ومن جانبه، قال الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة القاهرة، إن تأسيس الصندوق السيادي المصري "خطوة" إيجابية طال انتظارها، خاصة أنه يختلف عن الصناديق العالمية في أنه يعتمد على الأصول وليس النقود. وأضاف في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، أن الصندوق سيعمل على إعادة هيكلة أصول الدولة غير المستغلة، حيث ستؤول إليه كل الأصول غير المستغلة التابعة للوزارات المختلفة والهيئات والمحافظات، كما أنه يعزز من تطوير شركات قطاع الأعمال التي تحتاج إلى إعادة هيكلة. وأوضح أنه سيترتب على وجود الصندوق دمج الأصول معًا أو تأجير بعضها، واستثمار البعض الآخر، وهي وسيلة تعزز من توفير الأموال، للتوسع في تأسيس مشروعات جديدة بقطاعات مختلفة، لافتًا إلى أن تمتع الصندوق بالسلطة في الحصول على الأصول غير المستغلة، يعزز من نجاحه، خاصة أن المسئولين في الوزارات المختلفة يرغبون في الاحتفاظ بالأصول حتى لو كانت غير مستغلة. وقال نورالدين محمد، خبير إدارة الأصول، إن فكرة الصندوق السيادي، تقوم على تجميع الأصول الحكومية غير المستغلة في الدولة، وهي فكرة إيجابية للغاية، بشرط احترافية الإدارة، فحسن إدارته تسهم في خروج المشروعات الحكومية من عثرتها. وأضاف في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، أن وجود الصندوق السيادي يعزز من جذب مؤسسات أو مستثمرين أجانب للاستثمار في مصر، ما سيعمل على تحقيق طفرات كبرى بمختلف الأنشطة، ومن الممكن أن تحدد أتعاب إدارة الصندوق، وفقًا لما سيحققه الصندوق من أرباح. يشار إلى أن فكرة إنشاء صندوق سيادي مصري، جاءت أسوة بالصناديق السيادية التي أُنشئت في بعض الدول مثل الصين وسنغافورة والنرويج والإمارات والسعودية، وكان لإنشائها مردود إيجابي على اقتصاديات تلك الدول.